بقلم / احمد الشاوش
كل المعارك والحروب والتصريحات الاقتصادية العالمية تؤكد ان القوى المهيمنة في عالم اليوم تُجسد مقولة " الكبير كبير والنص نص والزغنن مانعرفوش" ، وان القوة الجبارة وسياسة الترويع والتهديد والتلويح بسلاح العقوبات وكرباج " الارهاب" أصبح بمثابة العصاء الغليظة لقمع الحكام وتركيع الشعوب وانتهاك سيادة الاخرين.

ولنا في دول الخليج مثال حي على عربدة الرئيس ترامب ، التي فتحت له خزائن دول النفط رهبة مقابل البقاء والحماية ليؤكد ان الغرور والطغيان صار لغة العصر ولسان العم " سام " الذي يريد ان يُسيطر على خزائن وثروات وأسواق وبطون العالم.

كما ان تصريحات ترامب الاخيرة في التحفظ على نفط سوريا وبيعة لدعم المليشيات الارهابية بكل وقاحة يكشف الوجه البشع لسمعة امريكا التي دعمت القاعدة في افغانستان وداعش في سوريا والعراق وليبيا لتدمير البنى التحتية والقضاء على أي تنمية صناعية واقتصادية واستثمارية دون أدنى احترام للقوانين والاتفاقات التجارية الدولية.

لذلك ينظر العالم للرئيس ترامب على انه المتمرد على القيم الاخلاقية والتقاليد الديمقراطية والاكثر توحشاً واستغلالاً وابتزازاً للعالم ، بخلاف زعماء أمريكا السابقين الذين تحلوا بالسياسة والدبلوماسية والحكمة والقيم الديمقراطية، لان اللوبي الصهيوني يرى في ترامب الشخصية المتوحشة والمضطربة والاكثر حماقة ونرجسية التي ستُحقق مطامعها في نهب ثروات العرب وتحويلهم الى امارات واسواق للبضائع الامريكية ، وإزاحة أي قوة اقتصادية منافسة في عالم اليوم حتى لو كانت الصين وروسيا واليابان واوروبا وكوريا والهند وتركيا.

ورغم ذلك الطغيان إلا ان الدول الصناعية تمضي بإرادة وثقة كبيرة في تحقيق استراتيجياتها رغم العواصف العاتية ونثرات البيت الابيض التي حولت العالم الى جحيم ، بعيداً عن منطق العقل ولغة السوق التي تقول ان التنافس الشريف والسلعة الجيدة والمواصفات العالية والثمن المعقول هو المدفع القوي في عالم الاستثمار والتصنيع والتسويق والبيع والشراء.

ورغم ان العلاقات الدولية تُبنى على الاحترام المتبادل وتعزيز الثقة والمصالح الاقتصادية وتفعيل العمل الدبلوماسي والسياسي والتلاقح الثقافي بما يساهم في الانتعاش وحفظ الامن والاستقرار والسلام الدوليين ، إلا ان الواقع مع الاسف الشديد يكشف لنا على مدار الساعة الخلل الكبير في العلاقات الدولية وان العالم يسير الى الهاوية في غياب العقل والحكمة والاتزان والتوازن والقيم والاخلاق والتنافس الشريف.

كما ان عفط الاقتصاد الدولي المتمثل في الولايات المتحدة الامريكية بما يملكه من قوة اقتصادية وعسكرية مدمرة وتكنولوجيا مذهلة وسياسة ماكرة ودبلوماسية قاتلة واستراتيجية طامعة حولته الى قاطع طريق يبتز الملوك والامراء والرؤساء والمؤسسات والشركات ورجال الاعمال تارة ببندقيته وأخرى ببنادق وأموال ادواته تحت عناوين وذرائع وحجج واهية.

واذا كانت الدول الاقتصادية الكبرى وفي طليعتها امريكا مصابة بشلل الاعفاط وهيمنة رؤوس الاموال ، فإن الدول العربية ستظل تعاني من شلل الاطفال " الحكام" وتغييب العقل ونزيف المسؤولية وحمى التبعية ، وغياب الابحاث والتداول السلمي للسلطة والقيم الديمقراطية واستثمار الانسان والمضي في ثورة علمية وتنمية اجتماعية واقتصادية تخرجها من آفات التخلف والجهل والفقر والبطالة والكراهية الى المستقبل الآمن عبر قطار العلم والاستثمار والصناعة والمنافسة بدلاً من استيراد الابرة والصاروخ او قاعدة انا ومن بعدي الطوفان.

Shawish22@gmail.com

نقلاً عن مجلة عالم المال

حول الموقع

سام برس