بقلم/ احمد الشاوش
يُردد عقلاء وبسطاء اليمنيون كلمة "ارزاق مشوه على البكارة" ، ايماناً بعدالة السماء في توزيع الارزاق ، فسبحان مقسم الارزاق الذي فضل بعضهم على بعض في الرزق.

فالبعض منذ ولادته خُلق بفمه ملعقة من ذهب ، ومولود يبحث عن قطعة ملابس تلف جسده وآخر يُلف بالحرير وخيوط الذهب ، وميت بحاجة الى كفن وشخص يُدفن بالجواهر والاموال ، وثالث يبحث عن قطعة خبز وشربة ماء وبجواره غني يصرخ من ألم الافراط في الاكل والشرب ، وشخصية روحيه تُبنى لها القباب والاضرحة بالملايين وآخر لا يجد قيمة حفر القبر ، وفقير يكد ويشقى طوال اليوم للحصول على قوت أولاده بالكاد ، وشيطان يحصل على مليون دولار في دقائق بمكالمة هاتفيه ، ومشرف يخزن يومياً بثلاثين الف ريال وفقير يحصل على كنز فينتشله من الحضيض الى السماء وغني يتحول الى فقير في يوم وليله وهكذا هي الارزاق والاقدار والحظوظ العجيبة .

وأعجب من ذلك ان ترى لصاً يلهف رغيف خبز للبقاء واسرته على قيد الحياة ويمضي بقية عمره في السجن المركزي بتهمة السرقة ، بينما سياسي محترف يلهف لقمة الملايين تُرفع له القبعات ، وشيخ متخصص في نهب الاراضي تدنو منه الرقاب وخبير في لطش التلفونات قبل ان يرتد اليك طرفك ، ونشال اتوماتيكي يقص الجيوب كما يقص الماس الزجاج دون أن تدري ، وآخر متخصص في " فرتشت " أكوات المخزنين ، وسمكري في تشليح السيارات ، وعيلوم في فتح الابواب وقرصان في فك الخزنات الحديثة ويقلك عطفه رزق!!؟.

وتصل عدوى " الارزاق" الى دكتور متخصص في تشليح الاعضاء البشرية ومخبري مواده منتهية يزود بمرض جديد، وموظف محترم يمد يده للذي يسوى ومايسوى في غياب وسرقة الرواتب وأمراءه تبيع شرفها بسبب الجوع وفقد عائلها الوحيد ، و" خمار" يبيع ارباع وانصاص للحصول على الكسب السريع ، ومخرب يتاجر في توزيع المبيدات السامة والمخدرات القاتلة وعميل يتفاخر بالارتزاق تُرسل له الدولارات عبر البنوك والصرافين وشخصيات كبيرة عيني عينك ، وامين مخازن " لذع " ومتخصص في نهب الاسلحة والذخائر والنهاية التقرير ماس كهربي ، وقاضي يلغم حكم بإضافة حرف أو كلمة بالملايين ويقفز الى العلالي ومحامي يصور للغريم وثائق موكلة وكل شيء بحسابه ومدير مدرسة يبيع شهادة بربطة قات ومدرس يوزع الاسئلة بعزومه وتربوي يبيع الكتب المدرسية على قارعة الطريق بثمن بخس ومفتي يحرم أكل الخيار وآخر يحلل الجزر ويوصي بمتابعة حركات البرتقالة وخلطة الحريو و"الحسابة بتحسب " على طريقة عادل امام وفي النهاية يقلك " أرزاق مشو على البكارة" رغم ان الارزاق مقسمة من السماء ومقدره والبكارة مطلوبة للقيام بالعمل الشريف.

اخيراً .. الارزاق بيد الله ومقسمة من سابع سماء والحرام مصيبة ابن آدم .. يقول الله تعالى رزقكم في السماء وما توعدون .. واذا قضيت الصلاة فانتشروا في الاض .. ويقول حكيم اليمن علي ولد زايد "ما رزق يأتي لجالس إلا لمن في المدارس ولا لمن في المغارس ، واليوم لا مدارس ولا مغارس والواقع " متارس " ، فالزق الحلال وان قل فيه البركة والحرام فيه الهلاك، فهل من رجل رشيد.

shawish22@gmail.com

حول الموقع

سام برس