بقلم/د/ عبدالقادر محمد
_ التوجه الإسلامي نحو الشرق الصيني والروسي أفقد أمريكا صوابها
_ لامشكلة للصين مع الإسلام كعقيدة ولا تتهاون في حماية أمنها القومي


هناك من يحاول جاهدا تصوير قضية الأيغور في الصين وكأنها مثال حي على ما تكنه الدولة الصينية من عداء ضد الدين الإسلامي ويغفل الكثير من الحقائق التاريخية وخلفيات القضية برمتها .

يجهل الكثيرون حقيقة عدم وجود أي مشكلة للصين مع دين الإسلام كعقيدة ويجد الأعداء المتربصون بالصين في مختلف العالم وبالذات في الولايات المتحدة الأمريكية وكثير من بلدان الغرب من هذا الجهل بابا واسعا لمهاجمة بكين واتهامها بمحاربة الإسلام وإيغار قلوب أمة المليار نسمة من معتنقي الإسلام في مشارق الارض ومغاربها ممن يجدون أنفسهم ينساقون وراء تلك الدعايات الكبيرة والمنظمة دون وعي أو إلمام بطبيعة القضية أو حقيقتها وابعادها المختلفة .

لقد استطاعت آلة الدعاية الإعلامية الهائلة لواشنطن ومن يدور في فلكها توظيف هذه القضية سياسيا وتمكنت من استعداء الكثير من البلدان الإسلامية للصين كشعب وكنظام سياسي مستغلين في ذلك ضعف الإعلام الصيني وعدم اكتراثه ربما لمثل هذي القضايا حيث أغفل الجانب الصيني المجال الإعلامي الموجه بشكل مدروس إلى المنطقة العربية ليقوم بمهام التوضيح والرد على كل الشائعات في هذا الاطار فكان من ثمار ذلك استشراء الشائعات بصورة هائلة وصارت تنقل صورة غير حقيقية عن علاقة الصين بالاسلام وأمة الإسلام .

ربما لاتعرف الكثير من الشعوب العربية والاسلامية ان "الإيغور" هي جماعة متطرفة تركية تسكن في إقليم شنغيانج غرب الصين والذي يسمى هناك ب "تركستان الشرقية" وترجمتها "أرض الأتراك" بلغة الآريين في آسيا الوسطى ويمثل الايغور أقلية تبلغ حوالي 12 مليون نسمة تقريبا يعيش معها في شنغيانج ملايين من القرغيز والكازاخ وبعض الشعوب الصينية كقومية (إلهان) بحوالي 6 مليون نسمة.

هذه الجماعة طالبت بالانفصال عن الصين "الوطن الأم " منذ القدم ولاتزال تمارس عبر بعض قيادتها من السياسيين الذين فروا الى الخارج مثل هذه الممارسات السياسية والدعوات الانفصالية التي تنظر إليها بكين كمسالة أمن قومي لا تهاون فيه ولا تساهل وتتعامل وفق ذلك ولا شأن للدين والانتماء بذلك على العكس تماما من هؤلاء الساسة من أبناء الايغور الذين لجؤوا الى الولايات المتحدة واتخذوا من شعار الإسلام يافطة للمطالبة بالانفصال تحت كيان حركة سياسية أصبحت تسمى "الصحوة الوطنية لتركستان الشرقية" وهي الحركة الانفصالية التي تتخذ من واشنطن وتمويل امريكي وبرعاية مباشرة من الحكومة الأمريكية التي وجدت في هذه الحركة فرصة لمحاربة الصين وتشويه صورتها وزعزعة استقرارها وتهديد امنها القومي .

لقد حاولت حكومة بكين التي تدرك أبعاد رفع شعار الدين من قبل أمريكا وعملاء الداخل من أبناء "الايغور" على مواجهة الحملة وكبح جماحها من خلال اصلاح وتحصين المجتمع الايغوري فعملت على استقطاب كثير من ابناء هذه الاقلية المسلمة والحاقهم بمعسكرات تأهيل فكري وتعليمهم مبادئ الوزنية وحب الوطن وبعض المهن الحرفية كسبيل لتخليص الصين من التطرف الفكري من ناحية، وإدخال تلك الأسر كعناصر إنتاج من ناحية أخرى.

كان تعامل الصين من منطلق اهمية اصلاح الفكر وتصحيح الفكرة بما يقلص من تاثير الخطاب الديني المتطرف على الشباب تحديدا وكانت هذه الطريقة بحسب كثير من المحللين السياسيين والمتابعين للشان الصيني فكرية اجتماعية اقتصادية تتوافق مع المبادئ الوطنية الصينية وتحجيم خطاب الاسلام السياسي المتطرف دون اي هوادة مع دعاة الانفصال كونه تهديد استراتيجي وخطير للامن القومي.

هذه المشاكل الاجتماعية حاولت امريكا استغلالها.. وبالفعل استخدمت واشنطن هذه الورقة ولاتزال تستخدمها بخبث ودهاء لتحقيق مآربها والاضرار بالصين والتاثير على امنها القومي ومكانتها الرائدة في الخارطة العالمية ولم تكتف الولايات المتحدة بذلك بل عملت عبر تسخير موازنات مادية هائلة لانتاج مواد اعلامية (مفبركة) تصور مدى الظلم والاضطهاد والتعذيب الوحشي الذي يتعرض له الايغوريون من قبل النظام الصيني وذلك بهدف تشويه الصين كنظام وشعب وبالتالي توسيع الفجوة مابين الصين والبلدان العربية والاسلامية وافشال اي تقارب بينهما وقد تصاعدت هذه الحملة مؤخرا بشكل لافت مع الحديث عن توجهات لإنشاء كيان سياسي إسلامي محايد عن الغرب والسعودية وبحيث يوالي الشرق الروسي والصيني وهو ماافقد واشنطن صوابها ودفعها بقوة الى تفعيل ورقة الايغور وغيرها من الاقليات المسلمة في الصين بطريقة غير مسبوقة لتنطلي تلك الاساليب الامريكية الشيطانية على كثير من شعوب امة الاسلام في مختلف انحاء العالم.

*باحث في جامعة عين شمس

حول الموقع

سام برس