محمد المساح
*منذ الوهلة الأولى لوصوله، إلى حافة الطريق عرف أنه لايدري أن الأمور قاسية وصعبة إلى هذه الدرجة من القساوة والصعوبة.
اقتعد حجراً، وجلس مع نفسه جلسة ستطول وفيها يقف الإثنان وقفة متأملة يتطرقان فيها إلى لب المشكلة، ويلمان بكل جوانبها حتى يصلا معاً إلى تحديد أوجه القصور ويضعا بكل دقة وتمعن، كل الافتراضات الممكنة وغير الممكنة ويرسما كل الاحتمالات الواردة وغير الواردة. ومن ثم يصلان معاً إلى حل منطقى لايتعارضان ابداً.. مع واقعيته. بدأ يضع الخطوط الرئيسية والتي على ضوئها تقرر التفاصيل الأساسية والفرعية وما يترتب بالتالي من عمليات الاستعراض الكيفي والكمي.
البيانات والأرقام مهمة الاحصائيات مهما صغر شأنها لأبد من أن تندرج في المتون وإذا فلتت بعضها لابد من إلحاقها في الهوامش.. أو الفصل الأخير في تلخيص الاستنتاجات النهائية.. أو خلاصة الخلاصة للموضوع برمته.
في جلسته المفردة وهو في حالة استنفار شاملة لاستدعاء نفسه أولاً وحضورها في حضوره ومواجهتها في مواجهته بدا له الأمر مسلياً أكثر مما كان يتصور، إلى حد أنه وجد تلقائيا وبعفوية خالصة ومباشرة وبدون وسيط أن الأمر في حد ذاته لايستحق كل هذا الجهد والتعب المقدم.
المسألة في أساسها.. خطأ في التقرير وعدم فهم في تخمين وحساب الخسائر المتوقعة والأرباح المفترضة.
وقبل الشروع التمهيدي والأولي في تناول صلب القضية قفزت إلى الذهن فكرة ماسة وضرورية.. تختصر الأمر بكامله إلى نقطة جوهرية تتلخص في وضع المسألة المراد نقاشها في صورة ذهنية مجردة .. لاتقترب أبداً من الواقع ولا تلامسه مجرد ملامسة .. وإلاّ أصحبت في هذه الحالة مثار تندر ومصدر تعليقات لا تستدعي أصلاً إثارتها.
وكون الأمر في أساسه أصلاً وليس بالضرورة أن يكون محل تناول ونقاش ولايعدو أن يكون مجرد أمر ذهني تجريدي ولا ينطبق في جوهره ولبه في مجال الواقع والإحساس.

المصدر .. الثورة

حول الموقع

سام برس