محمد عايش
أشعر بالإنهاك حين أتخيل الزمن اللامحدود الذي ستقضيه اليمن، من مستقبلها، في الصراع بين "الحوثيين" و "الإخوان"؛ بالسلاح أو بالسياسات التأزيمية.
كل منهما قوة من غير الممكن، ولا الجائز، لإحداهما أن تزيح الأخرى من خارطة السياسة والمجتمع بسهولة. وفي الوقت نفسه يبدو تعايشهما، والإبقاء على الصراع بينهما محكوما بالصندوق وبقواعد اللعبة الديمقراطية.. مطلباً صعبا.

فبسببٍ من فساد العملية السياسية، وهو الفساد المزمن، لم تتعود اليمن على أن تستقر في ظل قوتين متنافستين أو أكثر، وفي العادة يُحسم الأمر بقضاء إحداهما على الأخرى ولكن بانتصار خادع، إذ ما يلبث "الانتصار" أن يوقد نيران أزمة/ أزمات أكثر فتكا، تتحول بدورها إلى انفجار، طال الوقت أم قصر. الحروب الجمهورية الملكية أدت إلى مصالحة هشة ثم إلى إقصاء "الزيدية السياسية/ الدينية" التي ستعود لتعبر عن نفسها بقوة في ما بعد الألفين وأربعة، بوعيٍ منها أنها عودةُ رد الفعل على الإقصاء أو بلاوعي. ثم التصفيات الجمهورية الجمهورية، أدت إلى ضرب مختلف التمثيلات الوطنية لمصلحة "الزيدية الجغرافية" التي ستهيمن منتجةً باستفرادها نظاما مأزوما لم يعرف البلد معه استقرارا طبيعيا حتى اللحظة.

حروب الرفاق في الجنوب، مرورا بالمشكلة التي خلقها بعد ذلك توحيد الفصائل، وصولا إلى تصفيات 86 الدموية، ستخلق واقعا أعرج دخل إلى "الوحدة" بقدم واحدة مشكلا بذلك إغراء للطرف المهيمن في صنعاء. وفي 94 كان على إحدى القوتين أن تنهي التوازن وتنقض على الأخرى، وهكدا كان، وهذه النتائج لهذا الإقصاء ماثلة أمامنا في الجنوب مع العودة القوية للهوية الجنوبية وتمثيلها في حراك احتجاجي قوي بدءا من العام 2006.

ولا أدري يا محمد العلائي وماجد المذحجي هل يُعقّد الوضع أكثر، أم يخفف من حدته، واقع أننا في هذه المرحلة لسنا بإزاء قوتين فقط (الحوثيين والإخوان)، بل أكثر من قوتين، فالمؤتمر الشعبي لايزال، والحراك الجنوبي وتحوّله التدريجي، كمايبدو، إلى قوة مساندة للرئيس هادي، حاضر أيضا، وكذلك الاشتراكي وممكنات تحالفاته مع القوى والنخب المستقلة؟؟!

هل هذه حيوية قد تصل بنا إلى فض الاشتباك نهائيا بين القوتين الدينيتين القلقتين، ثم إلى عملية سياسية فسيفسائية، وتحالفاتٍ دائمة، أو انتخابية، والغالب اليوم مغلوب غدا والعكس؟؟ أم ستؤدي إلى دورات من التصفيات وصولا لتصفية نهائية؟؟

هل بإمكان المثقفين والسياسيين الوطنيين يا علوي السقاف ويا علي سيف حسن استخلاص كل تجاربنا الإقصائية هذه في شكل مبادرة تحاول منع تكرار أي منها؟؟ ما فائدة "التاريخ" و "تجارب التاريخ" بالنسبة للإنسان اليمني؟؟ أين هي العقدة الكبرى المنتجة لعلاقتنا السلبية مع تاريخنا ودروسه ياعبدالله دوبلة؟!! ويا كل اليمنيين؟؟!
اليمن بخير ..!
- من صفحة الكاتب على الفيسبوك

حول الموقع

سام برس