د. عبد الغني أحمد الحاوري
في غمرة الأحداث التي تمر بها العاصمة صنعاء، والقلق الذي يعتري الجميع، وحالة الخوف من انزلاق الوضع إلى ما انزلقت إليه بعض البلدان العربية، وعودة بالذاكرة إلى تاريخ اليمن وخاصة القريب الممتلئ بالمشاكل والحروب والتوتر، كل هذا يجعل الواحد منا يتساءل أحياناً ويحلم أحياناً أخرى :

يتساءل :هل خلت اليمن من قائد وطني شجاع يحمل هم هذا الوطن بين جوانحه، ينام ويصحو من أجله، يفكر في تطويره وتنميته - لا في مكاسبه الشخصية، وامتيازاته التي لا تنتهي-؟ يتساءل :لماذا لم يهيئ الله لنا زعيماً مخلصاَ محبا لهذا الوطن لا ناقما عليه وعلى شعبه؟ زعيما يشبه زعماء ماليزيا وتركيا واليابان وكوريا الجنوبية والصين وجنوب أفريقيا...؟ الذين انتشلوا بلدانهم من حالة التردي والفساد ورفعوها إلى مصاف الدول المتقدمة؟ هل عجزت اليمن أن تنجب مثل تلك القيادات التي تقدس تراب أوطانها؟ هل نسينا قيادات اليمن العظام أمثال أبو موسى الأشعري، وشرحبيل بن سمط الكندي، والأشتر النخعي، ومعاوية بن حديج، ووائل بن حجر، وعمر بن معد يكرب الزبيدي، وقيس بن مكشوح المرادي، والأشعث بن قيس وغيرهم الكثير الذين كانوا قادة في فتوحات الشام وخراسان وبلاد ما وراء النهر ومصر والمغرب العربي والأندلس؟؟ هل نسينا أن اليمن أصل العرب؟ هل غاب عن ذاكرتنا السمح بن مالك الخولاني الذي وصل بجنوده إلى جنوب فرنسا مجاهداً وفاتحاً؟ وحتى الآن يوجد بفرنسا شارع سمي بإسمه هو شارع السمح .

يتساءل :أين نتائج سفريات المسئولين والوزراء وقيادات الدولة ورحلاتهم الطويلة والمستمرة التي لا تتوقف إلى الدول المتقدمة؟ ولماذا لا يعودا من تلك الدول بفكر متطور، وبحرقة على هذا الوطن، وبهمة عالية في النهوض به أسوة بتلك البلدان التي زاروها، واطلعوا على النهضة الهائلة التي وصلوا إليها؟ أم أن خروجهم ليس سوى وسيلة لجمع الأموال وتغيير الجو والتنفيس عن النفس؟ هل يصابوا بالتبلد والغباء عندما يعودوا إلى اليمن؟ أم هل يسرهم وضع اليمن المتردي؟ .

نحلم أن يأتي يوم من الأيام وقد وصلت كل الأطراف السياسية والأحزاب والجماعات في اليمن إلى قناعات أكيده، وإيمان راسخ بضرورة التعددية وأهمية التنوع، وبقيم التعايش، والقبول بالآخر وحرية الرأي والاعتقاد، وأن الحل يكمن في صناديق الانتخابات لا في صناديق السلاح، وأسلحة الموت ولغة العنف والإقصاء والإكراه والتخوين .

نحلم بأن يأتي يوم من الأيام وقد تجمعت الملايين في شارع الستين أو أي شارع أخر من أجل مشكلة علمية مثل جفاف الإبداع مثلا أو غياب البحث العلمي، أو ضعف أداء الجامعات، أو للمطالبة بالتخلص من الجهل، والأمية والتخلف العلمي .

نحلم بأن يأتي يوم من الأيام وقد تجاوزنا مشاكل البنية التحتية- التي نحن غارقين فيها- كما تجاوزتها العديد من الدول، وأن نتغلب على مشاكل السلاح والجماعات المسلحة والحوثيين ومراكز القوى وعلي عبد الله صالح، وأن تكون مشاكلنا هي الاختراع والإبداع ومتطلبات التصنيع والإنتاج، وقضايا المنافسة العلمية والاقتصادية والتكنولوجية، وأن يكون لنا إسهامات وإبداعات في الحضارة الإنسانية القائمة لا أن يكون دورنا فقط دور المستهلك والمتلقي السلبي والانبهار لكل ما يأتي إلينا من الشرق أو الغرب .

فهل يا ترى يأتي ذلك اليوم وقد تحققت تلك التساؤلات والأحلام ؟؟؟

حول الموقع

سام برس