أحمد عبدالله الشاوش
يبدو أن شيطان الإنس غلب شيطان الجن للأسف الشديد بعد أن شاخ وحل محله الشيطان الأكبر (السياسي) وأما إذا صار شيخاً فحدث ولا حرج .. ذلك الشيطان الذي يلعب بالبيضة والحجر ويسلب الشعوب أرواحها واحداً تلو الآخر وهم يتراقصون صرعى من حلو الكلام الزائف والآمال الكاذبة ويجيد الدور أعظم من إبليس ، فتارة في عمامة عالم وأخرى في ثوب ملاك وثالثة في ثوب شيخ قبيلة ورابعة في شخصية دكتور وهكذا حتى يوقع بالفريسة البريئة بعيدا عن أي وازع ديني أو أي قيم ومبادئ إنسانية فلا ينام ليلا ولا يصمت نهارا إلا وقد شاهد دماء الكثير من الأبرياء وسمع دوي الانفجارات واختلط الحابل بالنابل في سبيل مصلحته بالرغم من أن الحوار إذا صدقت النوايا هو الحل الأجدى لكل مشاكل العالم فلم يكتف بمروره مجرى الدم واغوائه للناس والفتنة بين أبناء الشعب المسلم الواحد والتحدث بأكثر من شريحة في نفس اللحظة محليا بل صارت له أكثر من شريحة وقناة فضائية اقليمية ودولية لإغواء الناس وتصدير الكراهية وهدم الأخلاق وتعطيل العلم بالمدارس والجامعات وقتل الشعوب وتمزيق الأوطان وتقديم المال والسلاح والدعم المعنوي لذلك حتى يسهل قلب الأنظمة من الداخل فالسياسة أصبحت كارثة أخلاقية (فالسياسي - حربا) يُروض ويرقص ضحاياه متلذذا بذلك قبل ازهاق أرواحهم أطفالا ونساء وشيوخا ، أوطاناً وشعوباً فتراه يتآمر على شعبه ووطنه وعلى أتم الاستعداد أن يبيع والديه وإخوانه وأهله جملة وتجزئة ولو بالآجل طالما فرط في وطنه وشعبه والشواهد كثيرة من العالم لعدم إيمانه بأي وازع ديني وأخلاقي فهو مجرد ديكور لإبراز مسرحيته المريضة ويتعاملون بخدمة الدفع المسبق إلا من رحم ويخاف الله تعالى.
فالسياسي الماكر يتغنى بالأوطان وهو بعيد عن ذلك وعن الإنسانية وهو أبعد عن الديمقراطية وهو يكرس الديكتاتورية ويهيئ لها لاستمالة الحاكم أو الدول المعادية ، وعن الحريات وهو أول من يوصي ويساهم بقمعها، وعن السلام وهو يستحل الأوطان ويزهق الأرواح وعن الأمانة والنزاهة وهو أوطأ وعن التقدمية وهو يجسد العودة للعصور المظلمة والانغلاق ، ويدعو إلى التنمية والبناء زيفا وهو يخطط للتدمير ويدعو في خطاباته للاستقرار وهو يريد الفوضى وينادي بالحرية الإعلامية على الآخرين دون أن تمسه ويا ويله من يتجرأ عليه ويدعو بالوكالة إلى إنشاء الجمعيات والنقابات والمنظمات في العالم العربي والإسلامي والتبرعات وفي الواقع هو السبب الرئيسي في ما يجري من فوضى وحروب ونهب للثروات وتسهيل للطامعين للضغط على الأنظمة والشعوب وتهديدها ما لم تعط تلك الدول الكبيرة نسبة كبيرة من ثروات الشعوب المظلومة وهو بهذا السقوط وبهذه الشيطنة يتحاور مع الحكام والمعارضين ليلا ونهارا وينفخ في الكير بغرض الابتزاز مالم فتح قناة أخرى إقليمية أو دولية للتدخل مستغلا بعض الأحداث المؤسفة التي يزايد بها ويرفعها كشعارات ذارفا دموع التماسيح وفي الواقع هو السبب الرئيسي في ما يجري من فتن واقتتال وتحريض على العنف خصوصا في العالمين العربي والإسلامي كمقدمة لنهب ثرواته وخيراته بإثارة مشاكل من صنع الاستعمار عفا عليها الزمن بين أبناء الوطن الواحد والشعوب الواحدة كإثارة المناطقية والطائفية وتفكيك الوحدة الوطنية وبث سموم الكراهية والمظاهرات البريئة التي يحولها إلى ساحة حرب تنتقل من شارع إلى آخر ومن حي إلى آخر وهو يعي النتائج الخطيرة المترتبة على ذلك وبتحريك الآلة الإعلامية المدمرة لدق طبول الحرب ليلا ونهارا عبر القنوات والصحف والشبكات الالكترونية يكون ذلك إرهابا للشعب والوطن وانتفاء عامل حسن النية ويشفع للطرف الآخر بقصوره ووجود جزء من الفساد بأنه الأرحم والأفضل رغم عيوبه.
فالسياسي شيطان أكبر لا يؤمن بوازع ديني ولا بأية قيم أو فضيلة طالما كانت غايته هي تحقيق مصلحة شخصية حتى لو فنيت البشرية في نظره ولو لم يكن تابعا لأي اتجاه سياسي.

وأخيرا
مع خالص اعتذاري للسياسي النادر الذي يتمتع بمنظومة من القيم النبيلة والصادقة ولا يخاف في الله لومة لائم.
shawish22@gmail.com

حول الموقع

سام برس