سام برس
قضت محكمة مصرية يوم السبت بعدم جواز نظر الدعوى الجنائية ضد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك في إعادة محاكمته في قضية تتصل بقتل متظاهرين إبان انتفاضة شعبية أزاحته من السلطة عام 2011 وهو الحكم الذي قد يثير غضب الكثير من معارضيه الذين يقولون إن عهده كان استبداديا واستشرى فيه الفساد.

وقضت محكمة جنايات القاهرة برئاسة القاضي محمود الرشيدي أيضا ببراءة وزير الداخلية المصري الأسبق حبيب العادلي وستة من مساعديه من اتهامات في قضية قتل المتظاهرين.
وسبق أن صدر حكم بالسجن المؤبد على مبارك (86 عاما) والعادلي في نفس القضية عام 2012 بعد إدانتهما بتهم تتصل بقتل المتظاهرين. لكن المتهمين طعنوا على الحكم وأعيدت المحاكمة التي انتهت يوم السبت.
كما قضت المحكمة يوم السبت ببراءة مبارك في قضية فساد تتصل بتصدير الغاز لإسرائيل وبانقضاء الدعوى الجنائية ضده ونجليه علاء وجمال في قضية ثالثة تتعلق بقبول عطايا من رجل الأعمال حسين سالم مقابل استغلال نفوذه. وبرأت المحكمة سالم أيضا.
وكان كثير من المصريين الذين عاشوا عهد مبارك يعتبرون أن مشاهدته خلف القضبان انتصار. وبعد الإطاحة به القي القبض على أغلب رموز نظامه لكن أفرج عن الكثير منهم فيما بعد مما أثار غضب قطاع واسع من المصريين وأثار مخاوف من عودة النظام القديم.
وعقب النطق بالحكم تجمع عدد قليل من الشبان الغاضبين للاحتجاج في مدينة السويس التي شهدت سقوط أول قتيل خلال الانتفاضة ضد مبارك لكن مصادر أمنية قالت إن الشرطة فرقتهم بعد وقت قليل.
وشهدت القاهرة إجراءات أمنية مشددة وأغلق الأمن ميدان التحرير مهد الانتفاضة ضد مبارك أمام حركة المرور. وتجمع عشرات المحتجين بساحة عبد المنعم رياض القريبة من التحرير ورددوا هتافات من بينها "الشعب يريد اسقاط النظام " و"يسقط يسقط حسني مبارك" و"القصاص..القصاص".
وقال شاهد من رويترز إن الأعداد بدأت تتزايد مع حلول المساء.
وقال القاضي محمود الرشيدي فيما يتعلق باتهام مبارك بالاشتراك في جرائم القتل العمد مع سبق الإصرار للمتظاهرين: "حكمت المحكمة حضوريا ... بعدم جواز نظر الدعوى الجنائية المقامة ضد حسني مبارك يوم 24 - 5 - 2011 في هذا المقام لسبق صدور أمر ضمني بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية قبله من النيابة العامة يوم 23 - 3 - 2011."
وقالت لجنة لتقصي الحقائق شكلتها الحكومة في عام 2011 إن عدد القتلى خلال الانتفاضة يصل إلى نحو 850 قتيلا فضلا عن آلاف الجرحى على مستوى محافظات الجمهورية أغلبهم من المتظاهرين وبينهم عدد من رجال الشرطة وسجناء قتلوا خلال اقتحام عدد من السجون.
وقال القاضي يوم السبت إن إجمالي عدد القتلى الذين تضمنتهم الأوراق الجنائية للقضية 239 في 11 محافظة من بينهم 36 قتلوا في الميادين العامة والبقية قتلوا أمام أٌقسام شرطة أو ممتلكات عامة.
وحضر مبارك جلسة النطق بالحكم وكان يجلس على مقعد طبي متحرك وهو يرتدي نظارة شمسية وملابس السجن الزرقاء. ونفى في جلسة سابقة إصدار أي أوامر بقتل المتظاهرين وقال إنه مرتاح الضمير.
ودفع جميع المتهمين في قضية قتل المتظاهرين ببراءتهم ووصفوا الانتفاضة على مبارك بأنها كانت "مؤامرة" تورطت فيها عناصر خارجية.
وقال مبارك في مداخلة تلفزيونية مع قناة صدى البلد الفضائية الخاصة بعد صدور الحكم "أنا لم ارتكب شيئا إطلاقا. لم ارتكب شيئا."
وأضاف "الحكم الأول (الصادر في 2012) سمعته ضحكت. الحكم الثاني كنت أنا منتظر يا كدة يا كدة (إدانة أو براءة)... مكانتش هتفرق معايا."
وحكم يوم السبت قابل للطعن أيضا أمام محكمة النقض التي ستقرر إما تأييده ليصبح حكما نهائيا أو إعادة المحاكمة مرة ثانية على أن تنظرها بنفسها وتصدر حكما نهائيا بشأنها.
وقال بيان صادر عن مكتب النائب العام إنه كلف "المكتب الفني بإعداد دراسة قانونية متكاملة لأسباب الأحكام... للطعن فيهما بالنقض."
ويرتدي مبارك ملابس السجن بعدما عاقبته محكمة جنايات في مايو أيار الماضي بالسجن المشدد ثلاث سنوات بعد إدانته بالاستيلاء على أموال عامة خلال حكمه الذي امتد ثلاثة عقود.

وحكم على نجليه جمال وعلاء بالسجن المشدد أربع سنوات في نفس القضية المتعلقة بالاستيلاء على جانب من أموال خصصت من المال العام للقصور الرئاسية.
ويحتجز مبارك في مستشفى عسكري بالقاهرة نظرا لحالته الصحية.
ونقلت البوابة الالكترونية لصحيفة الأهرام الحكومية عن فريد الديب محامي مبارك قوله "إن موكله سيصبح حرا طليقا لأنه أمضى عقوبة السجن في قضية قصور الرئاسة خلال مدة الحبس الاحتياطي التي تجاوزت مدة الحكم". ولم يتسن على الفور الحصول على تعقيب من النيابة حول مدى صحة هذا التصريح.
وبعد الإطاحة بمبارك شهدت مصر أول انتخابات رئاسية يشهد لها بالنزاهة وفاز بها محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين عام 2012. لكن أطيح به هو الأخر بعد عام واحد في السلطة إثر احتجاجات حاشدة على حكمه. وانتخب عبد الفتاح السيسي قائد الجيش السابق رئيسا للبلاد في مايو أيار.
وعقب النطق بالحكم صاح أنصار مبارك هاتفين "يحيا العدل" وقام نجلاه بتقبيله وبدا عليه علامات السرور.
وخارج المحكمة كان يتجمع نحو 200 شخص من أنصاره ويحملون صوره ويرقصون على إيقاع أغاني وطنية تنطلق من مكبرات صوت. وفور الحكم رددوا هتافات من بينها "عاش القضاء المصري" و"تحيا مصر".
وقال أحدهم ويدعى محمد فاضل "مبارك هو أشرف من حكم مصر وكنا واثقين في براءته."

وعلى الجانب المقابل انتابت مشاعر الغضب نحو 50 من أهالي القتلى الذين حضروا المحاكمة يوم السبت. وفصلت قوات الأمن بين الجانبين لمنع وقوع مشاحنات.
وقال عثمان الحفناوي أحد المحامين عن أهالي القتلى "الحكم غير مرض لأهالي الشهداء أو لثوار 25 يناير". وكان يشير لتاريخ انطلاق الانتفاضة التي استمرت لمدة 18 يوما عام 2011.
وقال والد الشاب أحمد خليفة الذي قتل أثناء الانتفاضة على مبارك "وقع الحكم علينا كوقع الرصاص. أنا بعتبر أن ابني مات اليوم."

رويترز

حول الموقع

سام برس