بقلم / وديع العبسي
من المسؤول عن إثارة كل هذا الغبار الذي ينتشر اليوم ويكاد يحجب عنا رؤية المستقبل؟!.. حتما كل الأطراف.
ناتج طبيعي لتراكمات الأخطاء الفادحة التي ارتكبتها قوى الفعل السياسي منذ أكثر من خمسين عاما، والأحداث كشفت عن عورة هذه القوى السياسية التي تشدقت كثيرا بقدرتها الخارقة في سبر أغوار الوضع والأزمة وامتلاكها نواصي الحلول، وعند الحاجة لا نجد منها على واقع الفعل أكثر من عشوائية تصطدم بكل شيء أمامها بلا فرامل أو استرشاد بنظم السير، ولذلك ثار كل هذا الغبار الذي نستنشقه اليوم.

تجدد حالة التثوير المفزعة بين الحين والآخر للمشهد يُظهر انه لم يكن بمقدور جهابذة السياسة وخبرائها استيعاب ما ظلوا يرددونه دائما من أن الوطن يتسع للجميع وانه بحاجة للجميع إلا خضوعا عندما تدنو قوة الآخر، ولذلك لم يكن بالمستغرب أن يكفر الناس بالسياسة وبالأحزاب.
يحدث هذا رغم ان الحكمة كانت تسعفنا (أحيانا) لنبدع في وضع مرجعيات يفترض الاحتكام إليها لتقييم استقامة الأداء مع ما تم الاتفاق عليه، فمخرجات الحوار كانت نتيجة ومثلت مرجعية للعمل، ثم فرض الوضع الحاجة إلى توافق جديد تمثل باتفاق السلم والشراكة ليمثل مرجعية للعمل، إلا أننا في كل مرة نُفاجأ وقد صارت المرجعية سببا لصراع جديد، عندما نكتشف تباينا في استيعابها.

ثم نصير إلى لجان تتشكل ولقاءات تخلص إلى اتفاقات عاجلة يتم صياغتها أيضا كمرجعية لتجاوز فعل العنف المستجد هنا او هناك، حتى أصبح الراسخ لدى العامة بان كل اتفاق يتبعه دائما اتهام متبادل بالتجاوز ثم احتكام إلى صوت العنف.

كنا في إدارة الأزمات السياسية دائما مبدعين في صياغة شعارات من نوع، الشراكة، الاصطفاف، التعايش، إلا أن السقوط في اختبار المصداقية كان يدوي ألما على شعب طال أمد حلمه بان يعيش كالآخرين في استقرار معيشي وسياسي .. واستمرار أبطال الفعل السياسي في ذات السياسة التي لم تنتج إلا الفشل لا ينم إلا عن جهل أو لامبالاة بتبعات هذا التأزيم على حياة الناس ومستقبلهم.

حتما البعض يسارع في تحميل الحوثي سبب ما يحدث، ولا نبرؤه بطبيعة الحال فهو يتحمل جزءاً من المشكلة، إلا أن الحقيقة أيضا والماثلة بلا نظارات أو عدسات مكبرة إن الحوثي كان لاعبا مهملا ومقصيا، وحين دخل صنعاء لم تكن إلا حطام مدينة وناسا يبحثون عن عاصمة تشرف كل اليمنيين.
والحقيقة أيضا أنه ما كان له دخول صنعاء أو أي مدينة أخرى لولا أن الواقع وصانعيه كانوا (مربوشين) بتفيّد غنيمة ما بعد 2011م تاركين الناس يتنفسون غبار معتركات المحاصصة والمداحسة.
الأخطاء كبيرة وكثيرة، مع ذلك ورغم أثرها السلبي يمكن أن تكون أيضا مرجعية تكفي سياسيي هذا الوطن لمئات السنين ليخلصّوا ممارساتهم من أسباب الوقوع في ذات الدائرة المفرغة، وسيشهد التاريخ يوما بأن الجميع أصابوا جزءاً من الحل إلا أن الكل اشتركوا في اختيار الطريق الخاطئ.

walabsi1@gmail.com

حول الموقع

سام برس