بقلم/ نبيل الصوفي
هادي والحوثي، ليسا خصوماً.
لا أتحدث عن قرارات وتنسيق بينهما..
بل أتحدث عن التوجهات التي يعبر كل منهما عنها..
الخطورة، هي أنهما لايتناقشان، ولا يتفقان، ويختلفان بلا رؤى نقيضة.
سيقودهما هذا لمعارك، بلا قيمة، ولا غطاء، ولاتخدم إلا إدخال اليمن في حرب يتحكم بها التمويل الخارجي فقط.
لو أن هادي يمثل حلفاءه فعلاً، سيصل مع الحوثي لتسوية يعود فيها علي محسن وعيال الأحمر، ضمن تسوية وطنية عامة، لاتنتقص حق الحوثي، ولا تكافئ الجنوب بتركه للفراغ، ولا إدخاله في صراعات قوى "الشمال".

في حادثة القوات الخاصة، تحدث عبدالملك الحوثي، كما توقعت أول ما سمعت أنه استدعى أمس المسؤولين عن الحادثة من اللجان الشعبية.
لم يقل أكثر من أنها "عرضية ولا تستهدف المؤتمر الشعبي العام".
وهو توجه جديد يعلنه الرجل، منحازاً لمكتبه السياسي ضد لجانه الشعبية.
مشكلة إدارية تخص توسع التنظيم، وتظهر حاجته لترتيب مراكز اتخاذ القرار لديه.
لا أقصد أن الحادثة انتهت، بل قد يكون هناك محاولات اقتحام جديدة لذات القوات، كترضيات للقيادات الميدانية، ولتجنب "هز" زكريا الشامي، مقابل محمود الصبيحي مثلاً، لكن هذه ستكون تدافعات على الميدان، ستحسمها عوامل القوة.
وستبقى خطراً على الحوثي.. ككل حوادث التداعي على المعسكرات، التي نقلت لجماعته السلاح، وحرمتها من ادعاء أن الدولة خاضعة لها..

حديث عبدالملك الحوثي عن القوات الخاصة والمؤتمر، يعني أنهم يريدون القوات الخاصة، لأنها مهمة لهم، ولكن لايريدون "المؤتمر"، لأنه عبء لايقوون على حمله.
هم يريدون المؤتمر أن يحملهم، مش هم يتحملونه..
ولكن في نفس الوقت، من الواضح أن عبدالملك، لايدعم "زكريا الشامي" ليكون بديلاً لعلي محسن الأحمر، في منهج، "ممثلين له في كل معسكر".
يرى عبدالملك ما لايراه زكريا..
وللأسف كانت اللجان الشعبية، أغبى من الإصلاح، الذي كان يقبل أن يستخدمه علي محسن، ولكن فقط حيث لايترتب غرم على الإصلاحيين.

صحيح، في اليمن ثروة طبيعية ضخمة، تركيا، حققت نهضتها من جبالها وصخورها، ولدينا ثروة ضخمة، ومن يرد معرفة ذلك فليعد لاستراتيجية التعدين للمساحة الجيولوجية والثروات المعدنية، واستراتيجية التعدين في الجمهورية اليمنية التي أشرف على إعدادها البنك الدولي، وهي منشورة هنا في هذا الرابط..
أما أحجار الزينة، فهو مثل حديث هادي عن "500 بئر نفط"، وإلا حديث غيره عن بحيرة نفط الجوف..
يبدو الحوثي استمع لخطاب جمعة الاصطفاف الوطني، التي عدد فيها خطيبها ثروات اليمن..
أو حتى، حديث دولة المؤتمر الشعبي العام، على أيامها عن الطاقة النووية والمش عارف أيش..
تهبيش وطني مشترك.

نقطة مهمة وممتازة، كمؤشر في حديث عبدالملك الحوثي، عن الأفق الواسع الذي فتح أمام اليمني في العالم.
هو يرد به على نفسه وجماعته التي تقول: طز للخارج.. طز للعالم.
صحيح، عاده مش واضح عنده، بس يالله، الراجل يتعلم، مشكلته أنه يتعلم وقدو وحده في الميدان..

في حديثه عن التحديات الاقتصادية، فإن عبدالملك الحوثي، يبدو مثل كل قيادات وخطباء الجماعات الإيديولوجية وبخاصة الدينية.
وفي حديثه عن الآخرين، كمجرد عملاء ومهزومين، هو يمني من جيز كل القوى التي ترى نفسها هي الوطن والصواب، والباقي مجرد خونة.

أرى جوهر الأزمة في علاقة الحوثي بالخارج.
هو يريد فتح خط مع السعودية، والسعودية ترفض.
وأمريكا، تريد فتح خط مع الحوثي، والحوثي يرفض.

من الواضح، تأثر عبدالملك الحوثي، من عبء الانتصارات التي حققتها جماعته بالسلاح.
والتحديات التي برزت بسبب هذه الانتصارات، خاصة أنها تحديات لايمكن حلها بالسلاح، أعتبره مؤشراً إيجابياً وممتازاً، أن يصل للرجل هذا الإدراك.
يبقى بعد ذلك، الخطاب الذي يتحدث به، والقضايا التي يركز عليها، مثل المناطقية والمذهبية، والخارج إقليمياً ودولياً.
يحتاج الرجل لأن يتخلى عن أدوات النصر، والاستماع لأدوات المخاطر، بتواضع.
ياعبدالملك، التواضع هنا، يمنحك وجماعتك فرصاً للنجاة مع اليمن واليمنيين أجمعين.

فيما يخص الإصلاح، من الواضح أنه يركز على الطرف الذي يتشارك معه حتى حلفاء الإصلاح في تحميله فوق حده من المسؤولية.
لكأنه يتمني أن يعلن "هادي" مثلاً، حل الإصلاح، وإحلال الحوثي بدلاً عنه، وصلى الله وبارك..
عاد الاصلاح ياعبدالملك، أداة تخفف من اندفاع الصراع للمناطقية والمذهبية، مهما بدا ظاهراً غير ذلك، بالتمام والكمال، كما أن الحوثي نفسه ضمانة لشمال الشمال، لكي يبقى تحت سيطرة قوة رئيسية تبعده عن الصراعات وتجنبه حمل عبء خطاب الخارج وبخاصة القطري السعودي، الذي يتحدث عن "الزيدية" الدينية والاجتماعية، باعتبارها خطراً ماحقاً باليمن واليمنيين.
ما يتعلق بهادي وبخاصة انتقاله من صنعاء، فعبدالملك يقدم خطاباً مسئولاً وصحيحاً، أفضل من تهويشات اللجنة الثورية..
وحديثه صحيح، أن القلق ليس من انتقال هادي لصنعاء، بل تقديم الانتقال باعتباره مدخلاً لتحرير صنعاء، التي قد كان هادي وحلفاؤه يصورونها هي مركز الشر، واحتفوا بكل انتصارات الحوثي ضد خصومه من دماج وحتى الفرقة.
على الله، يكمل بنفس هذا النسق.

لم يقبل الحوثي، النصيحة بأن يرحب بانتقال هادي إلى عدن، السبت.
لو أعلن: نرحب بعدول هادي عن استقالته، وعودته لتحمل مسؤوليته.
لكان أفسد الدولة المعنوية للرئيس الوهم.

الحاجة الوطنية، ماسة، لحوار حوثي اصلاحي، صادق وجاد ومسئول.
هادي وحده كان قادر على القيام بهذا الدور، لأن "صالح"، مقيد بالصلف الخارجي ضد تحركاته.
لكن هادي، أقل عداوة للحوثي، من ضيقه بالاصلاح..
يالله، اصبروا، يمكن يحول ربي بدور ايراني او روسي، للعب هذا الدور، او يخلص رصيد الحوثي، من الاحتقان ضد الاصلاحيين.
مأزومية خطاب عبدالملك ضد الاصلاح، هي تعبير عن ادراكه أهمية وقوة وخطورة دور الاصلاح، لكنه عاده يعبر عن ذلك فقط بشتم الاصلاح وتوزيع الاتهامات عليه.. يمكن كما كان يفعل الاصلاح طيلة الفترة من بدء حوار الموفنيك وحتى سقوط الفرقة.

حول الموقع

سام برس