سام برس

يسر مركز الزيتونة أن يقدم للقارئ الكريم ملخصاً مكثفاً مترجماً لكتاب بعنوان "الإخوة الأعداء "إسرائيل" وممالك الخليج".

الكتاب في أصله الإنجليزي من 224 صفحة، وهو من تأليف كلايف جونزClive Jones ويويل جوزانسكي Yoel Guzansky. ويحاول هذا الملخص أن يقدم أهم وأبرز المعلومات والأفكار التي وردت في الكتاب.

وتهدف هذه الدراسة إلى إيجاد فهم أفضل لهذه العلاقات الآخذة بالتطور مزدهرة بين "إسرائيل" ودول الخليج. وتسعى إلى فهم هذه العلاقات، ولا سيما مع السعودية والإمارات والبحرين، ليس كتحالفات رسمية، ولكن كمظهر عام من مظاهر نظام أمني ضمني (غير معلن) Tacit Security Regime. يسمح هذا النظام باستكشاف وتحليل تطور العلاقات بين هذه الدول مع الأخذ بعين الاعتبار أن هذه العلاقات في مثل هذه الأحوال نادراً ما تكون قائمة على اتفاقيات مكتوبة، أو يكون بين أطرافها أي قيم معيارية مشتركة، خصوصا ً مع وجود اعتبارات أيديولجية لدى الطرفين تمنع قيامها على أسس دبلوماسية أكثر رسمية.

فعلى سبيل المثال، فإنه بغض النظر عن مدى إخلاص أنظمة الخليج للقضية الفلسطينية في الحقيقة، فإن رمزية فلسطين في الشارع العربي، ورفض اليمين الإسرائيلي قبول تقديم تنازلات في الضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية، يضعان قيوداً على تقديم تصورات أكثر انفتاحاً ومرونة وشمولاً حول الأمن الجماعي للأطراف المعنية.
وبالتالي، فإن فهم العلاقات الخليجية الإسرائيلية من خلال منظور الأنظمة الأمنية الضمنية له فائدة واضحة: فهو يسمح بالتعاون الأمني بين الجهات المعنية (لا سيما بخصوص إيران) ولكن دون المساومة على المواقف السياسية الحساسة التي قد تؤدي إلى تأجيج معارضة داخلية.

وتظهر ترجمة الكتاب سياقاً تاريخياً للعلاقات بين "إسرائيل" ودول الخليج بدءاً من مبادرة الملك فهد التي تبلورت فيما بعد لما يعرف بالمبادرة العربية، لينتقل للحديث بالتفصيل عن العلاقات مع كل من عمان وقطر والبحرين والإمارات العربية المتحدة والسعودية. وتلخص الترجمة كيف تستثمر "إسرائيل" في التغيرات الحاصلة في الشرق الأوسط لصالحها وذلك من خلال محاولة بلورة اصطفافات جديدة في الشرق الأوسط مبنية على على مواجهة إيران والإسلام السياسي معاً. كما تحاول "إسرائيل" من خلال هذه الاصطفافات الوصول إلى تسوية على أساس مبادرة سعودية جديدة تقوم على أنقاض المبادرة العربية وتحقق لـها مكاسب أكبر.

ويبين الكتاب كيف أنه في سبيل ذلك، غضت "إسرائيل" الطرف عن صفقات الأسلحة الأمريكية للدول العربية ولا سيما اتفاقية "123" التي وقعتها الولايات المتحدة مع الإمارات العربية المتحدة والتي تهدف لبناء للتعاون النووي السلمي، وتهدف إلى نقل التكنولوجيا النووية إلى أبو ظبي لبناء أول مفاعل نووي لها. فـ"إسرائيل" طالما اعتبرت أن تطوير أي قدرة نووية من قبل أي دولة عربية يمثل تحدياً أمنياً لها، إذ كانت ترى فيه جزءاً لا يتجزأ من مشروع إنشاء برنامج أسلحة نووية، إلا أن الموقف الإسرائيلي من هذه الاتفاقية شكل إشارة واضحة على أن الحسابات الإقليمية الإسرائيلية قد تغيرت، حيث كان ملفتاً غياب أي جهد لحشد معارضة للصفقة في أروقة الكونجرس. ويخلص الباحثان إلى أن موقف نتنياهو الداعم ضمنياً للسعودية ولولي العهد محمد بن سلمان بشكل خاص بعد حادثة اغتيال جمال خاشقجي، وسكوتها عن صفقات الأسلحة التي وقعت بين إدارة ترامب والسعودية، ربما يكونان من أهم الأسباب التي مهدت لقبول السعودية بما يسمى ب"صفقة القرن".

كما يشرح الباحثان أيضاً بناء على نظرية النظام الأمني الضمني، كيف دفعت البراجماتية السياسية والاقتصادية "إسرائيل" للتغاضي عن قلقها واعتراضها السابق من تقديم قطر أي مساعدات لقطاع غزة خوفاً من أن تذهب لتمويل حماس، وذلك بعد أن ثبت أن أن قطر وسيط جاهز وأنها من خلال مساعداتها السخية تشكل الطرف الوحيد القادر على منع الانهيار الاقتصادي التام في القطاع، الأمر الذي سيكون له تداعيات أمنية خطيرة على "إسرائيل" في حال حصوله.

ومن ناحية أخرى، توضح ترجمة الكتاب معلومات مكثفة عن استثمار "إسرائيل" في القوة التكنولوجية الناعمة، وخصوصاً الاستثمارات التكنولوجية الأمنية في الإمارات العربية المتحدة والتعاون العلمي مع عمان في مجال أبحاث الري وتحلية مياه البحر.

وتنقل الترجمة خلاصة رأي الكاتبين في أن النظام الأمني الضمني الذي تبلور بين هؤلاء الخصوم السابقين، يمكن أن يصبح نموذجاً لفهم التحولات في التحالفات وأنظمة الأمن الإقليمية على نطاق أوسع قد يمتد إلى كل الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وما وراءهما.

وتأتي هذه الترجمة وسط موجة الإعلان عن اتفاقات التطبيع بين "إسرائيل" وعدد من الدول العربية. وهي بالتالي ستساعد الباحثين والمتابعين لشؤون المنطقة على فهم خلفيات العلاقة ومآلاتها بين الأطراف ذات الصلة و"إسرائيل".

وتجدر الإشارة إلى أن هذه الترجمة تعكس آراء وأفكار الباحثَين، وليس بالضرورة مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات.

حول الموقع

سام برس