بقلم/ أحمد الشاوش
ليلة جن .. نعيش قبل حلول عيد الفطر والاضحى حدث تاريخي نادر وليلة من ليالي الانس والسلطنة يردد الجميع فيها أغنية الفنان علي الانسي "انستنا ياعيد " ، واضحك مع الايام بعد تسريبات وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي في صنعاء عن صرف نصف راتب جعجعة!!؟

وخلاصة الخلاصة ان معاناة الموظفين قد بلغت الحلقوم بقرب حلول العيد وأصبح المواطن يمشي على الطاوات بالتفكير في كيفية شراء ملابس طيور الجنة وجعالة وكعك العيد وعسب الارحام ، في ظل اسعار مولعة نار وألغاز الغاز وغياب وتغييب الحكومة ودعممة أجهزة الرقابة واحتضارحماية المستهلك حتى نسينا صلاة القيام وطارة ليلة القدر وتتعطفر علينا البخاري ومسلم وصارت أبواق السلطة تردد سيمفونية " العيد عيد العافية " بينما أصحاب المعالي جيوبهم دافية ، بعد ان تحولت حكومة " الانقاذ " الى حكومة لـ" اغراق" المواطن و"شاهد ماشفش حاجة" ومجلس " النواق" بمثابة الاطرش في الزفة ، والمواطن راضي بالدولة والدولة مش راضيه به رغم ان الناس على دين ملوكها.

والمضحك والمبكي ان أصحاب البقالات على أهبة الاستعداد بالرماح كالهنود الحمر والمؤجرين جاهزين لاطلاق كشوفات أرض أرض وأرض جو وسط غارات وغواير لايعلمها إلا الله ، بينما مؤسسة طفي لصي ضربت بالقوانين والانظمة عرض الحائط ورفعت سعر الكيلو من 7 ريال في زمن النباش الاول الى 270 ريال بديزل وموظفي ومهندسي الدولة وكانها صاحب ماطور كهربي خاص، مؤكدين على انها ليلة جن.

ياسادة ياكرام شاهدنا قرب كل عيد اعلان ينطح اعلان وعاجل ينطح عاجل وفاصل يدق فاصل وخبر يسير وخبر يجي وصرح مصدر مسؤول والموظف آخر جعجعة تحت رحمة الدولة في صنعاء وعدن ، فلا هادي ورئيس وزراءه هداهم الله وصرفوا مرتبات الموظفين ، ولا المؤمنين رقة قلوبهم .

وصار اليوم كل من الموظف والمؤجرين واصحاب البقالات يترقبوا الفرصة للفوز بنصف راتب ويتساءل كل منهم .. هيا مه اعلنوا .. صرفواااااااا .. حنن الله قلب الدولة و ألهة البنك المركزي بصنعاء وعدن ... نزلت ليلة القدر .. واسمع لك المجابر والمشعات والشطحات والشائعات والتصريحات والغمز واللمز ، واما مرتب الدنبوع هادي فقد تحول الى مسخرة المساخر بعد ان اصبح مناصفة بين الموظف والكريمي وعمولة مراكز القوى.

والمثير للدهشة ان رئيس واعضاء المجلس السياسي والحكومة واعضاء مجلسي النواب والشورى والمشرفين وبعض المؤسسات في بحبوحة ومعنويات مرتفعة ماشاء الله وابتسامات خارقة وبدلات وربطات عنق انيقة ومرافقين .. ورئيس مجلس نواب حفظه الله يتقسم لبرلمانات العالم ورئيس بنك مركزي بيلمع مثل الطبعات الجديدة الممنوعة من الصرف ، وموظف يعاني من شلل الاعفاط بعد ان فقد عقله وقلعوا له اطراسة وبرمجوه على بيت ابوطالب يعصدوا له ، ورتب عسكرية في خمسة ايام وبدون معلم وتاجر يشم الراتب على مسافة عشرة كيلو مثل ملك الموت ومؤجر بيده سلسلة ذرعها سبعون ذراع .

وكعادتي رغم عملي كصحفي في ادارة الاخبار بصحيفة الثورة ورئيساً لتحرير صحيفة سام برس إلا ان مصادري ضعيفة جداً وان الاخبار السارة والملغومة بالنسبة لمفاجأة نصف الراتب أو التغذية ،، تأتي من زوجتي العزيزة حفظها الله التي أصبحت أسرع من بي بي سي ، في استقاء الاخبار لتبشرني وتخفف من همي وروعي وتكتب رُشدة أرض أرض وتقصف عمري بورقة أرض جو بإحتياجات البيت العائلي في حين أصبحت مصادري ضعيفة جداً أشبة بوكالة سبأ للانبأ التي تستقي الاخبار من المسيرة نت والواتس آب والفسبكة

المهم ياسادة ياكرام ترقبت الاخبار واذا بالخبر اليقين نصف الراتب ينزل كالصاعقة .. الجمهور يشجع ويصرخ حركاتك ياعم مهدي ويعدي من الاول والثاني ويجيب نص جول ، وتبدأ المباراة ويدخل بن حبتور بمهاراته ومراوغته الى خط الـ 18 ويحاول يهدف لكن عمنا مهدي يسبقه في التصريح ، ويلعب اعضاء المجلس السياسي بينما يضل محمد علي الحوثي في قائمة الاحيتاط يسخن للماتش القادم وتلعب الحكومة والبنك المركزي في الوقت الضائع وهجمة مرتدة وهات وخذ الاعتمادات والنثريات والنفقات وبدلات السفر والجمهور يشجع.. وتقطع برامج البث لتزف لنا " حذام " الخبر اليقين ونتنفس الصعداء وتعود للجمهورالروح في الوقت الضائع.

ومش حتقدر تغمض عينيك .. المشاط يوجه بصرف نصف الراتب .. عاجل .. الحكومة .. وزير المالية ، الجيش الالكتروني ومن شدة الفرح وقبل مايتراجعوا الخبرة أو تكون صنافة قات بكرت للصحيفة أسرب من بعد صلاة الفجر والناس نيام وقلت في نفسي من جيز الغاغة وصارت عليا نومه ماظهر لي إلا بعسكري بيقل مامعك ياحج هانا لارحمه الله من شردك من البيت ، قلت له انا موظف لي حوالي 28 سنة بنينا المؤسسة طوبه طوبه قال قل بغيرها صورتك من اهل الكهف ياحج هي ارقد سكته لاسمع لك صوت أو يدروا بك أصحاب ربي لوما يجي أمين الصندوق.

وواصلنا الخطوة الاولى من مسيرة استلام نصف الراتب واخذ الموظفين الانتظام في السرب دون الالتزام بالاشتراطات الصحية وهذا يزحمك وآخر يدكمك وذيه يلكدك وكأن مشهد سينما بلقيس والاهلية بصنعاء يتكرر ويعود بالذاكرة الى الايام الخوالي عند محاولة شراء تذكرة والزحام الشديد على على شبابيك البيع لدخول مشاهدة احد الافلام الهندية وقصصها العجيبة التي كانت تبكينا وتسعدنا وتدفع فينا الامل والخرط بلاحدود.

وكعادة اليمنيين في المقابر والافراح والاحزان والمطاعم والمضرابة نحب الزحمة تيمناً بالفنان المصري أحمد عدوية " زحمة يادنيا زحمة" وما ان وصلت الى أمين الصندوق ووقعت على الاسم حتى بدأت الجيفة تتطلع من النقود الرثة والمشططة والممزقة والتالفة وكانها تجسد واقع اليمن المرير .

وتبدأ ليلة الجن بالذهاب الى البيت وماهي إلا دقائق حتى شكلنا خلية أزمة واعلنا حالة الطوارى واغلقنا البيت واستنفار وزارة الداخلية والجنود والدكتورة واحضار المقص واللصقات وفرز فئة ابو 100ريال وحدها وابو 250 ريال و500 ريال ، وعلى الفور عقمت الدكتورة الغرفة والايدي والارجل وفتحنا النوافذ ونحن في حالة صراخ وهياج وتشنج وحكة وضحة وزبجة واذان الجيران تسترق السمع وعطسة بعد عطسة من رائحة الفلوس المنتهية الصلاحية والحكومة المنتهية الصلاحية والدولة الهشة التي تكنز الذهب والفضة والدولارات والسعودي واليوروا وتجعجعنا وتنغطنا وتعذبنا بنصف راتب يعاني من السل والجرب في الستة شهور رغم الايرادات الخيالية للزكاة والضرائب والنفط والغاز والاوقاف والمجهود على كل عطسة تاجر وفي النهاية يتحملها المواطن المغضوب عليه دنيا وآخرة.

وماهي إلا لحظات حتى صرخ أحد الجيران من اين بتطلع الجيفة الشم هذا مش غريب عليا ياجماعة، ويباشر الاتصال بمؤسسة المياة والمجاري على الخط الساخن واذا بالرد الالي هذا الموظف لم يدخل في الخدمة بعد يرجى معاودة الاتصال لاحقاً ..

وبدون مقدمات تظهر حرمة من طاقة البيت الثاني متسائلة مالكم من مات أو بينكم " كورونا " هيا عظم الله اجركم لاتجو عندنا ولانجي عندكم انتم محجورين.. وفجاة يخرج شاب من الجهة الاخرى أشعث أغبر صارخاً ياأخي طالما عندكم ولاد بدل الازعاج اسعف المرة انا مناوب مارقدت لي ثلاثة أيام ،وعلى الخط يدخل واحد مدكوم صورة البيت ذيه في دواعش ولاعفافيش الحركة مش طبيعية ، وطلع لك عاقل الحارة مثل النمر .

أخيراً .. عقمنا أيدينا وارتدينا الكمامات واخذنا المقصات واللصقات وفرزنا نص الراتب ولصقنا بعضها وطار بعضها الى سلة المهملات وخرجنا بربع مرتب وشغلنا انفسنا وشغلنا الجيران وضربنا اخماس بسداس.

وبعد ذلك التعب والارهاق والرعب والعَرَق والدوشة، فزيت من النوم مذعور وأكتشف ان الفيلم كله طلع مجرد " رؤيااااااااااااااا" وكابوس واضغاث أحلام .. وقلت في نفسي " ليلة جن " لكنه يُبشر بنصف راتب للغلابة.

لذلك العملة انعكاس لهيبة الدولة وثقافة المواطن وان الدولة حقوق وواجبات وتمنيت لو ان العملة الكترونية او معدنية او على الاقل يغلفها البنك المركزي كالبطاقة الشخصية ، لاننا شعب نفتقد الى ثقافة النظام والاناقة .

shawish22@gmail.com

حول الموقع

سام برس