سام برس
كتاب «تاريخ عبدالله المبارك في صور»أصدرته د.سعاد الصباح إحياء لذكرى نائب حاكم الكويت «صقر الخليج» بمناسبة مرور 24 عاماً على رحيلهوالكتاب يوثق مرحلة من تاريخ الكويت الحديثة..الكتاب مقسم الى 13 فصلاً تناولت جوانب حياة الشيخ عبدالله المبارك الخاصة والعامة.

الراحل جمع بين الأصالة الحداثة وامتزاج البداوة بالحضارة قيماً وانفتاحاً وفروسية وتنوراً
صدر عن دار سعاد الصباح للنشر والتوزيع كتاب «تاريخ عبدالله مبارك الصباح في صور» للدكتورة سعاد الصباح، وذلك إحياء للذكرى الرابعة والعشرين لوفاته والتي تصادف يوم 15 يونيو.
وقد استهلت د. سعاد الصباح كتابها بإهداء وجهته إلى روح زوجها ورفيقها ومعلمها عبدالله المبارك، معقبة بقولها: «وحتى لا يضيع تاريخ رجل ساهم في بناء الكويت، كان هذا الكتاب وفاء له».

وتميز الكتاب بشمولية البحث واتساع المجال في التوثيق والتحديد التاريخي، حتى أن المتلقي ليشعر بأنه أمام كتاب تاريخي يوثق مرحلة من حياة الكويت الحديثة وبناء مؤسساتها ونهضتها الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والثقافية والعسكرية، وقسمت د.سعاد الصباح كتابها إلى 13 فصلا، تناولت في كل فصل جانبا من جوانب حياة الشيخ عبدالله المبارك الخاصة والعامة، وافتتحت ذلك بمقدمة طويلة نوعا ما، بعنوان «صقر الخليج عبدالله مبارك الصباح»، أظهرت في أسطرها الأولى ما أرادت قوله في ثنايا الكتاب عموما، ثم تحدثت عن مولد الشيخ عبدالله المبارك ونشأته، ثم جمعه بين الأصالة والحداثة وامتزاج البداوة بالحضارة قيما وانفتاحا وفروسية وتنورا، ثم تحدثت عن الشيخ عبدالله المبارك باعتباره رجل الدولة والمؤسسات وصاحب البصمة التي لا تمحى في المساهمة ببناء نهضة الكويت الحديثة، وتوسعت المؤلفة في الحديث عن الجانب العسكري والأمني لدى زوجها الراحل، وذلك باعتباره قائد الجيش الكويتي ومؤسسه، ومدير الأمن العام والطيران والشرطة، وصاحب اليد الطولى في إيجاد ركائز هذه المؤسسات ذات الأهمية الإستراتيجية في حياة الدول.

ولم تغفل الكاتبة الدور الثقافي والتعليمي والرياضي وأنشطة المجتمع المدني وتأسيس الإذاعة، والذي رعاه وواكبه الشيخ عبدالله المبارك في حقبة الخمسينيات من القرن الماضي، وكان يشغل فيها منصب نائب حاكم الكويت، وتسلم مقاليد الحكم بالإنابة لفترات طويلة بسبب سفر سمو الأمير الشيخ عبدالله السالم المتكرر للعلاج في الخارج.

ثم تناولت الكاتبة موقف الشيخ المبارك من العروبة والتعاون العربي، ولم تخف سرا - سواء في مقدمتها أو الفصول المتعلقة بذلك ضمن الكتاب- عندما أظهرت السمت العروبي الواضح الذي تمسك به الشيخ عبدالله المبارك، وهو الذي ألغى تأشيرات دخول العرب إلى الكويت رغم غضب بريطانيا، وجمعته علاقات مميزة جدا مع معظم الزعماء العرب آنذاك أمثال الزعيم التاريخي جمال عبدالناصر والملك سعود بن عبدالعزيز ورؤساء سورية ولبنان والجزائر وملك المغرب، وغيرهم.

وتحدثت المقدمة كذلك عن السياسة المحنكة التي كان يمسك بعصاها نائب الحاكم سمو الشيخ عبدالله المبارك في العلاقات الدولية، سواء مع بريطانيا أو المحيط الإقليمي ودول العالم الأخرى قبل الاستقلال وبعده.

وتساءلت الكاتبة في نهاية مقدمتها وفي نهاية كتابها «ماذا يبقى من هذا الرجل للتاريخ؟»، لتجيب بأن الرجل العام يعيش في سجل الوطن بقدر ما تبقى إنجازاته شاهدة على ما قدم لبلاده، ويعيش في ذاكرة الشعب بقدر ارتباط ممارساته بالمبادئ والقيم الأخلاقية لهذا الشعب، ويبقى الشيخ عبدالله المبارك نموذجا لرجل الدولة الذي التزم بالمبادئ في عمله العام، ولم يؤمن قط بأن «الغاية تبرر الوسيلة»، مضيفة أنه يبقى اسم عبدالله المبارك في ذاكرة الكويت رمزا لمعاني التحديث والتنمية وإدارة عملية التغيير الاجتماعي في ظروف صعبة ومعقدة.

وإذا كانت إدارة مثل هذه العملية من الأمور الصعبة عموما، وأدى في بعض البلاد إلى حدوث حالة من الفوضى وعدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي، فإن حجم التحدي في الكويت كان أكبر وأعمق.

وأشارت إلى أن اسم عبدالله المبارك يبقى في ذاكرة الوطن عنوانا للعمل من أجل الاستقلال، وتوفير ظروفه ومتطلباته، والحفاظ على حقوق وطنه تجاه الغير.

كان سلوكه الشخصي رمزا للاعتداد الوطني والثقة بالنفس، وكان سلوكه العام سعيا دائبا من أجل تحرير إرادة الكويت، واستقلال قرارها الداخلي والخارجي.

ويبقى اسم عبدالله المبارك في ذاكرة الكويت رمزا لأهمية الانفتاح على الخارج، والاستفادة من خبراته وعلمه وتقدمه، فقد أدرك الشيخ أهمية العلاقات الخارجية بالنسبة للكويت، وفتح أبواب الاتصال مع العالم من خلال التعليم والإذاعة والطيران.

وقالت: (أخيرا، يبقى اسم عبدالله المبارك في ذاكرة الكويت نموذجا لشموخ الرجل العام، ولكبرياء السلطة وهيبتها، لأنه احترم نفسه واحترم المواقع التي شغلها في حكومة بلاده، وتصرف -وهو خارج السلطة- وفقا لهذا الاعتبار، لذلك، فرض على الآخرين احترامه وتقديره، فقد كان عبدالله المبارك كبيرا في الحكم، وأكبر وهو خارجه، ولم يسمح لأحد قط بأن يستدرجه إلى مزالق المهاترات وصغائر الأمور.

وطالما استمرت نهضة الكويت وتقدمها، فسوف يبقى اسم عبدالله المبارك أحد رموزها الشامخة وعلاماتها المضيئة).

وأعقبت المؤلفة مقدمتها الطويلة بقصيدة من قصائدها المميزة التي تعكس المشاعر التي تكنها في نفسها تجاه زوجها حيا وميتا، وهي بعنوان «زوجي المعلم وأنا التلميذة».

الكتاب من القطع الكبير وبطباعة فاخرة وورق مميز، ويقع فيما يزيد على 550 صفحة، ويشتمل على كم كبير من الصور والوثائق التي تم تحديد مكانها وزمانها بما يبدو أنه عمل مضن، اعتمدت فيها المؤلفة على أكثر من أربعين مرجعا فضلا عن أرشيفها الخاص الكبير، وهو ما استحق جهدا ووقتا كبيرين ليخرج بهذه الصورة المميزة، والشكل الأنيق، وليكون الكتاب إضافة حقيقية للمكتبة الكويتية خصوصا والخليجية والعربية والعالمية عموما، ووثيقة اشتملت على تواريخ ووقائع وأسماء أعلام ومعلومات تشكل مرجعا مهما للباحثين عن الحقيقة في التاريخ الحديث للكويت.

يذكر أن الشاعرة د.سعاد الصباح خصصت الكثير من مؤلفاتها النثرية وكتاباتها الشعرية للحديث عن العلاقة الفريدة التي جمعتها بزوجها الراحل سمو الشيخ عبدالله المبارك، وكانت فيها مثالا للزوجة الطائعة الوفية والأديبة العاشقة، سواء في حياته أو بعد وفاته.

حول الموقع

سام برس