سام برس
اعلان “الدولة الاسلامية” مسؤوليتها عن هجمات عدن “فأل” سيىء للتحالف السعودي والحوثيين معا.. فهل سيتحول “اعداء اليوم” الى “حلفاء المستقبل”؟ وكيف ستؤثر هذه الهجمات على المعادلات في حرب اليمن؟
تبني “الدولة الاسلامية” للهجمات الثلاث، التي استهدفت فندقا يقيم فيه السيد خالد بحاح، رئيس الوزراء، واعضاء في حكومته، بالاضافة الى مقرين لقيادة قوات التحالف العربي، يشكل “فألا” سيئا للحكومة السعودية، واعضاء تحالفها الآخرين، مثلما يشكل انعطافة خطيرة في المشهد اليمني بشكل عام.

نشرح اكثر ونقول ان جنوب اليمن كان دائما معقلا لتنظيم “القاعدة”، ونقطة انطلاق رئيسية له في مختلف انحاء اليمن، ويبدو ان التنظيم كان في حالة “هدنة” مع قوات التحالف السعودي طوال الاشهر الستة الماضية، وبالتحديد منذ بدء غارات طائرات “عاصفة الحزم”، حتى ان هذه الطائرات لم تطلق صاروخا واحدا على تجمعات “القاعدة” في مدينة المكلا، عاصمة محافظة حضرموت، التي يسيطر التنظيم على معظمها.

البيان الرسمي الذي صدر عن قيادة التحالف السعودي القى بالمسؤولية عن هجوم عدن الثلاثي على عاتق “الحوثيين”، ولم يقتنع الكثيرون، داخل التحالف وخارجه، بالتصريحات التي ادلى بها السيد محمد البخيتي عضو المجلس السياسي في حركة “انصار الله” الحوثية التي نفى فيها نفيا قاطعا اي دور لجماعته في الهجوم المذكور، ليثبت بيان “الدولة الاسلامية” صحة نفيه هذا، وتسرع قيادة التحالف في اتهامه جماعته بالمسؤولية.

تكثيف “الدولة الاسلامية” لتواجدها في اليمن يقلب معادلات التحالف السعودي ومخططاته، لان خطر الحوثيين، وحليفهم الرئيس علي عبد الله صالح يتواضع، بل ويتقزم، امام خطر هذه “الدولة”، وربما يغير مجرى الصراع على ارض اليمن، ويفرض تحالفات جديدة، من غير المستبعد ان تكون بين “اعداء اليوم” في مواجهة عدو المستقبل المشترك.

“الدولة لاسلامية” تعادي الحوثيين بالدرجة نفسها التي تعادي فيها التحالف السعودي، ان لم يكن اكثر، ولم تتوقف مطلقا عن تنفيذ تفجيرات ضد المساجد الزيدية في صنعاء، ادت الى مقتل وجرح العشرات من المدنيين الابرياء.

اليمن يمكن ان يشكل الحاضنة الاضخم لتنظيم “الدولة الاسلامية” بعد الانبار العراقية والشرق السوري، ولا نستغرب ان يعلن هذا التنظيم قيام “ولاية اليمن” قريبا، اسوة بولاية سيناء، وولاية سرت وغيرها.

هناك اكثر من 75 مليون قطعة سلاح في اليمن، حسب تقديرات الامم المتحدة قبل ستة اشهر، وهناك احتمال كبير بارتفاع هذا العدد بعد التدخل العسكري السعودي، وارسال آلاف الاطنان من الاسلحة والمعدات العسكرية الثقيلة الى القبائل المعادية للتحالف “الحوثي الصالحي”، ويمكن القول ان هذه البيئة التسليحية الضخمة، والمخزون البشري الضخم، هما الانسب لـ “الدولة الاسلامية” لكي تواصل قواتها قتالها ضد كل من يعاديها في البلاد، والانطلاق لاحقا نحو الاراضي السعودية.

المشكلة الاعقد التي يعاني منها التحالف العسكري السعودي، هي سوء تقدير قوة الاعداء، ومدى ولاء الاصدقاء في الوقت نفسه، والمبالغة والتسرع في اعطاء تقويمات خاطئة للانجازات على الارض بهدف رفع المعنويات، وتغذية الآلة الاعلامية الخليجية الجبارة ببعض الانتصارات العسكرية.

العميد احمد عسيري الناطق باسم التحالف قدم بالامس نموذجا حيا عن سوء التقدير هذا، عندما اكد في حديث لصحيفة “الرياض” السعودية ان العمليات العسكرية في اليمن تسير حسب ما هو مخطط لها، مشيرا الى ان 75 بالمئة من الاراضي اليمنية تحررت من الحوثيين، والقوات الموالية للرئيس السابق صالح.

لا نعرف طبيعة المصادر التي استند اليها العميد عسيري، فمعظم شمال اليمن، ما زال تحت سيطرة قوات التحالف “الحوثي الصالحي”، بما في ذلك العاصمة صنعاء، وهي تشكل ومحيطها ربع الاراضي اليمنية، واذا افترضنا جدلا ان ما قاله العميد صحيحا، فان هجوم عدن الثلاثي، يؤكد ان هذا التحرير ليس كاملا، ولم يحقق الامن والاستقرار.

واذا كان تحرير المدن اليمنية من الحوثيين يؤدي الى تسليمها دون قصد لقوات تنظيمي “الدولة الاسلامية” او”القاعدة”، فان هذا يؤكد بأن التحالف السعودي ينطبق عليه المثل الذي يقول “كمن يستجير من الرمضاء بالنار”.
ونكتفي بهذا القدر.
“راي اليوم”

حول الموقع

سام برس