سام برس
احمد الجلبي كان يجب ان يعلق على حبل المشنقة كمجرم حرب باع بلاده للاحتلال الاجنبي واغرقها في التقسيمات الطائفية والعرقية.. وسهل مخططات التفتيت الحالية للمنطقة العربية بأسرها

وفاة الدكتور احمد الجلبي الذي يعتبر ابرز شخصية عراقية تعاملت مع المخابرات الامريكية، ودفعت حكومة جورج بوش الابن الى غزو العراق واحتلاله، واطاحة النظام فيه، فتحت مجددا، ولو بطريقة مواربة متأخرة، ملفات تلك الفترة العصبية من تاريخ العراق.

يتحمل الدكتور الجلبي، وكل الذين عادوا الى العراق مع قوات الغزو الامريكي، كل المآسي التي حلت بالعراق، وابرزها ازالة هذا البلد العربي العريق من خريطة المنطقة كقوة اقليمية عظمى مهابة، واستشهاد اكثر من مليون من ابنائه بآلة القتل والدمار الامريكية، وترميل العدد نفسه من النساء، واعادته، اي العراق، الى القرون الوسطى.

الدكتور الجلبي انطلق في تواطئه مع الاعداء لتدمير بلده وتفكيكه، وبذر بذور الطائفية البغيضة فيه، من احقاده وثأراته الشخصية، معتقدا انه سيتربع على عرش العراق العظيم كمندوب سام امريكي، ولكنه انتهى مهمشا منبوذا، ومات وحيدا ليدخل التاريخ من الباب الذي دخل منه يهوذا الاسخريوطي.

ادارة الرئيس الامريكي جورج بوش الابن، وعصابة الصهاينة الذين سيطروا عليها، اعتمدت على الدكتور الجلبي ومعلوماته لتسويق الحرب ضد العرق، وتدميره كقوة تشكل خطرا على اسرائيل، وتقترب من تحقيق التوازن الاستراتيجي معها، وتتصدى لكل مشاريع الهيمنة الامريكية في منطقة الشرق الاوسط برمتها.

لا نعرف حقيقة مشاعر الدكتور الجلبي، وهو يرى العراق مقسما طائفيا وعرقيا وجغرافيا، لا هوية وطنية جامعة، فاقدا السيادة والاستقلال، وتتدخل في شؤونه كل القوى الاقليمية والعالمية، صغيرها وكبيرها، ولكننا على ثقة ان شخص مثله باع ضميره ووطنه للمحتل الامريكي لا يمكن ان يحمل غير الحقد والثأرية والرغبة في التدمير وسفك الدماء، دماء اهله بالدرجة الاولى.

سياسات الجلبي، وتوصياته للمحتل الامريكي، ابتداء من حل الجيش العراقي العظيم، وتفكيك كل مؤسسات الدولة الامنية والعسكرية، واصدار قوانين اجتثاث البعث الطائفية الجذور والنزعات، كلها، مجتمعة او متفرقة، اوصلت العراق الى وضعه الحالي الذي يسوده عدم الاستقرار، وانهيار الخدمات، وتصاعد الفوضى المسلحة، واستشراس الميليشيات.

ارث الدكتور الجلبي وكل المتواطئين الطائفيين مع الاحتلال هو الذي هيأ الحاضنة لنشأة ونمو وتطور “الدولة الاسلامية”، وتهيئة الحاضنة الشعبية لها، وامتلاكها كل اسباب القوة، وتحولها الى قوة حقيقية تستقطب كل الاسلاميين المتشددين من مختلف انحاء العالم، وتقيم “دولة امر واقع″ تكتفي ماليا وعسكريا وتضم اكثر من مئة الف مقاتل في صفوفها.

سحر الدكتور الجلبي الاسود انقلب عليه، وعلى كل الطائفيين العنصريين من امثاله، مثلما انقلب على الولايات المتحدة الامريكية نفسها، التي خسرت اكثر من خمسة آلاف جندي، مثلما خسرت سمعتها ومكانتها، وتحولت الى اكثر دولة مكروهة في العالم من جراء غزوها للعراق، ونحن لا ننسى خسائرها المادية التي تفوق خمسة تريليونان دولار.
ما كنا نتمنى للدكتور الجلبي، وكل زملائه الذين تآمروا مع الاعداء ضد بلدهم، ان ينتقل الى الرفيق الاعلى دون ان يقدم الى المحاكمة كمجرم حرب، جنبا الى جنب مع جورج بوش الابن، وتوني بلير، وكل مجرمي الحرب الآخرين.

كل المآسي التي تتعرض لها المنطقة العربية في الوقت الراهن بتخطيط امريكي اسرائيلي، ما كان لها ان تتم في ظل وجود العراق القوي الوطني العربي العظيم، وهنا يتضح حجم تواطؤ الجلبي وامثاله ضد بلده والامتين العربية والاسلامية في آن.
“راي اليوم”

حول الموقع

سام برس