سام برس
العاهل السعودي التقى الرئيس بوتين في انطاليا.. من يغير موقف الآخر تجاه الازمة السورية؟ ولماذا رفض السوريون نتائج لقاء فيينا وجداوله الزمنية بسرعة؟ وماذا نتوقع من مؤتمر وزراء خارجية الخليج الثلاثاء؟

الدبلوماسية الروسية تعيش احلى عصورها هذه الايام، فالرئيس فلاديمير بوتين التقى نظيره الامريكي باراك اوباما على هامش مؤتمر قمة دول العشرين الاقوى اقتصاديا في انطاليا، ثم بعد ذلك مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، بينما كان سيرغي لافروف، مهندس هذه الدبلوماسية، يصول ويجول في لقاء فيينا الاخير الموسع.

الفضل في كل هذا الحراك الدبلوماسي الروسي يعود الى العرب وازماتهم، والملف السوري اولا، وتصاعد خطر “الدولة الاسلامية” على المنطقة والعالم ثانيا.

لقاء القمة الروسي الامريكي مهم دون ادنى شك، ولكن اللقاء الثاني بين الرئيس بوتين والعاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز، ربما يكون الاكثر اهمية في نظرنا، ليس لانه الاول فقط، وانما لانه قد يكون حاسما في التوصل الى مخرج مشرف لكل الاطراف من المستنقع الدموي السوري.

صحيح ان الرئيس بوتين التقى الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، احد ابرز اضلاع المثل السعودي القطري التركي، على هامش قمة انطاليا ايضا، ولكن الصحيح ايضا ان الدور السعودي المتمثل في دعم المعارضة السورية بمليارات الدولارات، والاسلحة النوعية، ربما يكون اكثر فاعلية من نظيره التركي الذي اقتصر على دور “الممر” فقط، سواء للاسلحة او المقاتلين.

الاعلام لعب، وما زال يلعب دورا كبيرا في هذه الازمة، والسعودية وظفت آلتها الاعلامية الجبارة التي تضم امبراطوريات واذرعة ضاربة في مصلحة سياستها في اطاحة النظام السوري، والتدخل العسكري في اليمن، وان كان البعض يجادل بأن هذه الاذرعة المالية والاعلامية والعسكرية لم تسقط نظام الاسد، ولم تهزم التحالف “الحوثي الصالحي” حتى الآن على الاقل.

لا نعرف ما دار في اجتماع العاهل السعودي مع نظيره الروسي، لانه كان مغلقا، والطرفان معروفان بالتكتم، وان كان السيد عادل الجبير وزير خارجية السعودية كسر هذه “القاعدة” بكثرة تصريحاته بمناسبة وغير مناسبة، حيث يحلو له تكرار جملته الاثيرة التي حفظها الجميع عن ظهر قلب، ويتوقعونها منه دائما، وهي “يجب على الاسد ان يرحل بالحل السياسي او القوة العسكرية”.

العاهل السعودي كان من المقرر ان يزور موسكو قبل نهاية هذا العام، ولكن التدخل العسكري الروسي الموسع في سورية، بشقيه الجوي والارضي، غير كل مخططاته، وخلط الاوراق في المنطقة، واكد ان القيادة الروسية من الصعب ان تشتري بصفقات اسلحة او بالتلويح بورقة الاستثمارات.

نتكهن، ولا نملك غير التكهن، ريثما يتكرم علينا احدهم بتصريح او معلومة، بأن مصير الرئيس السوري بشار الاسد كان مع قمة جدول الاعمال، ان لم يكن الوحيد، وتجهم العاهل السعودي اثناء اللقاء مثلما شاهدنا في الصور، يوحي بأن الموقف الروسي الذي جاء ردا على “اسطوانة” الجبير، اي ان مصير الرئيس السوري يقرره الشعب ما زال على حاله.

وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي يعقدون اجتماعهم العادي في الرياض (الثلاثاء) يمهدون من خلاله للقمة الخليجية السنوية، ولا بد ان هذا الاجتماع سيعكس ما دار في لقاء القمة السعودي الروسي بصورة او باخرى حول المخارج التي تنقذ ماء وجه جميع الاطراف من الازمة السورية.
رفض المسؤولين السوريين للبيان الختامي للقاء فيينا، الذي تضمن اتفاق على تحديد الفترة الانتقالية في حدود العامين تقريبا، والاتفاق حولها في غضون ستة اشهر يوحي بالثقة، خاصة ان هذا الرفض جاء بعد ساعات من ختام اللقاء المذكور.

اذا لم يتمخض لقاء العاهل السعودي مع الرئيس الروسي بوتين عن انفراجة، او مشروع حل، فان الازمة السورية مرشحة لمرحلة جديدة من التصعيد في جبهات القتال مع فارق اساسي وهو ان روسيا اصبحت طرفا رئيسيا في هذا الصراع ودولة شرق اوسطية ايضا.
“راي اليوم”

حول الموقع

سام برس