سام برس / متابعات

سيادة رئيس المؤتمر،
سيادة رئيس مجلس الشيوخ،
سيادة رئيس الوزراء،
السيدات والسادة أعضاء الحكومة،
السيدات والسادة النوّاب،

إن فرنسا في حالة حرب، فالأعمال التي ارتكبت مساء يوم الجمعة في باريس وبقرب ملعب ستاد دي فرانس هي أعمال حربية، أسفرت عن مقتل 129 شخصا وإصابة العديدين. وتمثّل هذه الأعمال اعتداء على بلدنا وعلى قيمه وشبابه ونمط عيشه، ارتكبها جيش جهادي، هو تنظيم داعش، الذي يحاربنا لأن فرنسا هي بلد الحرية ولأننا وطن حقوق الإنسان.

أردت في هذه الفترة الخطيرة للغاية أن أتوجه لمؤتمر غرفتي البرلمان من أجل تأكيد الوحدة الوطنية في مواجهة هذه الفظاعة، والرد على هذا الهجوم المقيت الذي استهدف بلدنا بعزم وبرود أعصاب كما ينبغي.
لقد انتصرت ديمقراطيتنا حقا على أعداء أشرس بكثير من هؤلاء القتلة، ولن ينال القتلة البائسين من جمهوريتنا.
إنني أريد أن أضع كل قوة دولتنا في خدمة مواطنينا وحمايتهم، وأعلم أن بإمكاني التعويل على تفاني الشرطيين وأفراد الدرك والعسكريين، وعليكم أنتم ممثلي الأمة، إذ إنكم تتحلون بحس الواجب وروح التضحية عندما تقتضي الظروف ذلك.
محاربة الإرهاب و تنظيم داعش:

إننا نواجه تنظيما، هو تنظيم داعش، بحوزته رقعة أرض وموارد مالية وقدرات عسكرية. وقد نفّذ جيش تنظيم داعش الإرهابي ضربات منذ مطلع العام في باريس والدانمرك وتونس ومصر ولبنان والكويت والمملكة العربية السعودية وتركيا وليبيا، كما أنه يرتكب المجازر يوميا ويقمع السكان.
لذا تمثّل ضرورة القضاء على تنظيم داعش مسألة تهم كل المجتمع الدولي، ومن ثم طلبت إلى مجلس الأمن عقد اجتماع في أقرب وقت من أجل اعتماد قرار يؤكّد هذا العزم المشترك على محاربة الإرهاب.

وسنحارب الإرهاب أينما كان وجود الدول معرضا للخطر. وهذا هو مسوغ القرار الذي اتخذته للتدخل في مالي ووجود جنودنا في منطقة الساحل في هذه اللحظات الآن، حيث يرتكب تنظيم بوكو حرام المجازر وعمليات الخطف والاغتصاب والقتل. إننا نحارب الإرهاب في العراق لتمكين السلطات العراقية من استعادة سيادتها على كامل الإقليم، ونسعى في سورية بحزم وبلا هوادة إلى التوصل إلى تسوية سياسية تستثني بشّار الأسد من الحل، لكن عدونا في سورية هو تنظيم داعش. ليست الغاية إذا احتواء هذا التنظيم بل القضاء عليه من أجل إنقاذ السكان في سورية والعراق، وأستطيع أن أضيف أيضا السكان في لبنان والأردن وتركيا وسائر البلدان المجاورة. كذلك من أجل حمايتنا وتفادي قدومهم إلى أقاليمنا، كما جرى في يوم الجمعة مع المقاتلين الأجانب الذين أتوا لارتكاب أعمال إرهابية.

لكن علينا بذل المزيد من الجهود، فسورية أصبحت أكبر مصنع للإرهابيين في تاريخ العالم والمجتمع الدولي منقسم وغير متسق، وقد أشرت إلى ذلك مرارا. وطالبت فرنسا المجتمع الدولي منذ بداية هذا الصراع بأن يتحد إذ إن وحدته ضرورية للتصرف بصورة مشتركة.

ومن الضروري اليوم تنفيذ المزيد من الضربات - ونحن نقوم بذلك -، وزيادة الدعم للجهات التي تحارب تنظيم داعش - ونحن نقدّم هذا الدعم، أي نحن فرنسا -، بيد أنه يجب أن تتحد جميع الجهات القادرة فعلا على محاربة هذا الجيش الإرهابي في إطار تحالف واسع النطاق وموحّد - وهذا ما نعمل على تحقيقه.

هذه هي الروح التي ستسود لقائي بالرئيس باراك أوباما والرئيس فلاديمير بوتين في الأيام المقبلة، لمضافرة قواتنا وتحقيق النتيجة التي تأجّلت لمدة طويلة أكثر من اللازم.
فرنسا تتحدث مع الجميع:

تتحدث فرنسا مع الجميع، مع إيران وتركيا وبلدان الخليج، وقد وقعت اعتداءات باريس في نفس اللحظة التي يعقد فيها اجتماع في فيينا مع هذه البلدان سعيا إلى التوصل إلى حل سياسي في سورية. ويتعيّن على الجميع من الآن فصاعدا تحمل مسؤولياته، أي بلدان الجوار والقوى العظمى وأوروبا أيضا.

وطلبتُ إلى وزير الدفاع التوجه إلى نظرائه الأوروبيين منذ الغد، بموجب المادة 7-42 من معاهدة الاتحاد الأوروبي التي تنصّ على أنه يجب على جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، في حال تعرّض دولة من الدول الأعضاء لاعتداء، أن تناصر هذه الدولة لمواجهة هذا الاعتداء، لأن العدو هو ليس عدو فرنسا بل عدو أوروبا.
قضية اللاجئين:

لا يجوز أن تعتقد أوروبا أن الأزمات المحيطة بها لا تؤثر فيها، فقضية اللاجئين مرتبطة مباشرة بالحرب الدائرة في سورية والعراق. إن السكان في هاذين البلدين، ولا سيّما القاطنين في المناطق التي يسيطر عليها تنظيم داعش يتعرضون للقتل ويفرون، وهم ضحايا هذا النظام الإرهابي ذاته.

لذا لا بد أن تستقبل أوروبا الأشخاص المؤهلين للحصول على حق اللجوء بظروف كريمة، ولكن أن تعيد اللاجئين غير المؤهلين للحصول على هذا الحق إلى بلدانهم، مما يقتضي - ليس بعد في الوقت الراهن - الحماية الفعلية للحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي. وتعمل فرنسا على تحقيق ذلك وكانت أول من أنذر بهذا الوضع، وهي تعمل مع ألمانيا من أجل توفير المساعدة للبلدان التي يتدفق إليها اللاجئون. والبلدان التي يجب أن تستفيد من المساعدة في المقام الأول هي بلدان المنطقة، أي تركيا والأردن ولبنان. وإذا لم تراقب أوروبا حدودها الخارجية فسنشهد - وهذا ما نشهده اليوم - عودة الحدود الوطنية، إن لم يكن عبر إقامة الجدران فعبر الأسلاك الشائكة، مما سيعني تفكيك الاتحاد الأوروبي.

حول الموقع

سام برس