بقلم / أحمد عبدالله الشاوش
صدمة كبيرة لم تفق منها عاصمة النور " باريس " بعد العملية الإرهابية المزدوجة التي نفذها تنظيم " داعش " الاجرامي في محيط الاستاد الرياضي وبعض المسارح و المطاعم والمقاهي التي أدت الى مقتل 133 تقريباً وأصابة أكثر من 352 ، وسيل من الدماء والقطع المتناثرة لاشلاء الأبرياء وأغرقها في الظلام.

تعددت مجازر ومذابح وتفجيرات التنظيم الإرهابي الذي جعل من مدينة " الموضة والجمال والفن والثقافة " مأساة أنسانية ، بعد ان ادمن " داعش " التوحش ، بحسب مواصفات المُصنع الأمريكي والغربي الذي سعى منذ اللحظة الأولى الى استنساخ البصمة الايدلوجية الأكثر وحشية ورعباً منذ الحرب لاسقاط أفغانستان وترويع وتهديد وابتزاز الأنظمة والشعوب العربية عبر فزاعة الاخوان المسلمين .. غير أن هذا السرطان الخبيث تطور آلياً وتنامى وفق عملية تخصيب استخباراتية وتم تسويقه في الجسد العراقي وصار يحمل جواز مرور عالمي والعديد من الأسماء التي اختزلت في القاعدة وداعش والنصرة وبيت المقدس والجهاد وبوكو حرام وجيش محمد ، وبعض المليشيات والحركات التقدمية التي فقدت رصيدها الأخلاقي ومبادئها الإنسانية ، وأصبحت بريطانيا وامريكا وإسرائيل هي المتهم والموجه عن بُعد لهذا السرطان المدمر للإنسانية ، بعد ان شجعت ودعمت وساندة وهيئت أراضيها لاحتواء هذا التنظيم ورعايته ووفرة له من الوسائل والتكنولوجيا الحديثة ما يفوق التصور ومنحت الكثير منهم الجنسية وشجعتهم لاستدراج بعض شباب أوروبا وفي طليعتهم ذوي الأصول العربية والإسلامية للتشوية بصورة الإسلام وتنفيذ أجندات مسمومة وملغومة في سبيل الابتزاز الرخيص للإنسانية ، ما ساعد على تمدد التنظيم بلاحدود وصارت أذرعه و" ومخالبه " تنهش في الجسد " السوري واليمني والمصري والليبي والكويتي والجزائري والموريتاني والصومالي

واللبناني والإيراني والبلجيكي والروسي بعد ان حصل على " حاضنة " أقليمية ودولية مسعورة قدمت له مليارات الدولارات من قبل النظامين " السعودي والقطري " بالإضافة الى الأسلحة الحديثة والتدريب العالي والمعلومات عبر اجهزة الاستخبارات والاقمار الاصطناعية ، في حين تولى الخليفة التركي " اردوغان " عملية التسويق والترويج والدعم اللوجستي لهذا التنظيم " المتوحش" لاسقاط العراق وسوريا وفق سياسة معالجة الخطاء بخطاء أكبر وأفدح ، ورغم ذلك سقط العراق ولم تستقر أو تكون طيعة للعم " سام " وسقط الشعب السوري ولم يسقط "الأسد " رغم المسرحية اليومية لوزير خارجية السعودية عادل الجبير " سوريا بدون الأسد " وتكرار ببغاء تركيا نفس السيمفونية .

ورغم ذلك يبدو ان مسلسل تصفير عداد الصراع في سوريا يبدأ من جديد بعد تحقيق الانتصارات الكبيرة للجيش السوري بدخول روسيا خط المواجهة الساخن بطلب سوريا واحتمال تكرار السيناريو الروسي في اليمن في اللحظات الحاسمة اذا استمر العدوان السعودي على اليمن وواصلت الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية غيها في ظلم الشعوب .

ومازال وسيظل الغرب يدفع الكثير من الخسائر ويجني الكثير من المآسي والاحزان للدخول في مستنقع " داعش " وأخواتها ثمناً للسياسات العقيمة والاستراتيجيات الأمنية الفاشلة التي أدت الى اضطهاد الكثير من المجنسين من أصول عربية وإسلامية كما حصل في ضواحي باريس منذ سنوات التي ادت الى ردة فعل عنيفة وحالة من الثأر بعد الافراط في القمع وأستعادة شريط الذكريات المخيف لمجازر الجيش الفرنسي في دول المغرب العربي أثناء أستعمارها في المذابح التي تعرض لها الشعب الجزائري ، والصراع الفرنسي الأمريكي في على القارة الافريقية عبر دعم بعض الأصوليين ، مخلفاً آلاف القتلى والجرحى ، كل هذه التراكمات والطغيان جعل من تلك الخلايا المتوحشة ملاذ آمن للانتقام ، وما بيانات وتصريحات داعش الأخيرة للدول الاوربية وامريكا إلاخير دليل على خطورة هذا التنظيم المتوحش الذي أراد له الجلاد الأمريكي توريط أوروبا وترويضها ..

ورغم ذلك أنقطع " اللجام " وفقدت السيطرة بعد ان صارت لداعش واخواتها جغرافيا متعددة وأتباع من كل المعمورة ولغات كثيرة وألسن مختلفة ووسائل متنوعة وأيادي تضرب في كل الاتجاهات والقادم أسواء .

فهل تَصدق النوايا الامريكية والاوروبية وتسارع الى احتوى سرطان داعش ووقف تمدده الفكري واعادته الى جادة الصواب وكشف الحقيقية المُرة للرأي العام الدولي عن المسؤولين في صناعته والداعمين والمروجين له وتعويض ضحاياه خدمة للامن والسلم الدوليين ، أم ان آخرة المحنش للحنش وفقاً للمثل العربي ؟ أملنا كبير .
Shawish22@gmail.com

حول الموقع

سام برس