سام برس
اغتيال الملا اختر منصور زعيم حركة طالبان الجديد قد يشكل ضربة قاضية لامريكا ومباحثات السلام في افغانستان .. فهل تقف "الدولة الاسلامية" المستفيد الاكبر خلف هذه العملية اذا ما تأكدت؟ وهل تعود "الطالبان" الى التشدد وتصعيد المقاومة للاحتلال الامريكي؟

ما زال الغموض يحيط بمصير الملا اخطر منصور زعيم حركة طالبان الجديد، الذي اصيب في حادث تبادل اطلاق النار، واكد متحدث باسم الحكومة الافغانية وفاته في بيان رسمي، بينما نفى السيد ذبيح الله مجاهد المتحدث باسم الحركة هذه الانباء.
الانباء القادمة من افغانستان تقول ان الملا اختر منصور تعرض لعملية اغتيال من خصومه الذين انشقوا عن الحركة بقيادة الملا محمد رسول، وبايعوا ابو بكر البغدادي زعيم “الدولة الاسلامية”، واطلقوا على انفسهم تسمية “المجلس الاعلى للامارة الاسلامية”.
الملا منصور الذي كان من المقربين جدا للملا محمد عمر، مؤسس الحركة، وقوبل توليه زعامة الحركة بعد عامين من اخفائه لوفاة الملا عمر، واصدار بيانات وخطابات سنوية بإسمه، بمعارضة شديدة داخل الحركة، لان عدم اعلان وفاة زعيم حركة طالبان في حينه كان خروجا عن الاعراف الاسلامية، ومناقضا لاحكام الشريعة الاسلامية التي تحتم هذا الاعلان لحسم قضايا الارث، واعطاء الحرية للزوجات بالزواج اذا رغبن في ذلك بعد انتهاء عدتهن وخلافه.
عندما اغتالت قوات امريكية خاصة الشيخ اسامة بن لادن في ابوت اباد الباكستانية في ايار (مايو) عام 2011، لم يتردد تنظيم “القاعدة” في اعلان هذه الوفاة بعد ايام معدودة، والشيء نفسه فعله التنظيم في جميع حالات اغتيال مماثلة لقياداته، ولذلك احدث نبأ اخفاء وفاة الملا عمر في احد المستشفيات الباكستانية لمدة عامين، واصدار بيانات “مفبركة” بإسمه وصوته، حالة من الغضب الشديد في صفوف الحركة ضد الملا اختر منصور والمجموعة المحيطة به، ورفض عدد كبير من قيادات الصف الاول في الحركة مباركته خليفة للملا عمر، وتقديم البيعة له، خاصة ان الملا منصور رضخ لضغوط المخابرات الباكستانية، وانخرط في مفاوضات السلام مع حكومة كابول برعاية امريكية، ووساطة قطرية، تمثلتا في فتح سفارة لامارة افغانستان في الدوحة.
وكان لافتا ان اسرة الملا عمر، وابنه الاكبر خاصة، رفضت تقديم البيعة للملا منصور كخليفة للملا عمر، وشكك البعض في بيان صدر باسم العائلة بتقديم هذه البيعة لاحقا.
اذا تأكد خبر اغتيال الملا منصور فإن هذا سيفجر الصراع داخل حركة طالبان، وسيصب في خدمة “الدولة الاسلامية” وانصارها في افغانستان الذين يتوسعون ويزدادون قوة، ومن المرجح ان تؤدي هذه الوفاة الى تجميد، ان لم يكن نسف، عملية المفاوضات السلمية مع الحكومة الافغانية، وزيادة نفوذ الاجنحة المتشددة داخل الحركة.
من الصعب اخفاء نبأ وفاة الملا منصور لايام او حتى اسابيع، لعدم تكرار الخطيئة الكبرى التي ارتكبتها الحركة، والملا منصور بإخفاء نبأ وفاة الملا عمر، واذا لم يظهر الملا منصور في غضون ايام معدودة حيا يرزق، فإن انصاره سيواجهون مأزقا كبيرا، وربما محاولات لتصفيتهم عسكريا من الجناح المتشدد على غرار الاشتباكات التي وقعت في منطقة زابول، وادت الى مقتل 50 شخصا من حركة طالبان من جرائها.
“الدولة الاسلامية” التي فتحت فرعا او “ولاية” في افغانستان، واخرى في باكستان، تحظى بتأييد كبير في اوساط المتشددين في حركة “طالبان”، وستكون المستفيد الاكبر من وفاة الملا منصور الذي اتهمته بالخيانة والتعاون مع “الكفار”، ومن غير المستبعد ان تكون هي التي تقف خلف عملية الاغتيال هذه اذا ما ثبت صحتها.

رأي اليوم

حول الموقع

سام برس