بقلم / عبدالكريم المدي
لأبناء اليمن في الماضي السحيق، وأبناء (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية) ما بعد ثورة 14أكتوبر1962 المجيدة، وأبناء الجنوب العربي، بعد العام (2007)، وأبناء أنصار الشريعة في العام (2011) وأبناء القاعدة في العام (2013) وأبناء داعش وتنظيم (الدولة الإسلامية) والخليج في العام (2015)، وأبناء ما بعد الحداثة،وما وراء الثقوب السوداء في الأيام القادمة وو..الخ..

تحية طيبة بعد السلام عليكم ..
ثمّ أما بعد :

ثقوا إن أهلكم وأشقاءكم وجيرانكم في المحافظات الشمالية، وفي مقدمتهم شمال الشمال، هذا الذي دائماً ما تتفننون في شتمه ووصمه بكل العاهات والتوشوهات، وأحياناً يُساهم معكم أبناء بعض محافظات جنوبه وساحله ووسطه، بمن فيهم نحن أبناء المناطق الوسطى التي أنتمي إليها،سيظلون يفتحون لكم قلوبهم ونفوسهم ومشاعرهم وبيوتهم،ولن يتغيروا أبداً.

تأكدوا إن الشمال وشماله، وفي هذه المحنة التي يعيشها يمننا والكارثة التي يغرق فيها (جنوبكم) سيظل فاتحاً ذراعيه ومدنه وقراه لكم، فلا تترددوا للحظة واحدة في النزوح إليه، ونقطعُ لكم جازمين إن (روافض) الحوثي، وميليشياته، وشيعة (صالح) وجيشه، مرحبون بكم على الدوام، ومثلما يحدث كل يوم مع إخوانهم القادمين من (جنوبكم) سيستقبلونكم – أيضا – بالزوامل والورود وأغصان العنب، والرمان، ولن يضيقوا بكم ،وأنتم تنجون بجلودكم من سكاكين (الخلافة) إلى هذه البلاد، التي لا تُزهق فيها روح أحد بالهوية، ولا يتم التحرش بأطفاله ونسائه بالهوية أيضا، والحال نفسه مع عقارات وبيوت وممتلكات الجنوبيين والشرقيين والغربين واليمنيين والأجانب والسود والبيض والصُّفر وغيرهم فكل هذه لا تُنهب بالهوية ولا تتصادر بناء على اللون والشكل واللقب.

هنا في مناطق (التخلُّف القبلي) لا يفعل أحدٌ ما يفعله أمام الجميع بعضُ ثوّاركم وشبابكم بـ (الدحابشه )، الذين تتساطق تحت أقدامهم كأوراق الخريف قيم التعاييش والرحمة والتسامح والدين ،حتى القتل بكرامة ورحمة ،لا ينالهما بين أيديهم أي شماليّ ، فالشماليون في محاكم التفتيش التابعة لثواركم، مُدانون جميعاً بأنهم ضُبّاط ومخبرون لـ (عفاش – الحوثي)، فبائع الطماط والبطاط الشمالي، عندكم مخبر برتبة عقيد، وصاحب عربية البصل والجرجير مخبر برتبة مقدم، ومغسّل الصحون في المطعم قائد سرية تتبع الأمن القومي برتبة نقيب، وبائع القات رئيس عمليات كتيبة في القوات الخاصة، أو الاستخبارات العسكرية يحمل رتبة عميد، والجندي المفرّغ من عمله، أوالمتقاعد، الذي يعيش سنوات عمره الأخيرة هو الآخر مخبر بدرجة لواء، وهكذا.

ومع كل هذا ومرة ثانية وعاشرة وألف نقول لكم: ها هي صنعاء وشمال الشمال تفتح ذراعيها وقلوب أبنائها لكل جنوبي يفرّ من ويلات جحيم ثوّاركم، والبدلات (البرتقالية) و(الزرقاء) التي أخذت مكانها بقوة في جنوبكم المحرر في الآونة الأخيرة.

أحبابنا في الجنوب الثائر: هل تعلمون إن صنعاء ومناطق نفوذ القبيلة وتغولها، وبعد كل الذي نُشاهده يحدث عندكم، صارت هي بالفعل، الوجه المشرق للمدنية والوحدة الوطنية، وصارت، دون غيرها، موطناً للتسامح والإنسانية، وملاذاً لكل يمني وغير يمني؟

وفي المقابل، وبكل أسف نقولها: صارت مدنيتكم كذبة كبرى، ظلاماً أبدياً، خوفاً مقيماً، بطشاً وغدراً ودماءً وكراهية..

علينا أن نعترف: لقد غدا شمال الشمال الذي دائما ما تصفونه بالمتخلف والرجعي والقبلي ووالخ، قِبلةً للتعاييش، ملهماً للتسامح، ملاذاً للمستجير، موطناً لأي إنسان ،حتى من لجأ إليه من القرن الأفريقي ، أومن أهلنا في العراق وسوريا وفلسطين ،وكل من وطأت قدمه هذا الشمال ( المتخلف ) سيعيش فيه بآمان ، وسييجد الطمأنينة وراحة البال ، له ما لغيره من الناس وعليه ما عليهم.

التعاييش هنا – يا أبناء عدن ولحج وأبين وحضرموت وشبوة – هو عنوان الشمال ، مبدأ القبيلة ثقافتها الراسخة ، اسألوا كل جنوبي، كل شافعي وتعزي وريمي وإبّي وتهامي ووصابي وحضرمي وصوفي وإسماعيلي يسكن هذه المناطق التي حولها خطاب حراككم المناطقي والعنصري إلى غول وجحيم ، ومصدر للجهل والتخلف والكراهية ، اسألوهم :كيف يعيشون في سنحان وصنعاء وعمران وصعدة وحجة وغيرها ، هل قد سمع أحدهم يوماً أن مواطناً جنوبياً ، مثلاً ، قُتِيل على خلفية مناطقية أو مذهبية ، هل قد نُهبت أموال مواطن ما على خلفية مناطقية ، هل قد تم اقتحام بيت مواطن جنوبي أو شافعي أو حتى كائن فضائي هبط طبقه الطائر في هذه الجغرافيا بطريق الغلط ، هل قد تم الأعتداء على النساء ومضايقتهن في الأسواق والأحياء والشوارع العامة والمدارس ،كونهن جنوبيات أو ينتمين لمذهب معين ومنطقة معينة ، هل قد تم فصل موظف أو حتى معاقبته والتضييق عليه لأنه جنوبي أو شافعي ، أو حتّى جنّي ، هل قد سمعتم إن سيارة ،أو حتى ولاعة سجائر قد نُهبت على هؤلاء لذات السبب ، وهل قد سمعتم إن مواطناً جنوبياً تقطعت به السُّبل في صنعاء أو عمران أو إب أو ذمار ولم يجد سيارة أو مركبة في طريق عام أو فرزة مواصلات تنقذه من مطارديه الذين يُريدون خطفه وقتله لأن عربيته ليست بعربيتهم ولسانه ليس بلسانهم ؟

وهل قد سمعتم إن مواطناً جنوبياً ترك أمواله وحقوقه لدى هذه القبيلة الشمالية ( المتخلفة) وعاد في يوم ما وقد تمت مصادرتها ومصادرة حياته من بعدها ، أو ،كأقل تقدير إكرامه بالخطف والإخفاء والتعذيب عدة أشهر ليجده أهله، إن أستطاع العودة إليهم، وقد فقد بعض حواسه ولبّ عقله ؟
بالله عليكم انحازوا للحقيقة والصدق مع الله أولاً: ومع النفس ثانياً:هل قد سمعتم إن نقطة أمنية هنا ، سواء كانت تتبع القبيلة ، أو الميليشات أو الأمن، أوغيره قد هتكت عِرض إمرأة أو عائلة جنوبية مرت من هذه النقطة أو تلك ، وهل قد سمعتم، من قبل العام (1990) أو بعده إن طلاباً في مدارس وجامعات ومعاهد هذه القبيلة الشمالية( المتخلفة ) ،بحجّة خلفياتهم المناطقية أو شكلهم ،تم التحرّش بهم والتضييق عليهم ونعتهم بألفاظ يخجل المرء من ذكرها، تدفع بهم، مثلا، لترك هذه المؤسسات التعليمية ومغادرة البلاد ؟

ونظراً لذلك ومع كل ذلك هاهم – يا أبناء الجنوب الحرّ – إخوانكم من أبناء الشمال وشمال شماله يُرحبُّون بكم دائما،كمواطنيين يمنيين لمن أراد منكم ذلك ، وكعرب جنوبيين أقحاح لمن أراد منكم ذلك ، وغير يمنيين أو جنوبيين أوحتى عرب ، لمن اراد منكم ذلك أيضا .
هذا وتفضلوا بقبول خالص التحايا ، ووافر الودّ والسلام .
التوقيع:
– مواطن يمني.
– الديانة : مسلم .
– المذهب: شافعي .
-عنوان السكن : شمال الشمال.
-الموطن الأصلي: مناطق اليمن الوسطى.
كاتب يمني
نقلا عن رأي اليوم

حول الموقع

سام برس