سام برس
فوز الجبهة الوطنية العنصرية المتطرفة في الدور الاول لانتخابات المناطق الفرنسية فأل سيء لمسلمي اوروبا ووصفة خطيرة لتصعيد العنف والارهاب والتهميش


وضعت نتائج انتخابات المناطق التي جرت في فرنسا يوم الاحد الماضي، واظهرت تقدم حزب الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة السيدة مارين لوبن، زعيمة هذا الحزب، على بعد خطوات معدودة من قصر الاليزية، الا اذا حدث تحالف بين الحزبين الكبيرين الاشتراكي اليساري والجمهوري اليميني الوسطي، لمحاصرة هذا الخطر المتطرف، وتقليص تقدمه في انتخابات الدور الثاني التي ستجرى يوم الاحد المقبل.

حزب الجبهة الوطنية تقدم على كل الاحزاب الرئيسية في الدور الاول، الامر الذي عزز آمال رئيسته في الفوز بانتخابات الرئاسة التي ستجرى في عام 2017، وتصبح بذلك اول امرأة، واول زعمية لحزب يميني عنصري متطرف يحتل هذا المنصب الاعلى في البلاد.

لا شك ان تفجيرات باريس التي وقعت قبل ثلاثة اسابيع، وادت الى مقتل 130 شخصا لعبت، الى جانب اسباب اخرى، دورا كبيرا في تحقيق هذا الانقلاب الانتخابي، ولمصلحة الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة وزعيمتها، فالهاجس الامني كان يسيطر على اذهان الناخبين، الامر الذي استغلته السيدة لوبن في تصعيد حملتها العدائية ضد المسلمين والمهاجرين، خاصة ان تنظيم “الدولة الاسلامية” الارهابي اعلن مسؤوليته عن تنفيذ هذه التفجيرات.

لا يمكن اهمال دور الازمات الاقتصادية المتفاقمة في فرنسا في تحقيق هذا الانتصار لليمين المتطرف، فنسبة البطالة بلغت 10.4 بالمئة، والانخفاض في سعر اليورو مستمر، وازمات “اليورو زون” في اليونان واسبانيا والبرتغال في تصاعد.

حظوظ الرئيس فرانسوا هولاند زعيم الحزب الاشتراكي تحسنت اكثر من عشرين نقطة بفضل ادارته لازمة التفجيرات هذه، واتخاذه مواقف متشددة لضمان الامن، ولكن حظوظ حزبه وحكومته تراجعت، واحتل المرتبة الثالثة في الدور الاول من انتخابات المناطق.

الاجراءات التي اتخذتها حكومة هولاند في تشديد الخناق على ابناء الجالية الاسلامية، والاعداد لاصدار قوانين تسحب الجنسية الفرنسية من كل من يتهم بالارهاب، حتى لو كان مولودا في فرنسا، وتشديد الرقابة والمداهمات الامنية كلها عوامل تصب في خدمة الارهاب ودعاته، اذا لم يتم ضبطها وتفهم ردود الفعل السلبية التي يمكن ان تترتب عليها.

من حق السلطات الفرنسية ان تحفظ امن مواطنيها وان تحارب التطرف بكل اشكاله، لكن الاجراءات المتسرعة وغير المدروسة ضد المهاجرين والتشكيك في ولائهم للبلد التي يحملون جنسيتها يمكن ان تؤدي الى خلق تطرف عنصري في الاتجاه الآخر، ولعل فوز حزب الجبهة الوطنية الاخير جرس انذار للشعب الفرنسي وكل الشعوب الاوروبية الاخرى للتنبه الى هذه المسألة.

هناك اكثر من ستة ملايين مسلم في فرنسا، وما يقرب من ضعفي هذا الرقم في دول اوروبية اخرى، ونسبة كبيرة من هؤلاء تعاني من الاقصاء والتهميش الاجتماعي والاقتصادي، وتواجه مشاكل اجتماعية ونفسية نتيجة لاهمال الحكومات وعدم سعيها الجدي لايجاد حلول لازماتهم ومعاناتهم في الضواحي و”الغيتوهات” الفقيرة المعدمة، ولعل فوز اليمين المتطرف في الانتخابات الفرنسية، وربما في انتخابات اوروبية اخرى، يأتي ردا على عمليات التحريض واستفحال ظاهرة “الاسلاموفوبيا”، هو الخطر الذي سيفاقم من هذه المعاناة والتهميش، ويدفع بالتالي الى نتائج سلبية عديدة من بينها تصاعد العنف والارهاب.
“راي اليوم”

حول الموقع

سام برس