بقلم / منى صفوان
اتفقت أطراف الصراع منذ أسابيع على “استراحة محارب” بإيقاف إطلاق النار وهدنة إنسانية، قبل نهاية هذا العام، لان هذا ما تحتاجه.
“محطة التوقف لالتقاط الانفاس″ لا يعني توقف الحرب، او انتهاء الصراع. ولا يكتب مشهد النهاية مع اعلان مباحثات سويسرا.

فانتهاء الصراع مرهون بمعالجة أسباب الصراع والازمة، والتي تمتد بعضها لسنوات، وهذا يتوقف على سلطة سياسة رشيدة قادرة على إرجاع اليمينين الى بنود وثيقة الحوار التي وقعها اليمنيون بأنفسهم، بعد أشهر طويلة من الحوار. وعلى اشراك الجميع في السلطة، ونيل الثقة ليسلم جميع المتقاتلين أسلحتهم الى الدولة.

فهيبة الدولة من هيبة الأشخاص القائمين عليها، فالحكومة تحتاج الان لهذا التوقف، لإعادة ترتيب اوراقها ورأب الصدع فيما بينها ” بين الرئيس ورئيس الحكومة” وهي صراعات شخصية وليست سياسة .

اما الحوثيون بعد اقوى ضربة تلقوها منذ اشهار حركتهم في التسعينات، فهم اكثر الأطراف حاجة لإعلان هدنة، وان كانوا يكابرون ولا يعترفون بحجم الالم والخسارة.

اما الخاسر الأكبر في هذه الحرب فهم المدنيين، الذين يحتاجون اكثر من غيرهم، لتوقف طويل وهدنة إنسانية لا تنتهي مئات الآلاف من المتضررين وملايين الاطفال والفقراء والعائلات المنكوبة اكثر من يتوق لسماع اعلان وقف إطلاق النار.

المدارس والمستشفيات، ومنظمات الاغاثة اكثر من يحتاج لدعم الحكومة.
فالجميع يخرج بخسارة، وحجم الكارثة الحقيقية لم يظهر بعد، نحتاج ان تنقشع غمامة الحرب، لنرى حجم المأساة التي خلفتها.

الحكومة خسرت حضورها وتماسكها، وأثبتت فشلها في السيطرة والحماية الأمنية والسياسة، فلاهي أحكمت السيطرة على عدن، وبقيت تنكر وجود الجماعات الإرهابية وتخفي اخبار الاغتيالات والمداهمات حتى انفجرت قنبلة القاعدة في وجه الجميع، وفشلت سياسيا بعدم قدرتها على إظهار ثقلها السياسي وانشغلت بصراعاتتها الجانبية والشخصية.

والحوثيون اثبتوا فشلهم السياسي وقلة خبرتهم وأنهم اخر من يمكنهم قيادة البلد، وكسبوا عدوات داخلية وخارجية وتحولوا من جماعة مظلومة الى متمردين، ومقاتلين لا يحترمون سيادة بلدهم ولا يهتمون لأمن الناس، فقدوا التعاطف معهم وقل الدعم الإقليمي لهم، انهم موجوعون اكثر من غيرهم ك، وتكبدوا خسائر مازالوا يكابرون بشأنها ويبحثون عن انتصارات وهمية على الحدود.

فمعركتهم على الحدود ليست الا هروبا من اخفاقهم الداخلي ، وهم الذين اظهروا رعونة وحماقة لم يسبق لها مثيل في تاريخ اليمن السياسي منذ 4000 الف سنة .

وكذلك الامر لصالح الذي اصبح وحيدا لأول مره في تاريخه، مجردا من كل مصادر قوته، وهو ما يجعله محتاجا للتوقف طويلا لمراجعة إخفاقه وأخذ الوقت الكافي للندم على بلد كان يمكنه ان يكون من افضل البلدان العربية خلال ثلاثة عقود. ليكون زعيما حقيقيا يستقوي على الجميع، وليس رجلا مطاردا يتوسل التدخل الروسي.

اما السعودية فهي تريد إنهاء حرب ارادتها سريعة وحاسمة، ولم تكن، لتنهي أشهر التورط، والفوضى التي تهدد أمنها، واقتصادها، لتتفرغ للملف السوري وتوحيد اجنحة المعارضة، ولأزمتها الداخلية ولا سيما الاقتصادية. وترمم ملفها الحقوقي الذي اثقل بجرائم الحرب في اليمن.
وكذلك الإمارات التي كسبت عداوات هي في غنى عنها، وهي التي بنت نجاحها بالبعد عن الصراعات، فتورطت في حرب ضد الحوثيين ثم القاعدة ودخلت في صراع مع الإصلاح، وقد ينعكس انغماسها في الصراع على نموها واستقرارها الاقتصادي فيما بعد.

اما الحكومة فهي من ينظر لها الجميع المواطن والحوثيون والجماعات المسلحة والسعودية والتحالف، الكل لديه أزمة ثقة ويريدون سلطة قوية تستفيد من هذا الوضع، وتعلن خطة إنقاذ عاجلة واقتصادية طارئة لمعالجة مخلفات الحرب.

الكل كان يتوقع نجاحها في عدن خلال 5 أشهر وقوات التحالف تدعمها لا سيما الإمارات، لاعادة الاستقرار ولطمأنة المواطن ومعالجة الاثار وتخفيف حدة الحصار الاقتصادي على البلد.

ومازال الجميع داخليا وخارجيا يعول عليها، لان لا احد يمكنه القيام بهذه المهمة . فهي السلطة الشرعية الوحيدة
وفشلها يعني استمرار الصراع، واستمرار اطلاق النار
وواضح اننا نحتاج لهدنة لبدء حوار بين اجنحة السلطة، قبل الانتقال لحوار بين السلطة والحوثيين.
كاتبة يمنية
نقلا عن صحيفة الثورة

حول الموقع

سام برس