بقلم / ايرينا بوكوفا
يُعدّ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي اعتُمد في 10 كانون الأول/ديسمبر 1948، من أعظم إنجازات الحضارة البشرية. فقد أكّد هذا الإعلان، للمرة الأولى في التاريخ، تساوي البشر كافة في الحقوق والكرامة بدون أي تمييز بينهم.

..فأحترام الحقوق ليس مجرد تعهد منصوص عليه في ميثاق، بل هو معركة متواصلة يجب إعداد الوسائل العملية اللازمة لها وتجديد هذه الوسائل باستمرار.


ويجب اليوم الدفاع عن هذا "المستوى المشترك الذي ينبغي أن تستهدفه كافة الشعوب والأمم" دفاعاً أكثر قوة ممّا كان عليه في أي وقت مضى. فما زالت بلوى الفقر وانعدام المساواة بين الناس في العالم، وكذلك أشكال العنف الناجمة عن العنصرية والتمييز والنزاعات، تشكّل انتهاكات جسيمة وغير مقبولة للحقوق الأساسية على الرغم من الإنجازات الكبيرة التي شهدها العالم منذ ما يزيد على نصف قرن من الزمان. فلا يملك الملايين من النساء والرجال في منطقة الشرق الأوسط وغيرها من المناطق في الوقت الحاضر خياراً آخر غير هجر مناطقهم وبلدانهم فراراً من الاضطهاد مخاطرين بحياتهم، فيهلك الآلاف منهم وهم في الطريق إلى المأوى المنشود بينما يعاني الآخرون من الرفض والنبذ والشكّ والريبة والحقد والكراهية. ويُضطرّ الملايين من الأشخاص إلى الفرار من عواقب تغير المناخ الذي لم يكونوا السبب فيه. ويعاني الفقراء والناس الأشد ضعفاً في كل مكان من عواقب تغير المناخ أكثر من معاناة سواهم منها.

وقد يؤدي السعي إلى مكافحة العنف وتلبية ضرورة التصدي للتهديدات الإرهابية إلى النزوع إلى إنكار الحقوق والحريات الأساسية التي تقوم عليها الحياة في المجتمع. فاحترام الحقوق ليس مجرد تعهد منصوص عليه في ميثاق، بل هو معركة متواصلة يجب إعداد الوسائل العملية اللازمة لها وتجديد هذه الوسائل باستمرار. ويُعدّ قيام الأمم المتحدة باعتماد خطة جديدة للتنمية المستدامة لعام 2030 أحد التدابير العملية والسياسية الرامية إلى تعزيز حقوق الإنسان. وتعمل اليونسكو في جميع مجالات اختصاصها من أجل بناء هذا المستقبل المنشود القائم على صون كرامة الناس كافة. ويتطلب تمكين الناس من التمتع بحقوق الإنسان على أكمل وجه تمكين الجميع من الحصول على تعليم جيد، وكذلك ضمان حرية التعبير وحرية الصحافة وحماية الصحفيين ووسائل الإعلام. وينطوي ذلك على حق كل فرد في المشاركة في الحياة الثقافية والاستفادة من ثقافات الآخرين من أجل تحسين كيفية العيش معاً. ويتطلب ذلك أيضاً التشاطر المنصف لجميع أشكال التقدّم في مجال البحث العلمي. وهذه هي المهمة التي تضطلع بها اليونسكو والتي باتت ضرورية أكثر ممّا كانت عليه في أي وقت مضى منذ إنشاء المنظمة قبل 70 عاماً.

وستشارك اليونسكو في الاحتفال بالذكرى السنوية الخمسين لاعتماد العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية عن طريق الانضمام إلى الحملة التي ستقوم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان بتدشينها لهذا الغرض، والتي سيكون شعارها "حقوقنا. حرياتنا. دائماً." فلنعمل معاً على تعزيز احترام حقوق الإنسان، ولتكن لنا في جميع أولئك الملتزمين بها قدوة حسنة، من أجل الذود عنها والتمكن بالتالي من توطيد إنسانيتنا المشتركة.

*المديرة العامة لليونسكو

حول الموقع

سام برس