سام برس
معهد واشنطن: الحروب بالوكالة بين إيران والسعوديّة ستتحوّل لاشتباكٍ مُباشرٍ وقصيرٍ بينهما ومن المحتمل جدًا أنّ كلا الطرفين سيُطلق العنان لقوتّه العسكريّة

قالت ورقة بحثيّة جديدة، صادرة عن معهد واشنطن إنّ السعودية وإيران تقتلان منذ الآن الأفرقاء العاملين بالوكالة عن إحداهما الأخرى، لا بلْ تقتلان مستشاري وجنود إحداهما الأخرى في اليمن وسوريّة والبحرين وفي المنطقة الشرقية الشيعية من السعودية، ومن المرجّح أنْ يكون المستقبل على النحو ذاته، على أنْ يتفاقم النمط القائم ليؤول في نهاية المطاف إلى اشتباكٍ مباشرٍ وجيزٍ وحادٍ قبل أنْ يضمحلّ ويعود إلى مستوى الحروب بالوكالة التي تندلع في أراضي الأطراف الأخرى، على حدّ تعبيرها.

وتابعت: لطالما كانت الحرب بالوكالة هي أسلوب النزاع المفضل لدى هاتين الدولتين. لكن “حزب الله” اللبناني ليس ميليشيا: فهو يملك صواريخ زلزال-1 التي يصل مداها إلى تل أبيب، كما أنّه يملك مخزونًا كبيرًا من الصواريخ الموجّهة المتطورة المضادّة للدروع والعبوات الناسفة الخارقة القادرة على اختراق أي دبابة إسرائيلية. كما أنّ إيران زودّته بصواريخ متطورة مضادّة للسفن من نوع أس-802، مع الإشارة إلى أنّ هذه الصواريخ عطّلت سفينة حربية إسرائيلية خلال العام 2006، كما زودته في الآونة الأخيرة بصواريخ مضادة للسفن أكثر تطورًا بعد من نوع “ياخونت”.
والواقع أنّ الحوثيين يُنزلون أضرارًا جسيمة بالجيش السعوديّ ويدمرون أعدادًا كبيرة من دبابات المعارك الرئيسية المقدّمة من الولايات المتحدة وغيرها من الآليات المدرعة، مستخدمين الصواريخ الموجهة المضادّة للدروع التي أمدّتهم بها إيران. ناهيك عن أنّ وكلاء إيران يستحوذون على الأراضي في جنوب السعودية ويرمون صواريخ “سكود” على القواعد العسكرية الواقعة في عمق المملكة. أمّا في العراق، فتحظى الميليشيات المدعومة من إيران بمساعدة من دعم جوي ومدفعيات ومعدات حربية إلكترونية ودعم طبي. لكن الأمر الأكثر إثارةً للقلق بالنسبة للسعودية، شدّدّت الدراسة، هو تهوّر إيران في البحرين والمنطقة الشرقية في السعودية الذي تعاظم خلال السنة الفائتة.

لكن، أوضحت الدراسة، قبل فترة طويلة من نشوء الجلبة الراهنة، كانت السعودية وسائر دول الخليج العربيّ السنية تنمّي ببطء شبكة خاصة بها من الوكلاء العسكريين، واليوم تعمل الدول الخليجية وغيرها من الحلفاء أمثال باكستان والصومال على تشكيل قوات وكيلة جديدة في اليمن من أجل دعم الحملة العسكرية التي تقودها السعودية ضد الحوثيين.
وبرأي الدراسة، فإنّ المرحلة التالية من الحرب السعودية مع إيران ستشهد تصعيدًا في الحرب بالوكالة الدائرة في سوريّة، حيث ستُخطط الرياض لمعركتها الرئيسية ضد إيران. علاوة على ذلك، فإنّ السعودية تعتبر “تنظيم القاعدة في جزيرة العرب” أهون الشرّين مقارنةً بالحوثيين المدعومين من إيران في اليمن: فكم من الوقت تحتاج لتنظر النظرة نفسها إلى “الفروع المعتدلة” لتنظيمَي “الدولة الإسلامية” و”جبهة النصرة” في غرب سوريّة؟. ولفتت الدراسة إلى أنّه لا السعودية ولا إيران تفكران في حرب تقليدية مفتوحة بينهما، وهي حصيلة وصفها مؤخرًا ول العهد ووزير الدفاع السعودي الأمير محمد بن سلمان بـ “الكارثة الكبرى”.

مع ذلك لا يخلو الأمر من احتمال حدوث مناوشات حدودية على حدودهما الساحلية المشتركة وفي المنطقة المحايدة من الخليج، مع العلم بأنّ حقول الغاز المشتركة والجزر المتنازع عليها ستُشكل حتمًا نقاط اشتباك بينهما. وفيما يحتمل أنْ تقوم إيران باختبار الصواريخ على مسافة أقرب وأقرب من الخطوط البحرية والسواحل الخليجية، أضافت الدراسة، من الممكن أيضًا أن تبدأ الدوريات الجوية باختبار إحداها الأخرى، وهذا ما حدث خلال الحرب بين إيران والعراق على طول ما يسمّى “خط فهد” إلى حين قامت طائرة مطاردة سعودية بإسقاط طائرتين مقاتلتين إيرانيتين في العام 1984. وكذلك يمكن لإيران أو لدول الخليج أنْ تنخرط في مضايقات قائمة على مبدأ العين بالعين، أو اقتحام السفن، أو حتى استخدام الألغام البحرية بشكل يسهل إنكاره في الطرق التجارية للدولة الأخرى.

(وهذا تكتيك استخدمته إيران في ثمانينات القرن الماضي، كما أنّ حرب الإنترنت قد تكون هي أيضًا سلاحًا يسهل إنكاره وتختاره كلتا الدولتين. ولفتت الدراسة إلى أنّه في مرحلة ما خلال الأعوام المقبلة، من المحتمل أنْ نرى كلا الطرفين يخطئ في حساباته ويطلق العنان لقوة عسكرية وجيزة وحادّة للغاية ضد الآخر. وبذلك يدق جرس الإنذار. فإيران ودول الخليج باتت تملك اليوم أسلحةً أقوى من تلك التي امتلكتها خلال الحرب الإيرانية-العراقية، والقوات الجوية المتطورة لدى السعودية وأبرز حليفٍ لها، أيْ الإمارات العربية المتحدة، قادرة اليوم على تدمير كل المرافئ الإيرانية تقريبًا ومحطات شحن النفط وأهم صناعاتها بواسطة الذخيرة الموجهة بدقة عن بُعد.

في المقابل، يمكن لإيران أن تسقط وابلًا من الصواريخ غير الموجهة على ساحل الخليج وكمًّا من الصواريخ الموجهة البعيدة المدى أكبر من أي وقت مضى. لكن في العام 1988، أقدمت الولايات المتحدة على تدمير قوات البحرية الإيرانيّة في يوم واحد من المعارك – وذلك خلال “عملية السرعوف المصلي”. حتى أن يومًا واحد أو اثنين من هذه الحرب التي تنشب بكبسة زر سيُعتبران بمثابة تذكير للطرفين بالواجب الرئيسي الملقى على عاتقهما، وهو تفادي النزاع المباشر وحصر نزاعهما بالأراضي التابعة للأطراف الثالثة ذات الحظ السيئ، حسبما أكّدت الدراسة.
نقلا عن رأي اليوم

حول الموقع

سام برس