بقلم / أحمد عبدالله الشاوش
ما أحوجنا اليوم بعد أن تكالبت علينا الأمم وصرنا كغثاء السيل الى احياء منظومة القيم وتفعيل مكارم الاخلاق في كل مجالات الحياة الدينية والدنيوية قولاً وعملاً ، بعد أن تمرد السواد الأعظم على تلك المبادئ والمثل السامية والجواهر النفيسة التي كفلت التعايش وحافظت على روابط الاسرة والمجتمع اليمني الواحد باعتبارها قاعدة صلبة للبناء ونقطة انطلاق نحو المجتمع الفاضل الذي تسوده المحبة والاخاء، والصدق والوفاء ، والتكافل والنماء والاستقرار واطلاق الطاقات الخلاقة والارتقاء الى العليا، بعيداً عن مسكنات وادعاءات الوصاية الإلهية وصكوك الغفران وبيع الاحلام وتزييف الحقائق.

مازلنا معشر اليمانيين بحاجة ماسة الى ثورة " أخلاقية" على مناهج التربية والتعليم التي أوصلتنا الى هذا الهوان ، بعد ان زلزلت نسيجنا الاجتماعي وصدعت البيت اليمني وهمشت العقول النيرة وكالت لها أصنافاً من التهم ودمرت ما تبقى من الاخلاق والاحلام المشروعة .

وطالما تواصل مسلسل الانحطاط والاغواء الممنهج ، لابد من ثورة حقيقية تعصف بأساليب التربية الاسنة والمناهج العلمية المهجنة والملوثة الخارجة عن فطرة وحكمة الإباء والاجداد والمجافية للواقع وروح العصر ، ولابد من وضع أكثر من علامة استفهام حول العملية التعليمية وقياداتها الفاسدة والمفسدة والمدير الذي تحول الى مخبر والمعلم الذي صار مجرد أداة سياسية وبوق أيدلوجي ، خائن للأمانة ، وناقضاً للعهد ، ومعولاً للهدم بأغواء التلاميذ والطلبة وتحويل المدارس والجامعات والمعاهد والمساجد العامة والخاصة الى قنابل موقوته وأحزمة ناسفة وخطب نارية و ساحات للفوضى والصراخ ، تفجيراً للأوضاع بعد تسويق الكراهية والمذهبية والمناطقية خارج اطار العقل والمنطق والأخلاق ، رغم صراع البعض الآخر من نجوم التعليم في مقارعة تلك الأساليب المشينة.

ولذلك لم يستقم أو يستقر الوضع مالم يسارع جميع الشرفاء وصفوة المجتمع والقدوة من كل التيارات السياسية والمتخصصين والمثقفين والعلماء والاكاديميين بعد انتهاء الصراع الدائر وتوقف العدوان الجائر ورفع الحصار والولوج الى تسوية حقيقية لإرساء الامن والسلام وجبر الخواطر الى احادث عملية " تغيير" وسرعة الإطاحة بمعاول الهدم واعتماد برامج وخطط عصرية بعيدة عن الاهواء السياسية والايدلوجيات المظللة التي غرست الفتن وسوقت أجيالاً تحمل ثقافة العنف ولغة الخوف ونبرة التشكيك وصناعة الخلاف والاوهام والنزوات الشخصية ، لانتشالها من حالة الموت السريري المثير للجدل ، وبناء جيل جديد محصن ، انقاذاً للأجيال القادمة وترسيخاً للدولة المدنية الحديثة البعيدة عن ثورات الربيع العبري الزائفة التي كانت أحد منتجات التربية المنحرفة والتعليم المفخخ الذي أفسد كافة شؤون الحياة وشنق أي طموح وحطم كل أمل ، وعندها سيتمكن الجميع من تصحيح وغربلة مالحق بمناهج التربية والتعليم من تشوية واستنساخ وتهجين سرطاني جسد كارثة حقيقية، ومتى ماصدقت النوايا وأستلهمنا الدروس ، حل الامن والاستقرار والسلام وانطلقنا الى الآفاق .
Shawish22@gmail.com

حول الموقع

سام برس