بقلم / منى صفوان
اجواء السبعينيات الدامية لم تغادر تماما البلد المحتقن طائفيا، والذي لم يعد الصراع فيه إسلامي – مسيحي، بل إسلامي – إسلامي، ومسيحي – مسيحي.
انه التطور الطبيعي للصراع الايديلوجي- السياسي ، صراع الأقطاب والنفوذ، والمحاور و الذي يؤكد انه لم يكن صراعا دينيا منذ البداية، وان ما يحدث في العالم العربي الان ، حالة لبننة ..
“اللبننة” هي التي مكنت السعودية بصفتها راعيا رسميا للمصالحة اللبنانية- اللبنانية بعقد اتفاق ” مؤتمر الطائف” بين الفصائل اللبنانية، والتي عليها ان تؤكد دائما ولائها للطائف وعدم الخروج عن مشروعيته، برغم انه لم يطبق حرفيا، وهذا شجعها ان تكون دائما راعيا رسميا للصراع المحلي ” المبادرة الخليجية “الفاشلة في اليمن نموذج اخر.
“اللبننة” التي ولدت بعد الحرب الأهلية اللبنانية، تعني ايضا التواجد الإيراني، بُعيد الثورة الايرانية.

فالتجربة اللبنانية هي من أوجدت مساحة إيرانية مناسبة للتدخل والتاثير، في كل بلد عربي، وكانت في الجنوب اللبناني قد رفعت السلاح بدافع مقاومة اسرائيل، بعد إشهار الحزب الشيعي المقاوم في جنوب لبنان، ليسحب البساط من تحت المقاومين الشيوعيين، والعرب والفلسطينين، وحركات التحرر، وحتى حركة امل الشيعية اللبنانية في الجنوب ، ويصبح الحزب اللبناني الوحيد المشرع له امتلاك السلاح تحت بند المقاومة. وبعدها سيكون هناك الحشد الشعبي لمواجهة داعش في العراق، والحوثيون لمواجهة السعودية والقاعدة في اليمن.

اللبننة ، هي حالة أضعاف التدخل والنفوذ الفلسطيني واستبدالها بالنفوذ السوري، ثم اخراج السوري، لفتح المساحة والساحة اللبنانية للصراع الإيراني – السعودي فقط.

اللبننة، هي سقوط الدولة المركزية، وقيام إمارات الطوائف، والتقسيم الاذاري ما بين 8 آذار و 14 آذار، لمصالح النخبة السياسة -العسكرية، دون مراعاة مصالح الوطن والمواطن.

هي الفساد، والبذخ ، هشاشة الديمقراطية ، والإبقاء على رؤوس الفساد والسلاح وأمراء الحرب.
انه كذلك الفراغ الدستوري، وعدم احترام القانون، وسقوط الدولة، لصالح الامارات والولايات الصغيرة المتنازع بينها، وهذا التقسيم السياسي الذي يسقط مركزية الدولة يمكنه ان يطبق في اي مكان، طالما الدولة العربية الفاسدة تنتصر دائما لمصالح ساستها، ونجحت التجربة منذ إنهاء الحرب اللبنانية، حيث لم تقم قائمة للدولة .

“اللبننة” هي حالة الاحتقان التي يمكن استغلالها من اي طرف في العالم، والتي تبقي لبنان دائما في حالة خطر، وليس كمصدر خطر ، وإسرائيل كل يوم اكثر امنا. بالتالي يعني تعميم التجربة عربيا ابقاء العالم العربي كله في حالة خطر وليس كمصدر للخطر على اسرائيل.

ان البلد الذي مازال يعيش اجواء الحرب الأهلية، ولم ينأى بنفسه تماما عما حوله، ومتورط في سوريا، اليمن، العراق وربما مصر، فاحت رائحته، وكررت تجربته بنجاح، وانفجار العالم العربي حوله،” منذ اعلان إنهاء الحرب اللبنانية ” ليس الا نجاحا للتجربة اللبنانية، والتي تعني ببساطة البلد الذي يمكن لاي دولة التدخل فيه، وإيجاد حلفاء اوفياء، وبعدما نجحت الدول الكبرى في لبنان، لايمكنها ان تنجح في اي بلد اخر ان خسرت لبنان.

فكيف نتصور ان تخسر السعودية لبنان، او تتنازل عنه ايران، وأمريكا واسرائيل .. وهو الساحة الأهم والابراز ، فالقوة مازلت هي لبنان، ومن يكسب لبنان يؤثر على فلسطين او يتاجر بها او يبيعها، ويخنق سوريا او يدمرها، ويضغط على العراق او يفخخه، ويفرخ أشباه له في اليمن او يعصف بهم، وطبعا يحابي مصر او يبتزها.

وهذا ببساطة ما تفعله ايران والسعودية في الرقعة العربية، ولبنان هي المقياس، والمؤثر، فكيف نتصور ان يتركوا البلد الجميل الصغير لمصيره، والعين والصراع من الفرات الى النيل .
نقلا عن رأي اليوم

حول الموقع

سام برس