أحمد عبدالله الشاوش
استطاع الإعلام التركي‮ ‬أن‮ ‬يوجد له قدماً‮ ‬في‮ ‬سماء الإعلام العربي‮ ‬والدولي،‮ ‬فالموقع الجغرافي‮ ‬المتميز لهذه الدولة العظيمة التي‮ ‬تتوسط قارتي‮ ‬آسيا وأوروبا والامتزاج والتنوع الثقافي‮ ‬والإرث الحضاري‮ ‬عبر تاريخها،‮ ‬وتراكم الخبرة الإعلامية طيلة ثمانين عاماً‮ ‬لوكالة الأناضول التركية التي‮ ‬حققت قفزة إعلامية هائلة وأصبحت من بين أهم عشر وكالات عالمية ومن أكبرها في‮ ‬الشرق الأوسط بمواكبتها كل تطور وافتتاح القسم العربي،‮ ‬وترجمتها لبعض الأخبار والأحداث المهمة باللغات الخمس وفي‮ ‬طليعتها العربية،‮ ‬بالإضافة إلى وجود مائتي‮ ‬قناة تلفزيونية والعديد من الصحف والمواقع الالكترونية الخاصة والحكومية،‮ ‬كل ذلك أثرى الحياة الإعلامية في‮ ‬تركيا وأدى إلى إبراز الدور الإعلامي‮ ‬التركي‮ ‬والتسويق للتجربة التركية قبل وبعد أحداث الربيع العربي‮ ‬الساخن،‮ ‬فالإرداة التركية في‮ ‬إدارة الإعلام وتطويره،‮ ‬وتطبيق القواعد الأوروبية في‮ ‬الإشراف ومنح التراخيص للصحافة المحلية والخارجية،‮ ‬وتذليل المعوقات كان أحد عوامل نجاح الإعلام التركي‮ ‬حيث مكن وسائل الإعلام التركية بمختلف مشاربها الفكرية أن تخوض تجربة فريدة في‮ ‬مجال الإعلام على‮ ‬غرار التجربة الاقتصادية الرائدة،‮ ‬مستفيدة من مخزونها وذاكرتها التاريخية والسياسية وتطور الأحداث الآنية،‮ ‬وتراكم الخبرات والتأهيل‮ .. ‬واستطاعت أن تجعل من حرية التعبير منبراً‮ ‬لها،‮ ‬ومما ساعد على ذلك النجاح أيضاً‮ ‬هي‮ ‬تلك الديمقراطية التي‮ ‬ارتضاها الشعب التركي‮ ‬التي‮ ‬أصبحت سلوك ونهج كل الأتراك بجميع ألوانهم وأطيافهم،‮ ‬كما أن مواكبة روح العصر والاستفادة من التكنولوجيا الحديثة قد لعب دوراً‮ ‬كبيراً‮ ‬في‮ ‬صناعة الحدث وتغطيته وإبرازه والتسويق له عبر وسائل الإعلام التركية باعتبارها همزة الوصل بين الشعب التركي‮ ‬والشعوب العربية،‮ ‬وظهر ذلك جلياً‮ ‬في‮ ‬أحداث الربيع العربي‮ ‬الساخنة،‮ ‬والحساسة التي‮ ‬ألقت بظلالها على المنطقة وقلبت المنطقة رأساً‮ ‬على عقب‮. ‬ورغم الانتقادات الموجهة لتركيا إلا أن بعضها حمل طابعاً‮ ‬سياسياً‮ ‬بدليل أن الحياد الإعلامي‮ ‬في‮ ‬كافة وسائل الإعلام المحلية والعربية والدولية في‮ ‬حقيقة الأمر مجرد خيال،‮ ‬إلا أن بعض وسائل الإعلام العريقة تحاول قدر الإمكان تحري‮ ‬المصداقية والمعايير المهنية حفاظاً‮ ‬على سمعتها خصوصاً‮ ‬إذا استطاعت أن تتحرر من بعض العوائق السياسية‮. ‬ورغم ذلك فإن هذا التألق وتلك القفزة مكن الشاهد والقارئ العربي‮ ‬وتحديداً‮ ‬منطقة الشرق الأوسط من الإطلاع على الأحداث والمشاهد صوتاً‮ ‬وصورة عبر الفضائيات والصحف والشبكة العنكبوتية لنشهد صورة إعلامية تركية رائعة وجديرة بالاحترام رغم التباين في‮ ‬الرؤى‮.‬
Shawish22@gmail.com
نقلا عن صحيفةالثورة

حول الموقع

سام برس