بقلم / محمود كامل الكومى
أعلن المتحدث بأسم مجلس الوزراء المصرى عن توقيع أتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والمملكه السعوديه والتى أظهرت أن جزيرتى تيران وصنافير عند مدخل خليج العقبه هما داخل الحدود السعوديه .
لحظتها سرى النبأ كالصاعقه .. وسرى فى الوجدان هذا الهتاف .......

(الأرض لو عطشانة... نرويها بدمانا، عهد وعلينا أمانة... تفضل بالخير مليانة، يا أرض الجدود... يا سبب الوجود راح نوفي العهود... يا رمز الخلود قلوبنا تهون... وعمرك ما تنامي عطشانة، الأرض لو عطشانة...نرويها بدمانا) .........

لحن حزين ينساب و يتصاعد بموسيقاه الموزعه أوركستراليا بمهارة الموسيقار على أسماعيل ليعزف دراما الأرض مع تجسيد و أبداع وكأنه الواقع للفنان "محمود المليجى "أو "محمد ابو سويلم "شخصية الكاتب الكبير عبد الرحمن الشرقاوى المحوريه فى روايته - تجسد كاميرا "يوسف شاهين " الأرض بكل ما تعنيه من الحياة الدنيا أو الحياة الأخره , ومع أول سوط من سياط السلطة الغاشمه قبل ثورة يوليو 1952 والعميله للأحتلال الأنجليزى – مجسده فى مأمور الشرطه- تنساب الدماء من وجه محمد أبو سويلم ليسقط مدرجا فى دمه محتضناً الأرض , وتصدر الأوامر الى العسكر أربطوه من رجليه فيشدوا وثاقه بحبال غليظه يسحبها جواد يمتطيه المأمورليُسحل ,ويتشبث محمد ابوسويلم – المناضل من اجل أن يزيل عن الأرض عطشها- بالزرع الهشيم فيرويه بالدم الذى سال من زنديه وتنغرس يداه أكثر- متشبثا بالأرض - تسحب معها كل حبات التراب لتختلط الدماءبه, ويغوص محمد ابوسويلم فى أعماق النفس البشريه المناضله قبل أن يواريه الثرى ليعيش فوق الأرض ويعيش تحت الأرض أو بالأحرى تعيش فيه الأرض وفينا أيضا .

كانت أرض الفيروز بكل شواطئها وسواحلها وجزرها فى البحر الأحمر( شدوان وصنافير وتيران وغيرهم )بوابة الدفاع عن مصر أرتوت أرضها بدماء المصريين عبر التاريخ منذ المعارك مع الحيثيين , حتى يومنا هذا مع الأرهاب المربى سعوديا وقطريا وصهيونيا , وقبله شهدت سيناء وجزرها (تيران وصنافير وشدوان ) معارك ضاريه للدفاع عنها ضد العدوان الصهيونى وحروبه المتكرره فى 1956 و 1967 و 1973 , وبدت أرضها تعيش فينا بعد أن روتها دماء جنودنا وشهداؤنا فى الزود عنها والدفاع عن أرضها وتمسكاً بذراتها وحبات رمالها التى أختلطت بدماء الجرحى والشهداء , وصارت الكيمياء العضويه لأرض سيناء وجزرها ماده جديده تفاعلت من تحلل اجساد الشهداء من الجنود المصريين ودمائهم التى سالت وأمتزجت بحبات الرمال وذرات التراب , لتنتج أرضا فيروزيه جديده أسمها سيناء شمالا وجنوبا وجزر تكونت ليس بفعل براكين أو ظواهر جغرافيه وأنما بجهاد ودماء وأجساد الجنود المصريين , خاصة فى الحروب الأخيره مع أسرائيل , وبدت ( صنافير وتيران ) منتوج مصرى جديد , قبله كانت الأرض عطشى وفى بوار , ثم أرتوت بدماء الشهداء وهاهى الآن يانعه
فهل نترك قطفوها للعربيد والسكير ليحيلها لبنى أسرائيل ؟!!

اليوم السابع من شهر أبريل (نيسان )2016... وجوقة الأعلام الممول بالبتردولار قد زيفت كل الوقائع وأزالت عن آل سعود كل مؤامراتها على مصر ايام (جمال عبد الناصر), وطمست بمساحيقها تدميرها لليبيا واليمن وتمويلها لكل قوى الأرهاب التى عاثت فسادا فى سوريا , وبدت تلبس الملك حلة الطهاره , وزيفت وتملقت وغدت أراجوز وساحر يوهم الضيف القادم بأنه الفاتح , لكن الملك قد فهم الرساله , وهو قد آتى الى القاهره مسبوقا بأجتماعات بين نفر من حاشيته وصهاينه فى تل ابيب والرياض .

حطت طائرة الملك مطار القاهره .. وعندما وطأت قدماه الأرض ابلغ أحد مستشاريه بأن الملك يحمل للمصريين مفاجأه ساره.............ومع مرور ايام الزياره أتضح للمصريين أن المفاجأه كانت عكسيه لاتحقق الفرح والفرج كما كان يبغى العامه وأنما أنعقد على أثرها اللسان ,وأستبان أستغلال المعاناه والأزمات , وأتضح ان الملك جاء ليأخذ لا ليصلح الأحوال منحوه قلاده النيل التى اصدر قانونها جمال عبد الناصر بألا تمنح اِلا للعظماء , ومنحوه الدكتوراه الفخريه وهو لايدرى ماقيمة الهديه , ثم كان المنح الكبير حين قررت الأداره المصريه أن (جزيرتى تيران وصنافير التابعتين لمحافظة جنوب سيناء المصريه ) سعودتين , وبدى الكل يدرك المؤامره , حين تمت الموافقه على بناء جسر يربط السعوديه بمصر عبر الطرف الشمالى من البحر الأحمر وأن ذلك يتوقف على أجازة أسرائيل , وأن اللقاءات السعوديه الأسرائيليه التى أعلن عنها مؤخرا فى القناه الثانيه الأسرائيليه قد تسربت أنباء عنها أن الجانب الأسرائيلى سيوافق على ذلك الجسر مقابل احدى الجزيرتين ليتحكم فى مدخل خليج العقبه ومضايق تيران وأن مصر لايمكن لها ان تتنازل عنهما لأسرائيل , لذا يلزم أن يتم ذلك عن طريق المملكه ,

وصار السيناريو الى عالم الواقع الآن , وأنهمك الكل فى أستغراق خرائط تثبت ملكيتهما لمصر أم للمملكه وصار الأستغراق فى جدل سفسطائى لايوقف المؤامره وأن كان يغطى عليها – ونسى الكل الدماء الذكيه التى سالت على أرض تيران وصنافير لجنود مصر البواسل والتى أختلطت بحبات رمال هاتان الجزيرتان وأجساد الشهداء التى تحللت مع رمالهما فصنعت أرضاً مصرية خالصه أسمها (تيران وصنافير المصريتان ),فهل يملك أحد أن يتنازل عنهما بعد أن ارتوى عطشهما بدماء شهداء جيشنا المغوار ليعودا بطريق غير مباشر الى عدونا اللدود أسرائيل ؟ لن يملك ذلك أى من كان ولا الرئيس , ولاحتى استفتاء ولامجلس نواب ,لأن الحقائق والثوابت والأرض المرويه بدماء الشهداء لايستفتى عليها ولا يقرر مصيرها نواب فمابالك بالأذناب ! .

وينساب اللحن الحزين فى نهاية فيلم الأرض مع تصاعد صوت الشعب المصرى يردد.................

(الأرض لو عطشانة... نرويها بدمانا، عهد وعلينا أمانة... تفضل بالخير مليانة، يا أرض الجدود... يا سبب الوجود راح نوفي العهود... يا رمز الخلود قلوبنا تهون... وعمرك ما تنامي عطشانة، الأرض لو عطشانة...نرويها بدمانا) .........وتنغرس يدى محمد ابوسويلم فى الأرض تتشبث بها وهم يسحلوه والدماء تسيل تروى الأرض العطشانه .
كاتب ومحامى - مصرى

حول الموقع

سام برس