بقلم / أحمد عبدالله الشاوش
انطلقت يوم الخميس الـ 14 من ابريل 2016م ، في مركز المؤتمرات بمدينة إسطنبول التركية، القمة الـ 13 لمنظمة التعاون الإسلامي، بمشاركة أكثر من 30 رئيس دولة وحكومة وفي مقدمتهم الملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز ، بالإضافة الى جيش جرار من رؤساء برلمانات " المضروبة " ، ووزراء خارجية الدول الأعضاء بالمنظمة الذين أصبحوا كغثاء " السيل ".

ورغم ان القمة تستمر ليومين ، تحت شعار "الوحدة والتضامن من أجل العدالة والسلام" ، وتتصدر قضية فلسطين أجندتها، وتعد هي الأولى التي تستضيفها تركيا منذ أن عُقدت أول قمة في الرباط بالمغرب عام 1969م، إلا ان الشاهد والمتابع لمجريات الامور بصورة فاحصة ومنصفة يلحظ ان شعار القمة عن " الوحدة والتضامن والسلام " ماهو الا نوع من المتاجرة " الرخيصة" والتخدير الموضعي والكلام الاستهلاكي والتظليل الاعلامي للشعوب العربية والاسلامية التي مازالت وستضل تنزف بحاراً من دماء الابرياء ومجازر الابادة ودمار الاوطان في سبيل التمسك بالكراسي الهزازة.

ولذلك اصبح المواطن العربي لا يثق اطلاقاً في عقد أي قمة بعد ان تولدت عنده فكرة واقعية لامجال فيها للشك ان القمم هي بيت الداء ودهاليز للتآمر وتفكيك وحدة المسلمين وتجسيداً لتسويق المذهبية والمناطقة وتغذية الصراعات الداخلية والارهاب وقلب الانظمة واحراق الدول خدمة لسياسات العم سام والصهيونية العالمية في مقابل بقاء ثلة من "المحنطين والمسعورين " في كراسي الحكم لنهب الثروات وتجارة الاوطان .

مازال الكثير من الزعماء والملوك والامراء والقادة المحنطين حتى اللحظة يتاجرون بالقضية " الفلسطينية " وبجثث اطفالها ودماء نسائها وبطولات شبابها في السر والعلانية ، وتفنن سفهاء الامة في شق وتشطير الصف الفلسطيني الوطني الموحد في ميادين الشرف والبطولة بعد اختراقه واحتواءه الى أكثر من جماعة وخلية وحزب وحركة ومنظمة ، منذ عصر الرئيس السابق انور السادات باتفاقيات كامب ديفيد " الاستسلام " تحت عنوان قمم " السلام " رغم النصر المؤزر في حرب أكتوبر 1973م ومروراً بخضوع حسني مبارك واستكماله للمشوار بصورة علنية والدور الاردني الذي قيد المقاومة وفرغ البندقية الفلسطينية من نضالها.

في حين عملت السعودية وقطر وتركيا في تفتيت وتجزأه القضية الفلسطينية سرا وعلانية مالم تستطع اسرائيل وامريكا عمله ، حيث سخرت الاموال الضخمة والمؤتمرات والفعاليات والمناصرات المزيفة والقمم والاعلام لسياسة فرق تسد ودس السم في العسل لتضل وتظلل الشعوب وحجز مقاعد مشبوهة في دعم القضية الفلسطينية حتى صار غالبية قادة العمل والجهاد والنضال الفلسطيني محل تجاذبات وتابعين وجواسيس ومعطلين لأي عمل وطني من شأنه الاستقلال بالقرار الفلسطيني وقيام الدولة الفلسطينية الحرة ، ولذلك صار من ثقافة المواطن العربي ان القمم الحالية ماهي بؤرة للتآمر وتصديع اللحمة والوحدة والتضامن العربي والاسلامي وخير دليل ما عملته هذه الزعامات المارقة والمشبوهة في العراق وسوريا وليبيا واليمن ومصر وتونس بأحداث الربيع " الصهيوني " في حين نات بنفسها وبلادها عن تلك الموجة القاتلة التي سوقت ودعمت الفوضى الخلاقة فيها خدمة لاسرائيل والعم سام في مقابل البقاء على كراسي الموت .


في حين مثل أعلانا منظمة التعاون الإسلامي، الأربعاء الماضي وصمة " عار " في جبين حاضري قمة " الافك " باعتبار ان هذه الدول هي الراعي الرئيس للإرهاب في منطقة الشرق الاوسط والعالم الذي بدأ يدفع الضريبة ويجني ثمرة سكوته ومساهمته في الجرائم الانسانية نيابة عن امريكا واسرائيل ، وما أرخص التسويق في بيان قادة دول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي بتدارسهم في القمة وثيقة تشمل "قضية فلسطين والصراع العربي الإسرائيلي، وحالات النزاع في العالم الإسلامي والهجرة، ووضعية المجتمعات المحلية المسلمة في الدول غير الأعضاء، مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، والإسلاموفوبيا، والوضع الإنساني في العالم الإسلامي، وبرنامج الخطة العشرية لمنظمة التعاون الإسلامي".

ومن السخرية ان تتضمّن الوثائق "تعزيز التعاون العلمي في مجالات الصحة والتعليم العالي والبيئة بين الدول الأعضاء، وتعزيز التعاون الثقافي والاجتماعي والإعلامي، والقضاء على "الفقر " وتطوير البنية التحتية، المسائل القانونية والتنظيمية، وتمكين منظمة التعاون الإسلامي من الوفاء بولايتها".

كما ان حديث تركيا عن القيام بجهود جبارة لإيجاد حلول للمشاكل الداخلية والخارجية التي يواجهها العالم الإسلامي، وتعزيز العلاقات بين الدول الأعضاء في منظمة التعاون أوهن من خيوط العنكبوت باعتبارها والسعودية وقطر واسرائيل وبريطانيا وامريكا شركاء وحلفاء ومسوقي ازمات وتجار حروب عرضوا السلم والامن الدوليين للخطر وان القضية الفلسطينية آخر من يتحدث عنها مصاصي دماء الشعوب .. ومع ذلك لا نتجنى فالأفعال والمشاهد والصور والقراءة العميقة والواقعية هي التي أكدت هذه الحقائق رغم تمنياتنا لهولاء القادة وخز الضمير وترك المتاجرة بالدين الذي أضحى قنابل موقوته في كل شارع ومسجد وكنيسة ونادي ومدينة ودولة ، هل يتق الله تجار القمم ويصدقوا في افعالهم وأقوالهم ، مالم فكراسيهم قابلة للسقوط وبلدانهم قابلة للانفجار بعد أن نفخوا في الارهاب حيناً من الدهر ، ولربما ينقلب السحر على الساحر؟.
Shawish22@gmail.com

حول الموقع

سام برس