بقلم/ د.اكرم العجي
انتشار النقاط اﻷمنية أو بالأصح النقاط الإستفزازية في عموم محافظات ومديريات الجمهورية غير مستغرب علينا نحن اليمنيون، سواء كانت تلك النقاط تابعة للجيش أو للأمن أو لغيرهم من القوى السياسية والاجتماعية في البلد بما فيها تنظيم القاعدة والقبائل.

حيث عادة ما تلجأ تلك القوى لإحداث نقاط أما لحماية اﻷمن العام كما تقوم بذلك قوات اﻷمن أو لحماية مناطق النفوذ والتقطع للخصوم كما تفعل ذلك بعض القوى الوطنية.

إحداث نقاط الفتيش إلى جانب النقاط اﻷمنية التابعة لوزارة الداخلية أو للجيش انتهاك لسيادة القانون وللنظام العامة ولكرامة اﻹنسان اليمني،وهي ظاهرة اعداتنا عليها منذ الصغر في هذا البلد، بلد اﻹيمان والحكمة .

ومع عدم قانونية إحداث نقاط غير حكومية ، فغالبا ما تتجاوز النقاط الحكومية مهامها اﻷمنية، كما أنها تقوم باداء مهامها بصورة استفزازية.حيث تخضع العديد من المركبات المارة للتفتيش، وقد يحتجز البعض منها لوقت قد يطول أو يقصر لأسباب تافهة ....وبطريقة مهينة منافية للأخلاق العامة وللعمل اﻷمني،كما تقوم بعض نقاط اﻷمن بطلب البطائق الشخصية للموطنين المارين منها وخصوصا على مداخل المدن بصورة قد تشابه مناطق العبور الدولية، يحس معها المواطن اليمني بالغربة والغبن وهو يعيش في وطنه وبين ، قد تكون بعض هذه اﻹجراءات ضرورية في بعض الظروف، لكن تكرارها في مختلف نقاط المرور يحتم على المسافر من عدن إلى صنعاء وضع بطاقة الشخصية في يده على طول مسافة الطريق لكثرة نقاط التفتيش، ولخوفه من فقدانها حتى لا يتعرض للحجز من قبل أي نقطة، ومن عدم الوصول إلى ما يقصده .

اليس..... في ذلك انتقاص لكرامة المواطن.
اليس..... الشعور بالغربة في الوطن اليوم أكثر من الشعور بها في خارجه.كل ذلك بحجة حفظ اﻷمن المفقود، وما هكذا يحفظ اﻷمن...ولا هي من أخلاق العمل.

يبدوا أننا قد الفنا الصورة الإستفزازية في وطنا..! رغم عدم اخلاقيتها وقانونيتها، لكن ما شاهدته اليوم ....بل ما حدث معي فعلا قد تجاوز المألوف وتجاوز الاستفزاز إلى الاستهتار والاستخفاف بالناس من قبل إحدى النقاط التابعة لحركة انصار الله - قد تكن مهامهم أمنية لوقوفهم مع الغالبية العظمى من ابناء الشعب ضد العدوان السعودي- ، لا اريد أن اخوض في تفاصيل الحدث، لكن الموقف يستدعي ذلك، فقبل يومين استدعاني أحد الأشخاص لمرافقته في زياة لمنطقة مجاورة لقريتنا، وما أن وصلنا إلى تلك النقطة - التابعة لأنصار الله- إلا وخضعنا للتفتيش كما يخضع له المصلون الداخلون إلى مساجد صنعاء يوم الجمعة
...استغربت لعدم سؤاله عن السلاح الذي بحوزة صديقي ومضينا في طريقنا.

المهم بعد أن انجزنا مهمتنا الصباحية قال صديقي بأنه يرغب بالذهاب إلى المدينة - مدينة رداع- وسوف يركب أحد الباصات وعليا الرجوع إلى البيت وترك سلاحه الشخصي لي احتراما للنظام المفقود أصلا، نزلت عند رغبته رغم كرهي لحمل السلاح فحملت سلاحة ومضيت في طريقي.

وما أن وصلت إلى تلك النقطة التي مررنا بها صباحا، والتي لا تبعد عما اقصده - البيت- إلا بضع دقائق فوجئت بعدد خمسة إلى ستة أشخاص محتجزين أو باﻷصح موقفوين في النقطة، وهم على متن دراجاتهم النارية لا أعلم إلى أين وجهتهم، ولماذا تم ايقافهم، وكم من الوقت أمضوا في النقطة، ما اعلمه انهم غير متجهين إلى المدينة...قد تكون وجهتهم إلى إحدى مزارع القات التي تعج بها قريتنا و القرى المجاورة ...المهم لحظات منذ وصولي وتم السماح لهم بالمرور ...ثم أتى الدور عليا وتم توجيه السؤال التالي لي:

أنت إلى أين متجه؟
اجبته إلى القرية... الغير بعيده عنه والمعروفة لديه.
ثم وجه لي سؤالا آخر من قبل أحد رجال النقطة ....عفوا على لفظ رجل، بل من صبيان النقطة ...من تتبع؟ أضحكني السؤال وقلت في نفسي كنت اتوقع منه أن يسألني عن سبب حملي للسلاح، وفي نفس الوقت كم حز في نفسي السؤال وإلى أي مدى وصل الاستخفاف بالناس.

قلت كيف من اتبع..قال من تتبع..! أجبته على قدر سؤاله اتبع نفسي وما يمليه عليا عقلي. قال هات البطاقة، قلت لا توجد بطاقة ، رغم أنها بحوزتي، تعمدت إخفاءها ﻷني شاهدت اﻷمية والجهل بين عينيه، فلو اعطيتها له فلن يتمكن من قراءة بياناتها و سيكتفي بالتدقيق في الصورة.

قد أكن مخطئ في إخفائها...لكن اسلوبه الاستفزازي حتم عليا إخفائها.
ليس المهم توقيفي أو توقيف غيري فقد اعتدنا على مثل هذه الإجراءات التعسفية اللااخلاقية. الأهم من ذلك هي الصورة الاستفزازية التي تتعامل بها نقاط القهر. إضافة إلى وقاحة طرح اﻷسئلة، وغباوة التصنيف للأشخاص..من تتبع..!!

هذا اﻹجراء التعسفي والغير قانوني جعلني اسأل نفسي
هل كل من مر اليوم بهذه النقطة وجه له نفس السؤال ..! من تتبع؟
انصار الله ....ليس بهذه الطريقة تؤمن البلاد.
أنصار الله..... كفوا صبيانكم عن مثل تلك الإجراءات الصبيانية والتعسفية...قد يكون من واجبكم طلب البطائق الشخصية في حالة ما.لكن ليس من حقكم توجيه مثل تلك اﻷسئلة الصبيانية الإستفزازية في الطرقات العامة، هذه اﻷسئلة عادة ما توجها أجهزة الإستفزاز و القمع وتكميم اﻷفواه والكل يعرفها، ومهامكم على مداخل المدن وفي الطرقات العامة حفظ اﻷمن فقط ،إلا إذا كانت هذه هي رؤاكم اﻷمنية.

أنصار الله....عليكم تخليق وتأهيل وتدريب صبيانكم قبل الزج بهم في الطرقات العامة، فالعمل اﻷمني أخلاق يجب التحلي بها، وللطرق العامة آداب يجب احترامها.

وفي النهاية فما أود أن أوضحه أن كل ما اكتبه لا يعبر إلا عن قناعة أومن بها أشد اﻹيمان ، ولا يعني انتقادي ﻷي طرف الانتقاص منه والتقليل من شأنه؛ بل أن إيماني لا يقلل من قناعتي بضرورة اسداء النصح إليه.

حول الموقع

سام برس