سام عبدالله الغُـباري
- مُـذ انشق معاوية وبغى وكوّن مملكته الخاصة، والعالم الإسلامي يشهد انقسامات متوالية شرعها ابن أبي سفيان بتوريثه غير المقبول لذريته في خلافة الحكم والكرسي بعيداً عن شرعية المفروض ، إلى أن أصبح هو الشرعية بتنازل الحسن بن علي له ، فدهس كل من وقف أمامه وسحق معارضيه بقوة السلاح .
- كان معاوية يبغي الثأر لقاتل ذي النورين رضي الله عنه ، فحمل قميص (عثمان) المضرج بالدم ليستدرر به عطف ومناصرة قبائل العرب ، وقد أتاحت له هذه الجريمة فرصة الانشقاق عن علي بن أبي طالب ، وتكوين الجيوش لمحاربته والانقضاض على سلطة الإمام علي كرم الله وجهه .
- حين استوى معاوية على عرش الحكم أمر بسب الإمام علي كرم الله وجهه بمختلف جوامع ومساجد الأمة الإسلامية لأكثر من قرن كامل حتى قدس العوام من الأجيال المتعاقبة هذه الأوامر واعتبروها سنة يجب إحياؤها ، فكان كل من سها عنها ذكره أحدهم : ألا تسب أبا تراب ؟! . وقد أسمى معاوية تياره أهل السنة والجماعة فكان يغرف من بحور الحديث حتى أمتلأت كتب المدونين وتراجم المؤرخين .
- نجد اليوم كل هذا العناء الذي واجهته الأمة الإسلامية من أهل السنة والجماعة بتقويتها لبوادر الانشقاق في جسد الأمة كي تفوز بلقب الخلافة بأي شكل وتحت أي حساب ، غير أن معاوية كان أكثر قيمة من مخرجات اليوم ، حين لم يرضخ لمعونة الروم التي أطلت برأسها وسلاحها ، بعكس ما يفتي به الداعية المكروه : يوسف القرضاوي رئيس التنظيم العالمي للإخوان المسلمين بوجوب الاستعانة بحلف الناتو لقتال العرب المسلمين المخالفين له في المذهب، بل قاده تطرفه إلى دعوة أميركا للوقوف بحزم تجاه سوريا الجريحة التي أملأها خيلاً ومتطرفين .
- سُـنة الأمس كانوا أول من شرع للانشقاق وإعلان الحرب على الشرعية القائمة إلى أن فتكوا بها وقاموا مكانها، فمنعوا أي انشقاق مضاد وأبادوا كل مخالفيهم بقسوة أدمت تاريخ الأمة وأثخنت أوجاعاً مازالت موحشة وحالكة وعاراً يكتبه المؤرخون في سواد الصفحات القاتمة لتاريخ ما بعد الخلافة الراشدة ، وسُـنة اليوم أباحوا كل شارع وأقاموا على الشرعية القائمة ألف مظلمة ومفسدة حتى أسقطوها ، فوثبوا عليها بانتخاب أو انقضاض، وقتلوا على طريقها مئات الآلاف بطائرات الناتو، وحالفوا الغرب والصهاينة وحاخامات اليهود، ورفعوا قميص (عثمان)، واستحضروا دم البريء والغافل ليقتلوه على رصيف الخيمة ويسقوا به أشجار الشوك وطلح المرارة حتى استطاعوا ونالوا ما فعلوا ، وتنازل الذي تمكن وقُـتل العقيد الغاضب وسُـجن الرئيس المذهول ، وهرب الخائف الواجل .. فقاموا على ما أرادوا وحلموا .. واغتصبوا الكرسي ، ورفضوا أن يقوم عليه أحد .. ادّعوا أنهم شرعية الأمر بالمعروف لكنهم لم ينهوا عن منكراتهم وحولوها إلى فضائل وهي رذائل مشهودة .
- بعد ألف وأربعمائة عام ونيف .. لم يعد العالم العربي والإسلامي مستسلماً لبُـغاة المرتدين وحملة القمصان ومصاصي الدماء ، لقد تكون الوعي البطيء وتراكمت المعرفة وارتفعت الحقيقة على رؤوسنا كقلنسوة الديك الذي يصرخ لدلوك الشمس .
- لقد اكتشف خبراء الطقس أن للفجر مرحلتين : فجراً كاذباً وآخر حقيقي يأتي بعده مباشرة .. وهؤلاء الذين نرفضهم حقاً هم هذا الفجر الكاذب الذي يوهمنا بقدوم الشمس وبدء الحياة ، غير أنهم حمل فاجر وفجر كاذب وأضغاث أحلام .. فأفيقوا من سباتكم يرحمكم الله .
.. وإلى لقاء يتجدد ،،

حول الموقع

سام برس