أحمد عبدالله الشاوش
ما زلنا نؤمن بأن الإثارة هي صناعة إعلامية، وأن وسائل الإعلام باختلاف مشاربها تسعى إلى تسليط الضوء على قضايا وأحداث بعينها ترى في سرعة نقل الحدث وإثارته فرصة للنجاح والشهرة، والبعض الآخر يرى فيه فرصة للانتقام والتشويه، وثالث يرى أن الإعلام هو نقل الحقائق بصورة مهنية صادقة مهما كان الخلاف والاختلاف باعتبار القيم الأخلاقية هي مرجعية الحدث.
فبعض وسائل الإعلام تبنت سياسة إعلامية تقوم على الإثارة والتثوير والزوبعة في تناولها للأحداث، ومحاولة إقناع القارئ أو المشاهد بأن ما تنقله من رؤى ومشاهد هي عين الحقيقة، ومحرروها يعلمون عكس ذلك فهي منذ ولادتها مولود مشوه تتبع سلوكيات تتنافى مع المهنية والقيم الصادقة مستغلة مناخ حرية التعبير وغفوة وتراخي القانون والقائمين عليه وأحياناً دعم السياسيين ومراكز القوى النافذة فما تطرحه بعض الصحف والمواقع الإلكترونية والقضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي من قضايا وأحداث تميل إلى التضليل هو تجاوز للقيم والثوابت والمنطق ويمثل حالة مرضية خطيرة، فالسيل الجرار من الأخبار التي تنشرها من حروب وأزمات وقضايا ساخنة وباردة هي انعكاس ونتاج طبيعي لبعض السياسات العقيمة وللأحزاب دور في ذلك التردي ففشل بعضها وبعض قياداتها في أن تصبح دولة ظل للبناء والقيام بدورها المنوط في رفع معدلات التنمية والقضاء على الفساد باعتبارها الرقيب الأول عبر صحفها ووسائلها الإعلامية وغيرها من المنابر هو نتيجة للمزايدات ومحاولة بعض هذه الأحزاب والمراكز تفريخ الكثير من الوسائل ليس بغرض البناء وإنما الهدم للتأثير على الحياة الإعلامية والاستخفاف بعقلية المواطن ذلك قمة الفشل وأصبح القارئ والمشاهد يميز بين الخبيث من الطيب والأجدى أن هذه المواقع يفترض أن تتبع مواطن الخير والصدق للنهوض بالإعلام، كما أن البعض الآخر من هذه الوسائل الإعلامية استطاعت أن تفرض نفسها لعقلانيتها في تناول الأحداث ونهجها الوسطي النابع من قناعتها منذ الميلاد، فتبنيها للإثارة في بعض الأحيان هو من أجل التشويق وجذب القارئ مع توخيها للصدق مما جعل لها مكانة كبيرة، وعزز الثقة لدى القارئ وأصبحت جديرة بالاحترام، غير أن الطرف الثالث من هذه الوسائل ينتهج سياسة «بين البين» فأحياناً يرى في الإثارة فرصته للنجومية والشهرة وتارة يلزم الحياد والهدوء وثالثة يهرول ناسياً المعايير المهنية مما يسيء أيضاً إلى مهنة الصحافة وصاحبة الجلالة، والأحرى أن تواكب هذه الوسائل التطورات والأحداث بعقلانية وتستفيد من سقطات الوسائل الأخرى لترتقي إلى الصواب وصعود السلم درجة درجة حتى تصل إلى النجومية وتحوز على الثقة وتكون قاب قوسين أو أدنى من الريادة.. فهل آن الأوان للوسائل الإعلامية المختلفة انتهاج سياسة إعلامية واضحة تجعل من المهنة والمصداقية قمة الإثارة؟.. أملنا كبير.
shawish22@gmail.com

حول الموقع

سام برس