احمد الشرعبي
- كان هذا دأب القوى التقليدية في بلد الإيمان والحكمة مذ أزمنة خلت وليس غريباً أن يكون الأمر ذاته أمس إذ تناور وتداور بحثاً عن مقايضات شبيهة بما شهدته البلاد خلال 2011أحمد الشرعبي -
كان هذا دأب القوى التقليدية في بلد الإيمان والحكمة مذ أزمنة خلت وليس غريباً أن يكون الأمر ذاته أمس إذ تناور وتداور بحثاً عن مقايضات شبيهة بما شهدته البلاد خلال 2011 وما أسفرت عنه المبادرة الخليجية من تسوية اعتمدت انتظار المساء ريثما يفرد الحبيب الغريب كلتا يديه على كتفي الضرتين لتعتقد كل منهما نفسها المعنية بعبارة (أفدي من وضعت عليها يدي).
لم تنل التسوية حقها الطبيعي من التذمر الشعبي إذ لم تكن الثورة جاهزة للوقوف على قدميها ولا الظروف مواتية لتغيير جدّي يتجاوز معادلات السرداب المظلم وما دام الاتجاه الإجباري المطروح أمام المجتمع يستوجب دفع فاتورة الصراع وإنقاذ العالقين بين فوهتين تتراسلان اللهب في عاصمة منقسمة بين شيئين ضدين يقفان على قاعدة وئام طويل وتاريخ مشترك وعلاقات حب وحرب فإن متاح الضحايا بل واجبهم اختيارأقل النوافذ كلفة بصرف النظر عن صنف السلعة أو جودتها.
لم يعد في الوقت متسع للمراجعة أو إبداء وجهة النظر فالتصميم جاهز وهندسة الحفاظ على المعالم الآثارية الآيلة للسقوط يسترعي الكثير من التحاذق واستعمال الواجهات المستعارة والحرص على ثقة وطمأنينة القاطنين بين الجدران المتشققة حسناً نحن لم نتعلم صناعة المخاوف ويلزمنا مقاومة الأسئلة النافرة لا عن سلفية التقاسم التي سنتها العواطف الوحدوية في 22 مايو1990م ولا مدى الإضرار أو المصالح المضافة على الطبعة الثانية من سفر المحاصصات فلعدالة التقاسم منطقها ولكل وارث حصته من الوظائف الدنيا ومتى بدرت مؤشرات استئثار هنا سمع دوي تهديد ولاح قاذف رعب هنالك.
ساسة اليمن مزيج مركب من تغضنات الزمن وعقد الايدلوجيا ونزوات العقل المأزوم.. لهذا يبالغون في التذاكي على الشعب ولا يتورعون عن إخضاعه لامتحانات قبول قريبة الشبه بما يعهده تلاميذ الصفوف الأولى عند انتقالهم من مدرسة لأخرى.
قبل فترة قصيرة ذهبت تصريحات بعضهم للقول بأن فكرة التمديد للرئيس هادي لم تدخل جدول أعمال اللقاء المشترك من حيث المبدأ ليعقبه قيادي من نفس المستوى ــ لا المكون ــ بإشارة يفهم منها شيئاً من لعاب الحوامل عند رؤية التمر الهندي المتدلي على رأس الشجرة العملاقة!
ولقد راعني تراجع المصدر الأول عن نفيه السابق مطلقاً تصريحات لاحقة مفادها عدم الممانعة من التمديد شرط سريانه على بقية السلطات؟
أما على صعيد الطرف الآخر فحدّث ولا حرج فما برح ممارسة دور البهلوان الفكه رغبة في تسلية المجتمع وإدخال السرور إلى نفسه تعويضاً له عن سنوات قهر ركمت في حياة الشعب كل بواعث الاكتئاب والحرمان وهو يرى في انتهاء الفترة الانتقالية فرصة سانحة لملء (المغل) وتقليم الأظافر وإعادة العمل بشهادة حسن السيرة التي ابتدعها الأمن الوطني والسياسي في ج ع ي قبل الوحدة.
يحدث هذا في ظل رئيس نادراً ما يجد المرء طريقة للتخاطب معه لهذا فكلما يكتب عنه أو ينسب إليه محض تأول وهو وإن اعتمد الوقوف على مسافة واحدة من طرفي التسوية.. إلا أن اعتمالات الداخل أكثر تشعباً من النصوص الآنية والتوافقات الميكافيلية المحكومة بظروف استثنائية كالتي عالجتها المبادرة الخليجية.
ومع أننا لا نحسن التسوق في مزادات النخب السياسية التي اتعبت قلب هادي وأرهقت كاهله ونثرت الإعاقات في طريقه وأساءت التعامل مع ثقته إلا أن شباكها الملقاة على قارعة التمديد تستند على خبرات ماضٍ لم يعد ممكناً تكراره وعلى افتراض تعرض الرجل لضغوط محلية وإقليمية ودولية لترشيح نفسه في انتخابات رئاسية جديده فلا أظنه يقبل الارتهان لتوافق طرفي الصراع إذ ليس غير سيزيف يقبل نذر حياته لحمل الصخور المتدحرجة على رؤوس الناس.
نحن لا تعوزنا الحاجة إلى رئيس نتبادل مه نظرات الإشفاق ولا نبحث عن مرشح رئاسي بمواصفات الماضي وشروط العسيب المؤدلج.. ولئن كانت الأغلبية الشعبية اكثر تحمسا لعبد ربه منصور فلأنه يتكئ على رصيد مائز من المصداقية والتجرد والانحياز لمصالح اليمن العليا وهو مالم يكن مرشح إجماع وطني عريض يبدأ من أكواخ الفقراء وتصدح باختياره أغاريد الفلاحين ويلتف حوله الشباب وتستيقظ في ضميره قضايا التغيير والتغيير بالأفضل فستتحول الانتخابات الرئاسية القادمة إلى مزاد سيء يقتل الأمل ويعترض بقوة درب اليمن الجديد..
لهذا اكاد أرى الناس في غير محافظة يمنية يجمعون عليه حال ارتباطه المباشر بإرادتهم التلقائية النقية من شوائب السياسة ومكائد السياسيين ويقينا لن يكون الأمر على هذا النحو متى تمكنت قوى الصراع من الانفراد به أو ابتزازه واستثمار الفتور الواضح في علاقته بالمؤتمر الشعبي أكبر الأحزاب تصديراً للنصائح وأقلها استفادة من العقل والمشورة والرشاد.
المصدر: الثورة

حول الموقع

سام برس