عبدالله الصعفاني
من يتابع الأخبار القصيرة.. أخبار الحارات والقارات سيقف على حقيقة أننا نعيش زمن السيادة فيه للعبة لاتهتم بأرواح الناس ولا تبالي بنقيصة الأذى المادي والمعنوى الذي لا يفرق في آحايين كثيرة بين القريب والصديق.
مناقشة هذا الواقع دفعت صاحبي لأن يسألني..
من الذي تخشاه..
قلت ومن غيره.. الله..
قال.. أسألك عن البشر..
قلت له: بالحسبة الدنيوية فإن من لا يستحي من الله ولا من خلقه يدعوك لأن نعمل حسابه.. وعلى النقيض فإن من يخجل من الناس ويخاف من الله لا بد أن يصلح حاله ولو بعد حين..
وأهمية الحياء تبرز في كونه شُعبة من شُعب الإيمان.. ما يعني أن الحياء طريق للإيمان وفقدانه في حياة الواحد منا ابتعاد عن الإيمان.
منذ بدء الخليقة.. عصا أبونا آدم ربه فقرر الفرار .. وفي زمن الرسول صلى الله عليه وسلم كان عثمان ابن عفان رضي الله عنه أشد الناس حياء حتى قال عنه سيد البشرية: هذا الرجل تستحي منه الملائكة.
وفي الحياء حياة..
حياة في توقير الكبير.. "ليس منا من لا يوقر كبيرنا ولا يرحم صغيرنا" وحياة في احترام الأخوة والصداقة والعيش والملح والشراكة في الوطن وفي الإنسانية ويا الله .. ما أروع معاني ودلالات قوله تعالى "فجاءته إحداهما تمشي على استحياء".
غير أن الحياء على أي حال لا يتحقق في منافقة الظالم والفاسد والعابث لأن الله لا يستحي من الحق.. ولأن خاتم المرسلين حثنا على تغيير المنكر "من رأى منكم منكراً فليغيره بيده.. فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان.
تخيلوا .. حتى "وحشي" الذي قتل الحمزة ابن عبدالمطلب رضي الله عنه في معركة أحد استحى من فعلته وندم وحرص على أن يقتل مسيلمة الكذاب بنفس الحربة طمعاً في أن يغفر الله له بقتل شر الناس عن قتله أحد خيار الناس.
تأملوا حولكم.. استعرضوا أسماء ومواقف وسيهولكم حتما ما تدفعه البشرية بسبب غياب قيمة الحياء.. الحياء من الله والحياء من الخلق.. الحياء من التاريخ الذي وإن كتبه المنتصر بأقلام تكرس نفسها لمن يدفع إلا أنه لن يصح إلا الصحيح.
عندما يغيب الحياء يحضر الكبر الذي يجعل صاحبه يتفانى في إسقاط أدوات التعريف من الغير ويجعل عتاة الفقراء إلى الحياء يستمرئون صور إلحاق الأذى وسط سؤال العامة والخاصة.. أين الحياء.. ولماذا يموت الذين يختشون..!؟
غياب الحياء نعمة.. وجفاف أي نبع منه نقمة كبيرة لأن لغياب الحياء ما بعده من فجور وإضاعة لمكارم الأخلاق..
وبعد الدعاء إلى الله بأن لا يوكلنا إلى أنفسنا طرفة عين لاغنى عن القول.. ما أحوج من يعانون من نضوب مخزون الحياء إلى العودة إلى الخجل وإلى قيم الصدق والمحبة والرفق بالناس.
الحياء قيمة دينية وإنسانية عظيمة ما أروع أن نتمسك بها فاللهم ارزقنا الحياء وارزقنا أيضاً شجاعة الإدراك بأن التمسك بالحق .. والدفاع عنه لا يستلزم الحياء.. فلا حياء في الدين.. ولا حياء في التواصي بالحق والتواصي بالصبر.. ودائماً.. الله المستعان.

حول الموقع

سام برس