بقلم / عاصم السادة
نظر الكثير الى اتفاق تشكيل المجلس السياسي الاعلى بين حزب المؤتمر الشعبي العام وانصار الله -مؤخراً- انه خطوة مهمة وايجابية ولو جاءت متأخرة وذلك في تعزيز الجبهة الداخلية ضد تحالف العدوان السعودي على اليمن وتوحيد الصف السياسي والعسكري ومجابهة التحديات التي تواجه البلاد من كافة النواحي.
لم يأت تشكيل هذا المجلس حاليا اعتباطا ولا ارتجالاً من المؤتمر الشعبي وانصار الله، لكن ثمة مسببات محورية دفعت الطرفين لاتخاذ هكذا قرار بعد تمعن ودراسة تفحصيه للوضع العام وما يترتب عليه لتشكيل مجلس سياسي اعلى لإدارة البلد.

لا شك ان الاقتصاد الوطني بدأ يتجه للهاوية نتيجة عدة عوامل خارجية وداخلية؛ فالحصار البحري والجوي والبري المطبق على اليمن من قبل دول التحالف الذي تقوده السعودية اثر كثيرا على الاقتصاد فلا واردات ولا صادرات اذ توقف الانتاج النفطي الذي يمثل العصب الرئيس في رفد خزينة الدولة ما نسبته 75% بالإضافة الى توقف السياحة والثروة السمكية وغيرها من الثروات التي تمثل رافد اساسي كدخل قومي للدولة..
اما العامل الداخلي المؤثر سلبا على الاقتصاد الوطني هو سوء الادارة والخبرة في ادارة شؤون البلد الاقتصادية من قبل سلطة الامر الواقع وعدم ترشيد الانفاق مما ادى الى تضخم اقتصادي في ارتفاع الاسعار وانعدام السيولة لدى البنك المركزي وارتفاع الدولار امام العملة الوطنية..

شعر انصار الله كسلطة أمر واقع ان الاستمرار في المقامرة لإدارتهم مؤسسات الدولة بهكذا طريقة دون خبرة في ادارة الازمات الاقتصادية قد يؤدي الى انهيار مفاجئ للاقتصاد.. فمثلا القرارات التي اتخذوها لمعالجة بعض الاختلالات كقرار التعويم للمشتقات النفطية الذي لم يكن صائباً حينئذ حيث زاد من الفجوة واتسعت الاطماع بين التجار وصاروا يتحكمون بالأسعار ويتقاذفون بالمواطن وذلك في ظل غياب تام للأجهزة الرقابية للدولة.!

تحالف المؤتمر والحوثي جاء كضرورة وطنية لإنقاذ الهيكل المؤسسي للدولة قبل انفلاته من ايادي انصار الله وتحل الكارثة ليس عليهم فحسب بل على الجميع، فحتمت الظروف ان يدخل "المؤتمر" شريكا في ادارة شؤون البلاد مع انصار الله لما يمتلكه من خبرات سابقة وقدرات مؤهلة قد تجنب انحدار البلد للهاوية.
قدم انصار الله تنازلا مهماً يحسب لهم في الاتفاق السياسي مع المؤتمر الشعبي العام وهو الغاء "الاعلان الدستوري" الذي احتكر ادارة الدولة فيهم ولمن يواليهم فقط، والغى البرلمان كسلطة تشريعية وشُكلت على ضوئه اللجنة الثورية العليا.

وبعد الاتفاق السياسي يعتبر الدستور الحالي هو النافذ واللجنة الثورية ملغية والبرلمان يعود لممارسة مهمته التشريعية وفقا للدستور.

شكل التحالف "المؤتمر وانصار الله" قوة كبيرة ستتمكن من مواجهة المخاطر المحدقة بالوطن داخليا وخارجيا اذ مثل صدمة لخصومهم في الرياض فقد اصابهم حالة من الارباك وهذا ما بدى في ردود افعالهم المتشنجة واعدوه انقلاب ثان عليهم وعلى الشرعية الدولية المتمثلة بالقرار الاممي 2216 وافشالا لمفاوضات الكويت.!
اختيار هذا التوقيت لتوقيع هكذا تحالف سياسي لإدارة شؤون البلاد كان مقصوداً ويحمل عدة رسائل للعالم ان لم يكن إيعازاً من بعض الدول ايذاناً بالاعتراف به كسلطة شرعية حال طرأت اي تغييرات في مفاوضات الكويت بين وفدي الرياض وصنعاء.

هناك توجه من الدول الكبرى في مد ايديها للأقوى الذي يحكم السيطرة في الداخل اليمني ويملك عناصر القوة الشعبية والعسكرية، في وضع يتكالب اكثر من 18 دول عربية واجنبية واسلامية سياسيا وعسكريا وماليا عليه.!
لن يكون القرار الاممي 2216 عقبة امام القوى الوطنية في حال لم يلبي طموحات الشعب اليمني واذا استمر اسلوب المراوغة الذي ينتهجه وفد الرياض في مفاوضات الكويت وعدم تقديم تنازلات تتوافق مع منطق العقل الذي يفضي الى حل سياسي وشراكة سلطوية يشمل الجميع دون استثناء لكن ذلك يتطلب قرار شجاع وارادة نابعة من الذات الوطنية وليس الرياض.!

يجب ان يتجاوز وفدي الرياض وصنعاء موضوع القرار الاممي الذي اذا التزم الجميع بحذافير بنوده لن يكن هناك حلا البته.. ولن يأتي احد يسلم سلاحه لخصمه هكذا لتعود الرصاص الى نحره.!!

على كل حال ثمة تخوفات صادره من هنا او هناك من ان يؤثر هذا التحالف على الوحدة اليمنية والذي قد تستغله دول العدوان لتهيئة الظروف للانفصال بين الشمال والجنوب لكن ذلك الامر ليس مخيفا الى هذه الدرجة طالما ان المجلس السياسي سيحتوي في مضمونه مكونات جنوبية مؤثرة في الشارع الجنوبي ولها صدى واسع فيه ناهيك عن العلاقات الحميمية القائمة والمرتبطة بقيادة المؤتمر الشعبي العام وانصار الله من ابناء الجنوب اليمني.

حول الموقع

سام برس