وسيم السيسي
يرى جراح مصرى أن الحضارة الفرعونية تعرضت لظلم لم تتعرض له حضارة أخرى؛ بسبب الجهل بها، وخصوصا من أبنائها، الذين لا يعرف كثير منهم أن "أقدم" جراحات المخ فى التاريخ تمت فى بلادهم قبل أكثر من أربعة آلاف عام.
ويقول وسيم السيسى إنه شاهد فى قسم المصريات بالمتحف البريطانى جمجمة فى صندوق زجاجى مكتوبا عليه "عملية تربنة-جراحة من جراحات المخ- مصر القديمة 2000 سنة قبل الميلاد"، وكان أمامه امرأتان فقالت إحداهما للأخرى "انظرى جراحة مخ قبل الميلاد. أين كانت إنجلترا فى هذا الزمن السحيق؟".
ويروى فى كتابه (مصر علمت العالم) تجربة مشاركته فى مؤتمر بالقاهرة نظمه المركز القومى للبحوث بمصر، بالاشتراك مع جامعة مانشستر البريطانية تحت عنوان (الصيدلة فى مصر القديمة)، وأنه طالب فى بحثه حول العقاقير التى استخدمها المصرى القديم فى علاج أمراض المسالك البولية والذكورة "بتغيير اسم البلهارسيا إلى مرض مصرى؛ لأن مصر اكتشفت مرض البلهارسيا قبل تيودور بلهارس (الطبيب الألمانى 1825-1862) بآلاف السنين".
ويسجل أن المصرى القديم أعطى مرض البلهارسيا اسم "عاع"، كما عرف الدودة الماصة التى توجد فى الكبد والدم، وأطلق عليها اسم "حررت"، وتوصل أيضا إلى الدواء، وهو الأنتومين، وجعله "لبوسات شرجية بدلا من الحقن؛ لأن مصر لم تعرف الحقن" فى تلك الفترة.
والكتاب، الذى يقع فى 175 صفحة متوسطة القطع، أصدرته الدار المصرية اللبنانية فى القاهرة، ويضم فصولا منها (الحضارة المصرية والجزيرة العربية) و(أرض الله الخالق وموضع أبناء الشمس) و(الرقص فى مصر القديمة) و(تفسير الزار بالفرعونى) و(لغتنا المصرية الحديثة) و(إذا لم نكن فراعنة فمن هم الفراعنة إذا) و(فجر التاريخ وأعظم حضارة فى التاريخ).
والسيسى الذى يقول إن "التاريخ الوحيد الذى أصبح علما يدرسه العالم كله هو علم المصريات" له كتب منها (الطب فى مصر القديمة) و(نظرة طبية فاحصة فى الحب والجنس) و(مصر التى لا تعرفونها).
ويستعرض المؤلف ما يصفه مؤرخون بالروح المصرية التى تتوخى الوسطية، وتنأى عن التشدد، فيقول إن "مصر علمت العالم الوسطية فى كل شىء، فالكرم وسط ما بين الإسراف والبخل والشجاعة وسط بين الجبن والتهور، لذا كان إسلام مصر مختلفا عن إسلام الدول الأخرى كذلك مسيحية مصر أيضا".
ويقو إن مصر "قاومت كل تطرف وإن فرض عليها"، مسجلا تهكم المصريين فى القرن العاشر الميلادى على العزيز بالله الشيعى، وهو حاكم ادعى علم الغيب فتركوا له فى المسجد بطاقة تقول "بالظلم والجور قد رضينا-وليس بالكفر والحماقة. إن كنت أعطيت علم غيب-فقل لنا كاتب البطاقة".
ويعزو ميل المصريين للوسطية ونفورهم من التطرف إلى حبهم للحياة مستشهدا بقول مؤلف الكتاب الشهير عن مصر القديمة (فجر الضمير) المؤرخ والأثرى الأمريكى جيمس هنرى برستد (1865-1935) إنه لم ير "شعبا أحب الحياة كالشعب المصرى القديم. لقد أنكروا الموت، ورفضوا فكرة الفناء بالموت، فكان الإيمان بالبعث حياة بعد هذه الحياة".
ويسجل السيسى أيضا إعجاب العالم الفرنسى الذى تمكن من فك رموز اللغة المصرية القديمة جان فرانسوا شامبليون (1790-1832)، حيث قال "يتداعى الخيال، ويسقط بلا حراك تحت أقدام الحضارة المصرية القديمة".

حول الموقع

سام برس