بقلم / عبدالرحمن بجاش
واخيرا اتت اللحظة التي كان علي ان امد يدي مودعا (( قصي )) وقصي نجل ابن عمي ماجد , وماجد من اجمل انفس اهل الارض طيبة وخلقا , وانا اكره لحظة الوداع فتراني اهرب لا اودع أي مسافر , ولذلك كنت اعمل نفسي مش سامع ما يدور في البيت من حنق باد على كل الوجوه لسفر ها الصغير من حول البيت الى خليه من الحيويه التي لا تتوقف سوى بلجوءنا الى الفرش بحثا عن بعض نوم تزعزه كل ليلة انفجارات قضت مضاجع الاطفال تحديدا , اما نحن الكبار فقد احنا مجانين لقه مثلما يرددها مجنون بيت بوس !!! .

هربت الى غرفتي , لكي لا اودعه , لكنه اللعين لحقني الى الغرفه , مادا يده , ومقبلا مقدمة راسي , اختنقت العباره في حلقي وهو يرددها (( مع السلامه يا عم )) , لتستفيق في بالي كل الذكريات التي ما تزال مرتسمة لايام ما قبل العيد , حين تهتاج شجوني لصوت الطاسة والمرفع , وافراني من ينتظرون قدومي لنعزف معا اجمل الالعاب , واروع الذكريات نسطرها عند كل منحنى , في كل احوال الكدره , وكل السهول , وقطرات المطر المتبقيه من الصيف الاخضر , حتى اعيننا نكحلها بسيل مداحص التي اختفى هو الاخر تحت وطأة السد الذي احتجز الماء ولم يُستنفع به كالعاده , فكلما هطلت مطرة ذهبنا الى حيث ظل ينحدر آلاف السنين , فلم يعد يكحل اعيننا سوى البرج المائل والذي نفذه الرومان هناك على ذلك السفح فوق المداحج قرية فؤاد , فؤاد سعيد فارع الانبل دوما ما دامت الحياه .

اهاج سفر هذا الصغير الذكي , والمتطلع , والذي نظل نتناقر معا طوال اليوم , وهو لا يكل ولا يمل يضحك , ويوزع نشاطه في البيت , حتى استحوذ على كل الحب , حتى حفيدتي تالمتا لسفره , لكنه رددها في وجهي : (( يا اخي انا شجن على امي وعلى القريه واصحابي , على كلبي , وارانبي , على حُميد وعبيد ابرار الصغيرة الاجمل وهي تلبس قبعة المكسيكيين العريضه وتوزع طفولتها في كل اعماق من حولها .

بيني وبينكم , في اعماقي ارتحت لقرار صديقي قصي سفره الى القريه لانه في سن بامس الحاجه الى تنمية ملكة الخيال في هذا السن , وقد اكتشفت انه يلتقط بكاميرة تليفون (( الآيفون )) لقطات جميله , احداها اعجبتني فكانت صورة لغلاف حسابي في الفيس بوك , ولقطات غيرها احتفظت بها , ما يعني انه لو استمر يصقل موهبة مبكره , قلت له : هل تحب التصوير ؟ قال : من يوم ان التقطت لي تلك الصوره الجميله , واللقطه التي عملتها على غلاف كتابك شهقة الفجر وقد اهديته نسخه واشقائه حُمَيْد وابرار وعَبُودي المزعج نسخه لعل وعسى!!! .

هيج هذا الصغير كل اشجاني لقريتي , حتى انني لم استطع ان اعبر عن نفسي واحد اقراني ممن لم يترك القريه , محمود مناديا : يا رجال رَوٍحْ عيٍد , قلت : أي عيد يا صديقي وبلد يٌحرق !! , شجني لم لا يحده سوى اطراف السماء , لكن شجني على وطن يعود الى حضني اكبر واعمق .
سامحك الله يا قصي , فقد نعثت اعماقي شوقا الى البدايات ....
لله الامر من قبل ومن بعد.
* من صفحة الكاتب بالفيسبوك

حول الموقع

سام برس