بقلم / جميل مفرح
الى عبدالوهاب الشرفي

على امتداد التاريخ.. لم يحصل من فئة أو شعب أو ديانة الادعاء بامتلاك الله والاستئثار به وتوجيهه واستغلال دياناته وكتبه كما حدث ويحدث منهم.. وصل بهم الأمر مراراً وتكراراً إلى قتل الله واعتبار أنفسهم ورثته الشرعيين في الوجود.. يشرعون ويسنون ويبتكرون في تفاصيل الدين ويحرفون كلامه بما يتواءم ومباغيهم التي لم ير البشر منها إلا السيء والأسوأ..!!

يحضرون الله كلما أرادوا أن يقضوا به حاجة لهم، وينسونه تماماً حين يجدون أن حضوره حجة عليهم..!!
هكذا يتعاملون مع الله برفعته وعزته وجلاله.. فكيف تريدون أو تتوقعون أن يتعاملوا مع ما دون الله..؟!
هكذا تعاملوا ويتعاملون مع الله، كما يتعاملون بالضبط مع الزعماء والرؤساء والقادة، يجلونهم أو يتظاهرون بتقديسهم ليقضوا بهم حاجاتهم الدنيوية البحتة، وكلما لمسوا في أنفسهم قوة أو بأساً، لووا أذرع أولئك القادة وأعادوهم إلى مربع حاجاتهم الحصري..

حتى ظن الكثيرون أن قادة وزعماء قد صاروا بمثابة أرباب مؤقتين يعملون لديهم كأجراء، وحين يعتقدون أنهم لم يعودوا بحاجة إليهم، ما أسهل أن يقدموا على محاولة إحراق أؤلئك الأرباب والآلهة والتخلص منهم..
وهكذا يحاولون على الدوام وكعادتهم قتل أربابهم.. ثم ما يلبثون أن يدركوا أنهم إنما ينتحرون انتحاراً جماعياً دون مقابل..!! عندها فقط يتذكرون الله وغيره من الأرباب مجدداً ويوقنون بأنه لابد من انبعاث جديد وإعادة بعث ما قتلوا من آلهة سابقا..!!

هكذا تدور معاركهم في الحياة.. يقضون حياتهم في ابتكار وقتل الأرباب والانتحار والانبعاث.. وحين نتأمل ما وصلوا أو يصلون إليه.. لا نجد غير أن نؤمن بأن الله أراد لهم ذلك انتقاماً لجلاله ورفعته وعزته، التي لا تعنيهم مالم يكن عزهم وغناهم وتسلطهم ثمراً من ثمارها.

بالطبع ،وكما تعودنا منهم، حين يقرأون أو يسمعون كلاماً كهذا تثور ثائرتهم، ويعاودون استقدام الله وتنصيبه حاكماً شرعياً واستحضار الدين واعتباره قانوناً ثم باسمهما يحكمون بما يطفئ غضبهم وغيضهم من حكم، لا أقل..
يعيشون عالة على الله والدين ويقضون جميع حوائجهم باستخدامهما.. وأيضا يسفكون الدم ويزهقون الأنفس التي حرم الله.. وكل ذلك باسم الله والدين.. ثم ما يلبثون يبررون لأنفسهم ذلك بألف حجة وحجة تحت سقف الله وبرعاية منه.. لأنهم بالطبع كما يعتقدون ويحاولون إقناع الوجود، هم ورثة الله والمخولون بتمثيله في الوجود..!!

ومشكلتهم الكبرى أنهم سرعان ما يؤمنون بما هرفوا وادعوا من باطل لا وجه للمصداقية ولو في جزء منه.. فصاروا كمن يكذب الكذبة فتدور حتى تصير إليه فيغدو من طلائع من يصدقونها..

لذلك كله، ظلوا ويظلون يعتقدون أنهم البشر الأكثر صلاحاً ومثالية، بالرغم من إدراكهم المطلق بزيف ما ادعوا ويدعون.. ما جعلهم يظلون جثامين متعفنة حيث وجدوا، لا يبارحون الفشل، ولا يرقون بحياتهم إلى ما يشبه الحياة..

وأخيراً إن الحقيقة المرة التي يجب عليهم التصديق بها والإذعان لها، أنهم ما عاشوا واستمروا بأخلاق وصفات وأفعال كهذه، فإنه من بعيد المستحيلات أن تقوم لهم قائمة أو ينعمون بحياة هانئة ومطمئنة وناجحة كبقية البشر إلى يوم يهلكون.

* من صفحة الكاتب بالفيسبوك

حول الموقع

سام برس