بقلم / المهندس هشام شرف عبدالله
معايدة من اليمن بمناسبة الأضحى المبارك و(18) شهرا من العدوان والحصار والصمود :
"جهنم أبوابها سبعة ، واليمن بابها الثامن"


للأسف الشديد يأتي عيد الأضحى المبارك - ياشعب المملكة العربية السعودية الشقيق وفي هياكل النظام المختلفة، سواء المشاركون منكم في العدوان على اليمن ، أم الذين يقفون موقف المتفرح- وقد مرت على الشعب اليمني حجتان إلى بيت الله العتيق ، وهو يواجه خلالهما العدوان والحصار وأبشع الجرائم على يد ما يسمى بـ (التحالف العربي ) الذي تقوده المملكة..

تأتي هذه المناسبة الدينية الغالية على نفوس العرب والمسلمين وأنتم تتابعون ما يتعرّض له شعب شقيق وجار لكم يقتل ويحصاربوحشية غير مسبوقة، ومع هذا لم نسمع صوتا جهورا أوموقفا نبيلا وواضحا يقف في وجه هذا التنكيل والعدوان الذي تصر القيادة السعودية على السير فيه من خلال سياسة أقرب ماتكون للطيش واسترخاص الدماء اليمنية وإصابة الأمن العربي والإسلامي بمقتل ، دون أي مبرر يذكر.

ما تشهده اليمن من عدوان - يا شعب المملكة العربية السعودية - منذُ (18) شهرا على يد نظامكم ، ليس له من توصيف غير الإجرام المكتمل الأركان ، الذي حدث ويحدث مع سبق الاصرار والترصد، وبكل أسف نقولها أن فاتورة قيمة الأسلحة التي تستخدم فيه لقتل اليمنيين وتدمير بناهم التحتية وحصارهم ،هي من ثروة ومقدرات بلدكم التي يشترون بها آلة حرب ظالمة من أجل تنفيذ عدوان عسكري خاسر ،وربما إن الذي يساعده في تبريره بعض الأشخاص والجهات في اليمن والسعودية والمجتمع الدولي بسبب تأثيرات معروفة، وتحت حجة الانحياز لشرعية صار اسمها يمثل كابوسا على الشعب اليمني وكل عربي شريف ، بسبب ما جلبته لهذا البلد من دمار وخراب ومآسي إنسانية لا يتسع المجال هنا لحصرها.

ومن موقعي كمسؤل حكومي يمني خلال عقدين من الزمن مضت أتذكر الكثير من الجهود والانجازات التي كانت تتم على صعيد تحسين العلاقات وحقظ الأمن في المنطقة، وأتذكر تحديدا ماتم بين بلدينا، على خلفية مجلس التنسيق اليمني السعودي، من اتفاقيات ومعاهدات وتفاهمات أكدت في حينها على حسن الجوار واحترام الشأن الداخلي لكل بلد وعلى وجه الخصوص في العام ١٩٩٥ عندما تم الترتيب لاتفاقية ترسيم الحدود وماتلاها في بداية الالفية الثانية وحتى العام ٢٠٠٨ ، ويعود بي شريط الذاكرة هنا إلى تلك المحاضر والاتفاقات الخاصة بالمصالح المشتركة وكذا تسهيل دخول العمال اليمنيين وإنشاء مشاريع اقتصادية واستثمارية مشتركة ، اضافة إلى تسهيل دخول السلع والمنتجات بين البلدين وغيرها من الانجازات التي اشرف عليها الرئيس علي عبدالله صالح وعدد من الملوك والأمراء السعوديين
الحكماء الذين كان آخرهم الملك عبدالله بن عبد العزيز، رحمه الله.

أتذكر اليوم ،و بأسف بالغ ، إن تلك السياسات والجهود التي ادت إلى إزدهار العلاقات الثنائية وخدمت الأمن الاقليمي والعربي والدولي وساهمت في مكافحة الإرهاب وغيره ، في وقت قياسي، تم تدمير كل ما بني وكل ما كان يتطلع إليه المواطن اليمني والسعودي والخليجي والعربي عموما ، وفي شتى المجالات ، وفي تصوري إن السبب المباشر في ما وصلت إليه أوضاع الحالية يعود لإختفاء العقلاء من المشهد السياسي وظهور شخصيات مندفعة ومتهورة قادت المنطقة بطيش إلى الفوضى ونشر فيروسات الكراهية والأحقاد وأطماع وأوهام التوسع ، وما يبعث الحزن بشكل كبير هو أن أصحاب السياسات المتهورة والتوسعية من جهة وغيرالمفهومة من جهة ثانية ، بدأوا باليمن وسوريا، ونسوا في الحالة اليمنية إن تركيع هذا الشعب وإحتلاله والوصاية عليه أمر مستحيل وشواهد التاريخ على هذا الكلام كثيرة ، ومن يعود لكتب التاريخ وسجلات الأحداث سيجد إن اليمن بتضاريسها وعظمة أبنائها وشراستهم في القتال وحميتهم قد مثلت مقبرة لكل الغزاة مهما كان تكالبهم عليه.

الإخوة ،شعب المملكة العربية السعودية ..لقد تعاظم عدوان قيادتكم على اليمن وعلى مرأى ومسمع منكم و من العالم، لدرجة أنه حدث بكل وحشية حتى في الأشهر الحرم ومناسك الحج المقدس وشهري رمضان الماضيين ،حيث ضرب قادة هذه الحرب والعدوان الظالم بكل المقدسات والروابط الدينية والعروبية وأخلاقيات الحرب المتعارف عليها عرض الحائط ،ولم يراعوا أي معنى من معاني حُسن الجوار وعدم التدخل في الشأن الداخلي للآخرين ومبادئ الانسانية وحقوق الإنسان ..

وفوق كل هذا يأتي من يقود هذه الحرب ويزودها بالوقود اللازم ويصرح في أكثر من مناسبة بأن المملكة السعوجية تخوض هذا العدوان من أجل إعادة شرعية، لو سألت الأطفال هنا والصم / البكم لقالوا لك إنهم لا يعترفون بها ولا يمكن لأي سلطة شرعية في العالم أن تقود حربا ظالمة وحصارا شديدا على شعب يزيد سكانه عن (27) مليون نسمة ، تدمر مقدراته ويقتل أطفاله ونساؤه ويذل أبناؤه في مطارات العالم، لدرجة انهم غدوا يتسلون لقمة العيش ولا يجدون مأوى في أي من تلك المطارات التي يتكدس فيها عشرات الآلاف من اليمنيين الذين لا يستطيعون العودة إلى بلادهم بسبب الحصار الذي يفرضه السعوديون على الرحلات الجوية والبحرية من وإلى اليمن ، كل هذا يجعل مما تسمى بـ الشرعية كأول حالة من نوعها في العالم ولن تتكرر ..

في الأخير وبمناسبة عيد الأضحى المبارك الذي يأتي للمرة الثانية والشعب اليمني يقع تحت رحمة العدوان والحصار السعودي / العربي ، نودُّ أن نقول لإخواننا( الشعب السعودي الشقيق) كونوا على يقين إن السعودية كدولة وكشعب ومعهما أمن الجزيرة والخليج هما المتضرر والخاسر الأول، وطالما سكتت شعوب المنطقة عن ما يجري بحق الشعب اليمني وعلى يد حُكّام لايخشون الله ولا يراعوا المصالح الوطنية والعربية،ولم يستفيدوا - أيضا - من تجارب الحكماء والقادة العقلاء في التاريخ الحديث على الأقل فإن الخسران سيكون فوق ما يخطر على بال أحد تصوره.

أما اليمنيون - أيها الأشقاء - فليس لديهم ما يخسروه أكثر مما قد خسروه إلى اليوم ، وثقوا إنهم سيقاومون العدوان والوحشية بكل وسائلهم ،كواجب وطني وديني وأخلاقي مقدس ،وستدفن رمال أرضهم كل من اراد بوطنهم وشعبه شرا.

ومن باب تذكير من استهان باليمن وواصل العدوان عليه : ( معظم النار تأتي من أصغر الشرر ).
وتأكدوا إن اليمنيين لن ينسوا أو يتنازلوا عن خسائرهم المادية الفادحة التي تُقدر إلى اليوم بأكثرمن ( 140) مليار دولارأميركي قابلة للزيادة.

ختاما عيد أضحى مبارك على الجميع في ظل الصمود اليمني الأسطوري ، وستظل " صنعاء " بعيدة وعصية أمام أي غزو أوتحشيد.

حول الموقع

سام برس