بقلم / عبدالرحمن بجاش
كنت ..وأه من هذه كنت !!! , اذا نويت الهبوط الى مدينة البدايات (( تعز )) , فاشد اليها رحالي باكرا , أي عند الرابعة والنصف صباحا , فاصل اليها بين السابعة والنصف والثامنة , بعد رحلة استمتع فيها , بولادة الفجر من رحم الليل , وولادة الغبش من رحم الفجر , وولادة الصبح من رحم الغبش , في يريم يكون لي موعد مع الذ قهوة صباح اشربها عند ذاك الذي اليه يهب عمال اليوميه , من بيده حبه كدم , ومن بيده قطعة خبز , ومن بين يديه تعبه !!! , كنت اظل اتفرج الى شعلة الشوله ترسل لهبها الى جذر الجزوه , واكثر من جزوة عليها , فيناولني كوبي , لانتحي جانبا , ارتشفها كما قلت لكم الذ قهوة صبح في حياتي .

والى سماره نصعد , قال صاحبي الذي حلم بالطيران يوما فاصبح طيارا نجيب النهمي : انظر - وكانت السيارة ترتفع- , الا يشبه الامر اقلاع الطائرة فاوافقه , اذ بالفعل يخيل اليك انها طائرة ترتفع الى عنان السماء , فتذهب بنظرك الى اليمين يكون ذلك القاع كله مغطى بالغمام !!! , وانا اهوى التصوير ولدي لقطات جميلة للمشهد , فاذا انحدرت الى حضن سماره فاملأ رأتي بالهواء النظيف الاخضر اذا كان الوقت صيفا , ضاعت تلك المتعة الآن !!!.

اذا اردت ان تستمتع باجمل فجر , واحلى غبش وصبح , وتستقبل شمس اليوم , فاصحى عند صلاة الفجر مثلي , اخرج من فندقك القريب راجلا , والى حضن جامع الغفران سلم نفسك لله الكريم , وامدد يديك بالسلام خيرا وبركه بين يدي استاذك عبد الرحمن قحطان , وانطلق بعدها الى حيث سيارتك في الفندق , امتطيها والى شارع جمال , والى امام البنك اليمني , هناك تجد احمد الدجنه واقفا بدأ ينظم حركة السير , والدجنه رجل مرور محبوب ومن غُب تعز , ما ان يراني حتى يعظم سلام , ويترك مكانه , ويقفز الى السيارة : (( هيا )) , وانا اعرف الى اين !!! .

امام الباب الكبير وبجانب دكان احمد عقلان القديم اركن السياره , ياخذ بيدي , نمر على الجانب الايسر من الباب , تحته يتمدد محمد عبد الوهاب من اربعين عاما , هناك بيته , وحكايته ساحكيها لكم في قادم الايام , نحث الخطى , نمر على اثاري القديمه وسط السوق , اين كان صاحب الكيك , والشرعبي هناك مقهايته ما تزال صامده , هناك الذماري صاحب الفيمتو , نمر امام الشاي العصملي حق زمان , ندلف من باب السمسره , والى حيث الذ شاه احمر , في صندقة صغيره يتزاحمون عليها , يصيح الدجنه بصوته المميز : (( ييه الاستاذ ابن الشيخ هنا )) ترتفع يد من وسط الجمع , يفهمها الدجنه انبل مخلوق عرفته !!! .
نتلذذ شاهي الصبح التعزي , فيم تكون اشعة الشمس تتسسلل هابطة من الجحمليه الى ازغاط حافتي اسحاق , نكمل ارتشاف قلصينا , ياخذ بيدي , لا بد ان نقوم بجولة على الحافه , اصل الى بيت الشحميه من كان بيتنا, اتبرك بلمس جدرانه , ونعود , نمر على صاحب اجمل جبن , يشتري لي الدجنه الذ جبنه , امد يدي الى جيبي , اسمع صوته يجلجل في اذني : (( احترم نفسك )) , فاخرجها .

كل صباح نكرر المشوار باستثناء الجبن , حتى اغادر , فاودع اجمل صديق, جندي المرور احمد الدجنه , الذي لا ادري الان اين هو !!! , كلما اتمناه ان نجد بعضنا وصبحنا وفجرنا وغبشنا وشاهينا وحافتنا وجامعنا وشارعنا ومشاعرنا الحميمه في مدينتنا ذات يوم .
لله الامر من قبل ومن بعد .
*نقلا من صفحة الكاتب بالفيسبوك

حول الموقع

سام برس