سام برس / شمس الدين العوني
الشعر يفتح آفاقا جديدة للتعاون الثقافي و الأدبي بين السودان و تونس..حين صدح فنان السودان الكبير سيف الجامع برائعة الشابي عذبة أنت كالطفولة

"...صح في الربى والوهاد...
واسـتـرقص الـبيدا
واسـكب عـلى زناد
مــا يـسحر الـغيدا
وفـجـر الأعــواد
رجـعـا وتـرديـدا
حـتى ترى في البلاد
مــن فـرح عـيدا...."
هذا لون من شعر " الشابي " السوداني و نعني بذلك الشاعر التجاني بن بشير (التجاني بن يوسف بن بشير بن الإمام جزري الكتيابي) شاعر سودانى معروف ولد في بيئة ذات فضل وثقافة دينية محافظة ذات تعاليم وتقاليد في أم درمان عام 1912 م. ولقب بالتجاني تيمناً بصاحب الطريقة المعروفة..هذا الشاعر يشترك مع شاعرنا التونسي أبي القاسم الشابي في التجربة و رومانسية القصائد و الحياة عاش 25 سنة(1912-1937) و كذلك طبيعة المرض الذي أصابه الى وفاته..و قد حدثني الدكتور و الناقد السوداني الصديق عمر الصديق عن الكثير من أوجه الشبه بي التجربتين و الخصائص الأدبية و البيئية و الاجتماعية و هذا مدخل و مجال مهم للنفاذ الى التجربة الشعرية في السودان و صولا الى محمد الفيتوري و روضة الحاج و طارق الطيب و الى الراهن الشعري السوداني ضمن الخارطة الشعرية العربية ..في هذا السياق كان انتظام المهرجان الشعري العربي و الافريقي مؤخرا بالخرطوم و الذي مثل حدثا ثقافيا و أدبيا و ذلك وسط المتغيرات التي يشهدها البلد باتجاه التنمية و خصوصا بعد انفصال الجنوب و قد صار هناك حرص على البعد الثقافي لتتعدد الفعاليات التي تشمل الأدب و الفنون التشكيلية و الموسيقى و المسرح كما يسعى السودانيون الى مد جسور التفاعل و التواصل مع تونس بالنظر للقيمة التي يولونها لها و كما حدثنا السيد عماد الرحموني سفيرنا هناك بالخرطوم " السودانيون شعب طيب و يطمحون للتعاون أكثر مع تونس التي يرونها نموذجا و بوابة ممكنة نحو انفتاحهم على أوروبا.."

بعد أسبوع من النشاط الشعري و الثقافي اذن اختتم بالخرطوم المهرجان الأول للشعر العربي و الافريقي و ذلك بالمركز الدولي للفنون راشد دياب بالعاصمة السودانية و قد كان ذلك باشراف وزير الثقافة و تم عرض لوحات غنائية من الموسيقى السودانية و قدم الفنان السوداني الشهير سيف الجامع عددا من أغانيه و منها أغنية لشاعر تونس الراحل أبي القاسم الشابي " عذبة أنت كالطفولة....." الى جانب عرض لفرقة الفنون الشعبية بالسودان ثم كانت الأمسية الشعرية بمشاركة عدد من الشعراء منهم بالخصوص محمد الجلواح من السعودية، وبسام علواني من سورية، سمير العبدلي وشمس الدين العوني من تونس، وسمرقند الجابري من العراق، وسوسن دهنيم من البحرين، والغالي محمد أحمد من تشاد، ومحمد نيانغ وعبد الله أج من السنغال...و غيرهم..
و قبل ذلك أقيمت في قاعة الشارقة و بالتعاون مع معهد البروفيسور عبد الله الطيب الأمسية الشعرية الافتتاحية و بحضور مدير المعهد الدكتور الصديق عمر الصديق و كانت الأمسية الأخرى في جامعة النيلين، إضافة إلى الرحلات السياحية المتعددة إلى أبرز الأماكن الأثرية والسياحية بالخرطوم منها المتحف الوطني السوداني و جبل الأولياء بالنيل و انتظمت رحلة على المركب في عرض النيل ضمت الشعراء و الضيوف و كان المهرجان فرصة أخرى للتعرف على الشعر الشبابي السوداني، وذلك من خلال الشعراء السودانيين الذين شاركوا في التظاهرة كالشاعرة آمنة النوري، والشاعر الواثق يونس وعبد القادر المكي وغيرهم.

و خلال افتتاح ملتقى الخرطوم للشعر العربي والافريقي بقاعة الشارقة بالخرطوم الذي نظمه مجلس الشباب العربي والافريقي أكد مساعد رئيس الجمهورية اللواء الركن عبد الرحمن الصادق المهدي دعم الدولة للبرامج الثقافية واهتمامها بالأدباء والكتاب والشعراء وقال " ان الثقافة توحد وتجمع كل البلدان وحيى وفد الشعراء المشارك في الملتقى من السعودية والبحرين والعراق وسوريا والسنغال وتونس وتشاد وقال ان الشعراء يصلحون ما أفسدته السياسة..".

و من جانبه وعد وزير الثقافة الطيب حسن بدوي بدعم كل البرامج والمهرجانات والملتقيات الثقافية ورحب بالشعراء الضيوف وحيا الشعراء الرواد والشباب الجدد وقال ان هناك برامج وفعاليات كبرى في البلاد بمناسبة اختيار سنار عاصمة للثقافة الاسلامية وقال ان السودان سيستضيف في شهر نوفمبر معرض الكتاب الدولي .

و وقال الامين العام لمجلس الشباب العربي والافريقي عوض حسن ان الملتقى ياتي في اطار جائزة افرابيا للشباب العربي والافريقي ويهدف الى تبادل الأجيال والخبرات بين الشعراء الكبار والشباب و قد كانت للوفد التونسي دعوات عمل و لقاءات مع لجنة الثقافة و الاعلام و السياحة و الشباب و الرياضة بالمجلس الوطني ( مجلس نواب الشعب ) حيث تحدث أعضاؤها و منهم الشاعرة السودانية روضة الحاج عن سبل التعاون الثقافي و الأدبي بين تونس و السودان و كانت هناك لقاءات مع السيد محمد فتحي رئيس و السيد أحمد كرمنو عضو المجلس الوطني و الوزير السابق و رئيس جمعية الصداقة السودانية التونسية و منظمة نفرة للسلام و النهضة و جمعية البرلمانيين السودانيين و محافظ الخرطوم و السفير التونسي بالخرطوم السيد عماد الرحموني الذي واكب الفعاليات الشعرية و احتفى بالوفد التونسي الى جانب رئيس لجنة العلاقات الدولية و التعاون بالمجلس الوطني و غيرها من اللقاءات التي كانت مكثفة بالبرنامج العام .و تم الاطلاع على ما يعيشه السودان من نمو و حراك سياسي يتمثل في نشاط الحوار الوطني و قد رافق الوفود الصحفي الدكتور محمد الشريف حيث تعددت الحوارات التلفزية و الاذاعية و بالجرائد و من ذلك الاستضافة بقناة النيل الأزرق و قناة الخضراء..و تم في الاختتام تكريم الشعراء الضيوف من قبل وزير الثقافة و رئيس مجلس الشباب العربي و الافريقي السيد عوض حسن و بحضور الفنان الكبير راشد دياب و في هذا الجانب كانت هناك اتفاقات على مشاريع أدبية و ثقافية تخص النشر و الشعر و الترجمة .

حول الموقع

سام برس