سام برس / أحمد الشاوش
تمر الذكرى الـ 12 لرحيل الهامة الوطنية ورجل الدولة والثورة والجمهورية وصقر القبيلة الشيخ مجاهد بن يحي أبوشوارب رحمة الله عليه واليمن يعيش حالة من السواد الحالك والحزن الكبير ، الاول لفراق المرحوم اللواء مجاهد ابواشوارب يوم الـ 17 lمن نوفمبر 2004م عن عمر ناهز الخامسة والستين ، جراء حادث انقلاب سيارته الذي اثار أكثر من علامة تعجب واستفهام ، فخسرت اليمن برحيلة قائداً شجاعاً ورجلاً حكيماً ووطني من الطراز الاول وشيخاً جدير بالاحترام

كما تمر ذكرى الشيخ مجاهد أبو شوارب والشعب اليمني يعاني الامرين بسقوط آلاف الشهداء والجرحى من مختلف مشارب اليمن في حرب ضروس وعدوان غاشم على يد دول التحالف بقيادة السعودية من الـ 26 من مارس 2015م، ليس للشعب اليمني فيه ناقة ولاجمل ، وخيانة بعض ابناءه في الداخل والخارج ، ونهب البعض الاخر موارد الدولة ، في حين مازال المواطن يراهن على صمود الشرفاء.

وبتلك السيرة العطرة والفكر الانساني النير والموت المبكر ، فقدت اليمن أحد الرجال العظماء الذين مثلوا صمام أمان وشوكة ميزان للقبيلة والثورة والجمهورية والدولة ، مما ادى الى انحطاط القيم والتمرد على القبيلة والقفز على الدولة ومؤسساتها والمتاجرة بتضحيات الشهداء ودأخلت البلد في نفق مظلم وتبعية مطلقة للدول الاقليمية والدولية .

غاب الشيخ مجاهد أبوشوارب فغابت الكثير من السجايا والمثل والرجولة وأصبحت المصالح الشخصية والمتاجرة بدماء الشعب اليمني ديدن مراكز القوى الفاسدة التي تنكرت لك جميل واصيل ..

وبهذه الذكرى الاليمة وذكريات الزمن الجميل والموقف الوطنية المشرفة ، لايسعنا في هيئة تحرير " سام برس" إلا ان نتذكر تلك الهامة الكبيرة بحجم الوطن والنجم المتألق بإخلاقه وشيمة وانجازاته وانسانيته وان نسير على دربه .

الشيخ مجاهد ابوشوارب في سطور:

زعيم قبلي ، وضابط عسكري ، وسياسي ، ولد في الثالث من أبريل 1939م. ومن أبرز شخصيات ثورة الجمهوريين عام 1962م الذين أطاحوا بالأئمة ممن تولى حكم شمال اليمن (على فترات) لأكثر من ألف عام ، فسميت بعدهم" الجمهورية العربية اليمنية".

لعب مجاهد دوراً مؤثراً - من موقعه كعسكري وسياسي - خلال التحديات التي أحاقت بجمهورية اليمن الشمالي في إطار نضالها من أجل إثبات ذاتها بوجه الملكيين المدعومين سعودياً ، فضلاً عن دوره خلال أعوام الأزمة التي حدثت في الجمهورية اليمنية عقب تحقيق الوحدة اليمنية بين الشمال والجنوب عام 1990م. وهو كشيخ يعد الرجل الثاني في قبائل حاشد التي تبسط نفوذها القبلي إلى جانب قبائل بكيل على المناطق الشمالية من اليمن منذ قرون.

خلال الحرب اليمنية - السعودية عام 1934م قاتل والد مجاهد - الشيخ يحيى - مع قبيلته حاشد في صف ولي العهد الملكي أحمد ، وعندما وُجِدَ يحيى في عام 1951م مقتولاً في منطقة مجاورة تعود لمشائخ آخرين ، كان أحمد حينها قد أصبح إماماً على اليمن الشمالي ، فأرسل حملة عسكرية إلى هناك لإلقاء القبض على الجناة ، ولكن على الرغم من ذلك اشترك مجاهد عام 1959م مع شيخ آخر من حاشد في مخطط يستهدف الإطاحة بـ الإمام أحمد بعد عودته من إيطاليا التي كان يتلقى العلاج فيها. لكن تم إعدام من كانوا معه ، فيما اعتقل مجاهد- وكان حينها شاباً- وتم إيداعه السجن ، فأمضى فترة السجن بدراسة الرياضيات ، والجغرافية والتاريخ.

بعد إطلاق سراحه من السجن ، التحق مجاهد بالجيش ، ثم انخرط في العمل النضالي من أجل الجمهورية عند قيام ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962م التي أقصت الإمام محمد – الذي لم يمض على وفاة والده سوى أسبوع واحد فقط. وفي قرب السنوات الثمان التي نشبت بعد قيام الثورة بين الجمهوريين والملكيين ، وتدعمها كلا من مصر والمملكة العربية السعودية بشكل كبير ، قاد مجاهد القوات الجمهورية في كثير من المواجهات العسكرية العنيفة. وفي إحدى المعارك اخترقت رصاصة كليته لتستقر بعدها أسفل البطن وعلى الرغم مما كانت تسببه من ألم رفض مجاهد مرارا أن يقوم الطبيب بمجارحته لإزالتها بعد أن أخبروه أن العملية ربما تسبب له العقم.

وفي شتاء (1967 - 1968)م لعب مجاهد دوراً حاسماً في معارك فك الحصار الملكي عن العاصمة صنعاء إذا أنه قام في شهر فبراير 1968م برفقة 2000 رجلٍ معززين بالدبابات بإجبار القوات المحلية على التخلي عن مواقعها في جبل عطان- غرب صنعاء تماما- ليكون ذلك بداية انهيار حصار السبعين يوماً. ومن تلك اللحظة سيطر الجمهوريون على زمام الأمور وأصبحوا هم المتفوقون رغم أن القتال استمر لعامين آخرين ، فاعترفت المملكة العربية السعودية عام 1970م بالنظام الجمهوري وأوقفت الدعم الذي كانت تقدمه للملكيين .

وفي عام 1973م قام القاضي عبد الرحمن الإرياني رئيس مجلس الرئاسة بتعيين مجاهد قائداً للجيش ، ومحافظاً على محافظة حجة ذات الطبيعة الجبلية ، والتي تقع شمال غرب صنعاء بمسافة 80 ميلاً.. وما زال أهالي حجة يذكرونه بامتنان ، إذا إنهم كانوا يعانون باستمرار من البلهارسيا ، فقام مجاهد بتنظيم شبكة ضخ المياه العذبة من الأودية الواقعة أسفل الجبال الشاهقة ، وبتلك الطريقة خلص الماء من القواقع التي كانت تعيش فيها يرقات البلهارسيا.

وبعد انقلاب يونيو 1974م الأبيض كان مجاهد واحداً من 14 عضواً في مجلس القيادة فمن تم انتقائهم لاختيار القيادة اليمنية الجديدة من بينهم ، وكان مجاهد يميل للرئاسة إلا أن الاختيار وقع على المقدم إبراهيم الحمدي ، فيما تم تعيينه نائباً لرئيس مجلس الرئاسة الجديد ونائباً للقائد العام للجيش. في أكتوبر 1977م تم اغتيال الرئيس إبراهيم الحمدي ، ثم أعقبه اغتيال خلفه أحمد الغشمي في يوليو العام التالي .

وكان الكثير من مشائخ حاشد يتطلع لرؤية مجاهد على رأس الحكم ، لكن في النهاية تم انتخاب الرئيس الحالي علي عبد الله صالح في 17 يوليو 1978م ، وكان حينها برتبة مقدم ، وهو الآن يحمل رتبة مشير. تم تعيين مجاهد وزيراً للداخلية ، ونائباً لرئيس الوزراء بجانب نائبين آخرين ، وقد حصل مرة أخرى على هذه المناصب بعد الوحدة بين الشمال والجنوب وقيام الجمهورية اليمنية في الثاني والعشرين من مايو 1990م.

وكان الشيخ مجاهد أبو شوارب من المؤسسين الأوائل للمؤتمر الشعبي العام ، في أغسطس من عام 1982م. بقيادة الرئيس علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية العربية اليمنية حينها وقد شمل تنظيم المؤتمر جميع أطياف العمل السياسي آنذاك ، وكان مظلة عملٍ مشتركة لجميع التيارات السياسية والدينية في الساحة اليمنية.

لقد بذل مجاهد كل ما بوسعه من أجل أن يحول دون نشوب الحرب التي اندلعت في أبريل 1994م بإعلان الانفصال في دولة جنوبية مستقلة عاصمتها عدن ، لكن الحرب سرعان ما انتهت بسيطرة القوات على عدن ، وفي ذلك العام تم تعيين مجاهد مستشاراً خاصاً للرئيس صالح ، وهو المنصب الذي ظل فيه حتى وفاته عليه.

كان مجاهد محترماً بوطنيته ، وبتمسكه القوى بعروبته ، وهو بخلاف الكثير من مشائخ اليمن يعيش عالماً ممتداً إلى ما هو أبعد بكثير من قبيلته أو مصالحها الخاصة.

كان للشيخ مجاهد زوجتان ، أولاهما أخت الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر شيخ مشايخ قبيلة حاشد. وله ثمانية أبناء ، أكبرهم الشيخ جبران مجاهد أبوشوارب وقد خلفه كشيخ لقبيلة خارف التي هي أحد فروع قبيلة حاشد ، يليه الشيخ كهلان مجاهد أبو شوارب والذي يشغل الآن منصب عضو مجلس الشورى ، وقبلها كان محافظاً لمحافظة عمران ، ثم الشيخ يحيي مجاهد أبو شوارب ، ثم الرائد محمد مجاهد أبو شوارب. إضافة لأربع بنات.

توفي إثر حادث سيارة في 17 نوفمبر 2004م عن عمر يناهز الخامسة والستين عاماً مما اثار أكثر من علامة تعجب واستفهام .

حول الموقع

سام برس