سام برس
اسقاط حكم الإعدام عن الرئيس مرسي ورفاقه خطوة مهمة ولكنها ليست كافية.. لماذا تزامنت مع براءة نهائية لنجلي مبارك؟ وهل أراد الرئيس السيسي بهذا الحكم تنفيس حالة الاحتقان؟ وما علاقة “محدودية” التجاوب مع “ثورة الغلابة” به؟

كثيرون هم الذين اخذوا احكام الاعدام التي أصدرتها محكمة جنايات القاهرة في كانون الثاني (يناير) عام 2015، في حق الرئيس محمد مرسي ومجموعة من قيادة حركة الاخوان، بينهم المرشد العام محمد بديع، والدكتور يوسف القرضاوي (غيابيا) بالجدية، واعتبروها احكاما ملفقة، الى جانب كونها غير عادلة، ولذلك لم يفاجأ هؤلاء بإلغاء محكمة النقض اليوم الثلاثاء هذه الاحكام، وإعادة القضية الى محكمة الاستئناف في القاهرة لتحديد موعد جديد للنظر فيها.

الرئيس مرسي لن يظهر امام أي محاكمة مصرية، وهو يرتدي بدلة الإعدام البرتقالية التي كانت تشكل إهانة للقضاء المصري قبل ان تشكل إهانة له، ولكن اسقاط حكم الإعدام، على أهميته لا يعني البراءة من التهمة نفسها، او احكام أخرى بالمؤبد في قضايا أخرى، مما يعني ان المشوار ما زال طويلا.
ومن المفارقة ان هذا الحكم المفاجيء لصالح الرئيس المصري، تزامن مع حكم بالافراج النهائي عن السيدين علاء وجمال مبارك، نجلي الرئيس السابق، ورفض محكمة الطعون لطلب النيابة العامة اعادتهما للسجن لقضاء ثمانية اشهر إضافية على ذمة القصور الرئاسية لانقضاء مدة حبسهما عقابيا ثلاث سنوات.
القضاء المصري، مثل نظرائه في معظم دول العالم الثالث، قضاء مسيس، ولا نستبعد ان يكون تزامن هذين الحكمين لمحكمة النقض كان مقصودا، بإستخدام الحكم الأول (ضد الرئيس مرسي)، لتمرير الثاني (الافراج النهائي عن نجلي الرئيس مبارك).

لا نختلف مع الكثيرين في ان معظم الاحكام التي صدرت في حق الرئيس مرسي، والعديد من قيادات الصفين الأول والثاني في حركة الاخوان المسلمين، بعد الإطاحة بحكمها، كانت سياسية بالدرجة الأولى، وبهدف إرهاب الحركة وترويعها، لترسيخ أسس الحكم الجديد، فلا يعقل ان تكون مسألة الهروب من السجن، وفي ظل مرحلة من الفوضى تسود البلاد اثناء ثورة يناير التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك، تهمة تستحق الإعدام حتى في اكثر الدول ديكتاتورية وطغيانا في العالم.

محكمة النقض المصرية، اعادت تصحيح هذه “الفضيحة” القضائية اليوم، وردت بعض الاعتبار للقضاء المصري، ولكن تظل احكام المؤبد نقطة سوداء لا بد من التخلص منها بإلغاء احكام أخرى حتى يكون رد الاعتبار كاملا.

هناك تفسير مهم في رأينا للاقدام على هذه الخطوة، أي اسقاط الإعدام عن الرئيس مرسي وزملائه، وهو انها دليل على شعور السلطة في مصر ببعض الثقة، بعد “محدودية” تجاوب الشارع المصري بالدعوة الى “ثورة الغلابة” التي دعت اليها بعض الجهات احتجاجا على غلاء الأسعار، وصعوبة الظروف المعيشية في البلاد، الى جانب ادراك هذه السلطات حتمية المضي قدما على طريق المصالحة الوطنية، تنفيس الاحتقان الحالي، وإنقاذ مصر من حالة الانهيار التي تهددها لخطورة الازمة الاقتصادية وتحمل الجميع المسؤولية الوطنية والأخلاقية في هذا المضمار، وتخفيض حدة الصراع والبطش بحركة “الاخوان”، فكان لافتا فتح معبر رفح مجددا، وتردد انباء عن حدوث ترتيبات لعقد لقاءات بين حركة “حماس″ ومسؤولين مصريين في فترة قريبة.

جميل ان نرى الرئيس محمد مرسي بالملابس المدنية، ودون ارتداء البدلة البرتقالية، حتى لو كان ذلك في قفص الاتهام، لكن الاجمل ان نراه حرا طليقا، وقد اسقطت عنه جميع الاحكام الأخرى، لانه في نظر هذه الصحيفة “راي اليوم”، واسرتها، لم يرتكب أي جريمة، او خطيئة تستحق العقاب.
“راي اليوم”

حول الموقع

سام برس