سام برس / شمس الدين العوني
* معرض هام فيه لوحات لعائلته و مقتنيات الوزارة و أصدقائه و تلامذته...
* عايش المدرسة الأوروبية زمن الاستعمار و مدرسة تونس وكان من المجددين..
* أبدع في التراث بانطباعيته الرائقة و من أعماله "الهاجرة" و لوحة "السوق"الشهيرة
شمس الدين العوني

يشهد رواق دار الفنون بالبلفيدير افتتاح المعرض التكريمي و الاستذكاري للفنان التشكيلي الراحل محمود السهيلي و ذلك بمناسبة مرور عام على رحيله و يكون ذلك بوم السبت 19 نوفمبر في الساعة الخامسة مساء و باشراف وزير الثقافة الدكتور محمد زين العابدين و يتواصل هذا المعرض الى يوم 29 من نوفمبر .

المعرض يتم بمبادرة من عائلة السهيلي و خصوصا ابنه رؤوف أرملته و كذلك أحباء و أصدقاء الراحل و بالخصوص الفنانة التشكيلية بية بالعربي و سيكون هناك حضور لأصدقاء و تلامذة الراحل محمود السهيلي و أحباء فنه و منهم بالخصوص الأساتذة الشاذلي القليبي و الشاذلي العياري و محمد الناصر و سكينة بوراوي و هم من أصدقائه القريبين و يتم عرض أعمال متعددة هي للعائلة و الأصدقاء و مقتنيات الوزارة و تعد هذه البادرة مناسبة لجمع شمل الفنانين الذين عايشوه و ممن جاؤوا ضمن أجيال أخرى من بعده و تلامذته و من المبدعين و المثقفين الذين يرون في تجربته الفنية قيمة جمالية ترقى للعالمية..

هذا و تتقدم عائلة الفنان الراحل محمود السهيلي و أصدقاؤه بالشكر لدار الفنون التي تحتضن هذا المعرض التكريمي و كذلك وزارة الثقافة على المساهمة و الدعم لهذه المبادرة التي تأتي بعد عام على وفاة هذا الفنان الكبير رحمه الله .

و الفنان محمود السهيلي درس بمدرسة الفنون الجميلة بتونس بين سنتي1949و1952 ثم تحول إلى فرنسا لمدة8 سنوات بالمدرسة العليا للفنون الجميلة بباريس حيث حصل عام 1960 على الدبلومما أهله بعد ذلك ليدرّس مادة الرسم الزيتي بمدرسة الفنون الجميلة بتونس. وقد كان له تلامذته و من الموهوبين و الذين رغبوا في دراسة فنون الرسم و ذلك بورشته بضاحية سيدي بوسعيد..نعني الفنان التشكيلي الكبير محمود السهيلي الذي رحل منذ عام و هو من أبرز الفنانين المجددين ضمنجيلين من الفنانين التشكيليين التونسيينفي التجربة و الروح التشكيلية.كانت له معارض جماعية في أمريكا وفرنسا وإيطاليا وباريس وسويسرا والسويد وبريطانيا ومصر، الى جانب معارضهالخاصة بتونس، من بينها "الجزائري" بقاعة الأخبار سنة 1972 و"السودان" بالقاعة نفسها سنة 1978ومعرض رواق الشريف بسيدي بوسعيد سنة 1982 وآخر برواق القرجي سنة 1984..وقد حصل الفقيد على جوائز و تم تتويجه في عديد المناسبات منها جائزة مدينة تونس سنة 1963 وجائزة مدينة ميلانو سنة 1964 وجائزة اتحاد الفنانين التشكيليين التونسيين و جائزة ملتقى العصاميات التشكيليات بالمنستير سنة 2010 و الصنف الأكبر من وسام الاستحقاق الثقافي لسنة 2002..الفنان الراحل محمود السهيلي عايش المدرسة الأوروبية زمن الاستعمار كما أنه عايش جماعة مدرسة تونس و كان من المجددين حيث نجح في خصوصية الضوء ضمن أعماله و أبدع في تجربته بشأن التراث بانطباعيته الرائقة و من أعماله " الهاجرة " و لوحة " السوق " الشهيرة و المعروفة في دار الثقافة المغاربية ابن خلدون كما عرف بالبورتريه..هو يشتغل جيدا على المادة وقد عرفت أعماله بجمالية خاصة من ذلك بروز رسوماته و كأنها أكوارال من خلال ميزة " الترانسبارنس " ..و ذلك لحرفيته و موهبته ..

يقول عنه الرسام محمد الرقيق "..فنان من المجددين الرواد لا بد له من تكريم كبير و هو عبارة عن أم كلثوم الغناء في مصر قال عني بأنني تأثرت به و هذا صحيح ..قال عني (الرقيق تأثر بي و لكنه لا يشتغل بطريقتي و مثلي...).. فأنا أشتغل على الضوء و لكن بطريقتي..من الذين تأثروا به أيضا الهادي السعيدي و عمر بن محمود و الحبيب الجامعي ..و هناك مدرسة فنية كون فيها عددا من الفنانات و منها رسامات تأثرن بتجربته و اتجاهه الفني و أذكر بالخصوص الرسامة بية بالعربي و مريم التايب..تجربة مميزة أنجزها السهيلي رحمه الله من خلال الانطباعية التي تميل الى التجريدية عبر الزيتي و الأكريليك حيث سحر و فتنة و بهاء الضوء كعنصر جمالي بارز في اللوحات... اختلف عن جماعة تونس ضمن نفسه التجريدي و التجريبي.."

و تقول عنه الرسامة بية بالعربي "...فنان كبير تعلمت منه الكثير و حرصت على أن يظل على اشعاعه من خلال ما أنجزه من فن ..هو فنان عالمي..أخذ بيدي و شجعني و وجد لدي استعدادا فنيا من خلال رغبتي في النجاح في الساحة التشكيلية ..تعلمت منه حكاية التناسق اللوني و الضوء و جمالية اطار اللوحة...كان مؤمنا بتجربتي و مشجعا لي بصرامة و صعوبة الفنان الأمهر..انه المعلم الفنان الذي يجب أن يتم التفكير في تكريمه و اقامة متحف لأعماله ..هو من التجارب النادرة ..رحم الله الفنان و المعلم و الانسان محمود السهيلي الذي تعلمت على يديه أجيال و من ذلك عدد من الرسامين الذين صاروا اليوم المعروفين و المشهورين...انها مناسبة سانحة لتقديم التعازي الى عائلته و الى الساحة الفنية التشكيلية التونسية و العربية و العالمية..نعم اننا افتقدنا رساما استثنائيا و عالميا.."
اذن ... بين الانطباعية و التجريدية و بهما ..كانت رحلة الضوء حيث الألوان في جمالية مخصوصة و بضرب من التشاف... سافر في حكايات المدينة العتيقة وأسواقها وجمال المعمار و قد لقيت لوحاته تقبلا لائقا من أحباء فنه نظرا للحرفية و جمالية التعاطي اللوني لديه.. هو من أبرز رموز التجربة التشكيلية التونسية من خلال مغامرته التجديدية التي جعلته متميزا على المنحى التشخيصي لجماعة مدرسة تونس ليبرز باتجاهه الذي ارتآهّ في الفنّ التشكيلي و الذي عرف به ضمن تجربته الكبيرة..وهنا لم يكن يهم الفتى في ترحاله اللوني منذ البدايات غير هذا الفضاء التراثي و المدينة و الشخصيات بضرب فني يمدح فيه الضوء...هي لعبته التي تخيرها و مضى فيها حوالى ستة عقود لا يلوي على غير القول بأبجدية اللون .. رحم الله الفنان محمود السهيلي السهيلي.

حول الموقع

سام برس