سام برس/شمس الدين العوني
بانوراما فنية و تشكيلية بمشاركة 79مبدعة تونسية في التعبير التشكيلي ...

روسبينا علبة تلوين...بتاء التأنيث و بطيف مخصوص من الألوان و المفردات التشكيلية الباذخة..
الفن رحلة عطاء.. والمرأة عطاء بلا حد.. ذلك أن عوالمها الشاسعة التي ألهمت الشعراء والفلاسفة تظل مجالات حية للخصب والأمل والحياة..وهي حالة أخرى وبالأساس من حالات الانسان الابداعية بالنظر لدورها في الفعل الانساني.. هي المدرسة الأولى والجنة تحت أقدامها ..المرأة، هذا الكائن الجميل.. والابداع مجال من مجالات المرأة الحيوية لاثبات كيانها وتحقيق ذاتها فالتربية وما يحف بها فسحة لا تضاهى في الحيز الواسع للابداع والابتكارومن هنا ننظر طبيعيا لابداعاتها في مجالات أخرى كالفنون والحقول الثقافية والفكرية عامة.. المرأة مبدعة.. فقط يفسح لها المجال كغيرها لتفصح عن اعتمالات الذات والكينونة والاسئلة والهواجس..

في المنستير ومنذ سنوات انطلقت فكرة بسيطة وعميقة في الآن وهي في شكل سؤال.. ماذا لويفسح المجال للمرأة عموما لتبرز قدراتها وابتكاراتها في مجالات العبارة التشكيلية.. وهكذا... انطلقت الفكرة وبدعم من المندوبية الثقافية بالجهة..

مثل ملتقى العصاميات في التعبير التشكيلي بالمنستير منذ انبعاثه على الصعيد الوطني بولاية المنستير و من خلال دعم و اشراف المندوبية الثقافية بالمنستير مجالا حيويا للقول بما هو متاح في مجالات الفنون التشكيلية من ابداعات لعدد من هواة الفنون من العصاميات حيث الفن تلك الموهبة و الشغف و الهواية و هو ما جعل هذا الملتقى بمثابة الحلقة الأخرى و الهامة ضمن حلقات الفعاليات التشكيلية في الساحة الثقافية التونسية.

لقد أشارت تجربة هذا الملتقى الروسبيني الى تلك المقولة ( يوجد في النهر مالا يوجد في البحر ( و بالتالي اكتشف الرواد و متابعو هذا المهرجان عددا من الابداعات و بالتالي برزت رسامات و فنانات تخرجن من الملتقى و صارت تجاربهن محترمة و أقمن المعارض ..و هكذا.

هذه بادرة أولى على النطاق العربي جعلت المنستير التونسية سباقة اليها ما ميز الحراك التشكيلي التونسي و جعل للمرأة ضمنه هذا الحضور و الفعالية و المشاركة حيث الفن هنا في المنستير و خلال هذه الأيام بتاء التأنيث و بطيف مخصوص من الألوان و المفردات التشكيلية الباذخة.

و اذن ... بمشاركة 79 مبدعة من مختلف جهات البلاد، وخاصة ولايات المنستير، قفصة، تونس، بن عروس، القيروان، سوسة، صفاقس، المهدية، توزر، قابس وأريانة شهدت المنستير فعاليات الدورة السادسة عشر (16) من الملتقى الوطني للمبدعات العصاميات في التعبير التشكيلي والذي يُعتبر تظاهرة غير مسبوقة على المستوى العربي، ويكتسب الملتقى خصوصيته وطرافته من كونه يعمل على تقديم إبداعات النساء العصاميات بعيدا عن التكوين الأكاديمي والتقيّد بمدارس الفنّ التشكيلي، فضلا عن كونه أصبح منجما خرّج عددا من الأسماء التي باتت فاعلة اليوم في المشهد التشكيلي التونسي ليس محليّا فقط بل وعلى المستوى العربي والدولي.

و قد استقبل المركب الثقافي بالمنستير عددا كبيرا من المبدعات العصاميات في التعبير التشكيلي، وذلك على مدى أيام 25 و26 و27 نوفمبر الجاري، حيث تلتئم فعاليات الدورة السادسة عشرة من الملتقى الوطني للمبدعات العصاميات في التعبير التشكيلي.

وانطلقت الفعاليات يوم الجمعة 25 نوفمبر في الثالثة بعد الظهر باستقبال المشاركات بالمركب الثقافي، وفي السهرة التئم "لقاء المبدعات" حول البحث عن الذات وتنوّع الآفاق التشكيلية. و في اليوم الثاني بدأت الفعاليات في التاسعة صباحا بافتتاح عمل الورشات الجماعية تحت عنوان "مساحات في التعبير التشكيلي الحر بفضاءات المركب الثقافي، وهي ورشة الرسكلة وتطويع المواد بإشراف الفنان محمود الخليفي وورشة الحفر على المعادن "ظلال وإضاءة" بإشراف الفنان عبد العزيز المعلال وورشة الفسيفساء بإشراف الفنان كريم كريّ وورشة التصوير الفوتوغرافي (نظرات متقاطعة) بإشارف الفنان عمر عبادة حرز الله وورشة الرسم المائي (مناجاة الألوان) بإشراف الفنان ياسين قلالة، في الخامسة مساء تمّ الإفتتاح الرسمي بتدشين المعرض الجماعي الذي حمل عنوان "فينوس... وهواجس الجمال في التعبير التشكيلي"، وفي العاشرة ليلا قدمت مداخلة علمية بعنوان "الممارسات الجديدة في الفنون المرئية" من قبل الأستاذين سامي بشير وسكينة ساسي ثمّ قراءات في أعمال المبدعات بإشراف الفنانين الصادق قمش وسامي بشير.

اليوم الختامي للتظاهرة انطلق في التاسعة صباحا بمواصلة أشغال الورشات وعرض أعمالها تحت عنوان "تصوّرات ورؤى فنيّة" وفي الخامسة مساء انتظم حفل الإختتام بعرض موسيقي بعنوان "نساء بلادي" لمجموعة الشباب للموسيقى العربية وتخلّل الحفل تكريم المشاركات في الملتقى وتسليم مديالية اللمسة العصامية وتكريم قيدومة العصاميات.

هذا الملتقى مناسبة بارزة في المشهد التشكيلي ويمكن القول أنه من المهم التفكير في متحف ومكان يحوي الأعمال والاستفادة من عرضها في مدن تونس وخارجها للاطلاع على حيز مهم من ابداعات المرأة بتونس الأصالة والفن والجمال والهوية.
هكذا تسافر المنستير مع النسوة في حلهن التشكيلي و ترحالهن الفني حيث المكان تلوين و تشكيل و ...نعم ..يوجد في النهر مالا يوجد في البحر.

حول الموقع

سام برس