بقلم / حمدي دوبلة
سأل الامير الاندلسي الشاب والده الملك السجين بعد ان ذهب ملكهما وتهاوى سلطانهما وزُجً بهما خلف القضبان "ياأبتاه ماالذي يحل بنا اليوم ولماذا تبدًل عزنا ذلاً وغنانا فقرا وتغير كل شئ في عشيةٍ وضحاها؟"
اجاب الملك المكلوم والالم يعتصر قلبه:ياولدي لعلها دعوة مظلومٍ سرت في ليلٍ اظلم"

اجابة هذا الملك المكلوم انطوت على كثير من مشاعر الندم والحزن والمرارة لكنها حملت ايضا عظاتٍ وعبرا ومعاني لايعقلها الا من كانت لهم قلوب يفقهون بها وعيون يبصرون بها واذان يسمعون بها من ملوك وحكام هذا الزمان.
 
تذكرت هذه القصة القديمة وانا اتابع قبل ايام فيلما وثائقيا على قناة المسيرة الفضائية بعنوان "خديجة" ويحكي عن الرضيعة خديجة وهي الناجية الوحيدة من افراد اسرتها اثر غارة لطيران العدوان استهدفت منزلهم في قرية بوادي صبر بمحافظة صعدة.

كانت المشاهد مؤلمة ومؤثرة للدمار والخراب الذي حلً بمنازل البسطاء في تلك القرية التي تعرضت لثماني غارات كاملة اتت على البشر والحجر في تلك البيوت ولم تستثنِ حتى المسعفين قبل ان يغامر احدهم وسط القصف الى الانقاض بعد ان سمع بكاء الطفلة وصرخاتها من تحت الركام ليتمكن من انقاذ الرضيعة خديجة التي نجت باعجوبة من حمم وشظايا الموت القادمة من طائرات الحقد الاعمى.

عناية الله وحكمته شاءت لهذه الطفلة التي لايتجاوز عمرها بضعة اشهر ان تنجو لكن جميع افراد اسرتها ارتقت ارواحهم  الى الخالق العظيم لتبقى هذه الرضيعة شاهدا حيًاًعلى بشاعة ووحشية وغباء العدوان ولعنةً تطارد قاداته من القتلة والمجرمين ابد الدهر.
 
ماساة هذه القرية وحالة الطفلة خديجة ماهي الا واحدة من مئات والاف الجرائم والفضائع التي يقترفها الطيران السعودي بحق الابرياء من ابناء الشعب اليمني وبشكل شبه يومي منذ اكثر من 22شهرا ولايزال حتى اللحظة يستهدف بيوت الناس  مع علم الجميع بان المنازل حتى وان كان اصحابها من القادة العسكريين والسياسيين فانه لا يوجد فيها غير النساء والاطفال وبعض المؤن الغذائية والاثاث المنزلي مثلها مثل اي بيت في الخليج وفي جميع بقاع الارض.

مع كل جريمة يرتكبها النظام السعودي في اليمن يتزايد اعداد الضحايا المظلومين وتتفاقم الام الابرياء وتتعالى اصواتهم بالتضرعات والابتهالات الى المنتقم الجبار الذي يقول في حديثه القدسي"اشتد غضبي على من يظلم من ليس له نصير غيري" وهؤلاء الايتام والثكالى والارامل لم يعد لهم الا الله بعد ان انساق العالم كله وراء بريق المال السعودي الذي اخرس الالسن واعمى الابصار عن مايجري في في هذه البلاد البائس اهلها على ايدي اشقائهم المترفين.

اعلم متيقنا بان القادة السياسيين والعسكريين في تحالف العدوان لايكترثون لدعوات الناس ولايلقون بالا لتضرعاتهم ولا لسهام الليل المحرقة ويعتبرون  كل ذلك نوعا من الترهات لكنهم يجهلون بان دعوة واحدة من كبد ام محروقة بقتل فلذة كبدها ظلما وعدوانا كفيلة بان تحيل ممالك وامبراطوريات  عظمى الى اطلال وخرابات وان تزلزل عروشا وتحرق قلوب الطغاة والمستبدين وتبدل عزهم ذلا وغناهم فقرا وقوتهم ضعفا وامنهم خوفا  وتجعل من جيوشهم وسلطانهم  هشيما تذروه الرياح ..ولله در الشاعر العربي القديم حين يقول:
لاتظلمنً اذا ماكنت مقتدرا فالظلم آخره ياتيك بالندمِ
تنام عيناك والمظلوم منتبهٌ يدعو عليك وعين الله لم تنمِ.
*نقلاً عن صحيفة الثورة

حول الموقع

سام برس