بقلم / حمدي دوبلة

هناك في الساحل الغربي لليمن حيث تتناثر قرى الصيادين التقليديين على امتداد الشاطئ الجميل للبحر الاحمر وحيث كان جمال الحياة البسيطة يتراءى في كل مكان يحاكي صفاء البحر وعنفوان الامواج ورقة النسيم العليل الذي يداعب اغصان الاشجار ويبعث التفاؤل في نفوس الصيادين المتطلعين الى رزق جديد من عطاء البحر مع اشراقة كل صباح وطلوع كل شمس جديدة


هذه الصورة الرائعة الجمال لحياة الصيادين ذوي السواعد السمراء والقلوب البيضاء اصبحت اطلالا وذكريات من الماضي القريب ولم يعد لها وجود على الواقع اليوم فقد احال العدوان حياتهم البسيطة الى كابوس مرعب وجحيم لايطاق وحكم على هؤلاء الناس الابرياء الذين يصل اعدادهم مع اطفالهم واسرهم الى قرابة المليون نسمة بالموت الجماعي بعد ان قرر وببجاحة غير مسبوقة في تاريخ الحروب والصراعات الانسانية عبر العصور بمنع الاصطياد وقصف اي قارب تقليدي يخالف هذا القرار سعيا وراء لقمة العيش.


قرارالعدو السعودي بمنع الصيادين من ممارسة مهنتهم وحرمان اطفالهم من لقمة العيش غريب ومبرراته سخيفة ولايقبلها عقل او منطق فبارجات هذا العدو المتغطرس تحتل مياهنا الاقليمية وطائراته تحوم في كل مكان وبامكانه احتجاز القوارب وتفتيشها ومعاقبة كل من يثبت تهريبه للسلاح واظهار المهربين ومايهربون من اسلحة على شاشات الفضائيات التابعة لامبراطوريته الاعلامية الضخمة واقناع العالم بمصداقية مزاعمه حول هذا التهريب الخيالي الذي يستحيل تماما ان تقوم به هذه الزوارق الخشبية البسيطة التي لايُعقل ابدا ان تخوض رحلات بحرية لمسافات بعيدة لتاتي بالسلاح من ايران اوغيرها حسب مايردده العدو من ترهات وتخرصات لاوجود لها الا في عقليته المريضة.


الماساة الانسانية التي يعيشها الصيادون جراء حصارهم ومنعهم من ممارسة مهنتهم جريمة حرب كبرى وابادة جماعية تتم اليوم امام اعين العالم الذي تشدق طويلا بحقوق الانسان والانسانية لكنه صمت امام الريال السعودي واغمض عيونه عن رؤية الفظائع والانتهاكات الجسيمة التي يرتكبها بحق الابرياء من ابناء الشعب اليمني بمن فيهم هذه الشريحة الاجتماعية البائسة التي تئن دون ان يسمع انينها احد وتستنجد وتستغيث ولامنجد ولامغيث.


كنت الاسبوع الماضي في زيارة خاصة للاهل في تلك الشواطئ المحاصرة وجلست مع كثير من الصيادين وسمعت الى شكاواهم ومعاناتهم جراء الوضع القائم والاجراءات التعسفية التي اتخذها العدوان بحقهم لكن مالفت انتباهي حقا هو مقترح طرحه صياد قامت الطائرات السعودية بقصف قاربه الخالي وهو على الشاطئ في المخا وفحواه ان الصيادين على امتداد الساحل الغربي باتوا على استعداد للمغامرة بقواربهم واطفالهم والذهاب بشكل جماعي الى مضيق باب المندب ووضع حاجز بالقوارب والاطفال ومعهم اللافتات والشعارات التي تناشد العالم بالعمل على وضع حد لمعاناتهم امام بواخر النقل التجاري في تصعيد يبدا بمنع مرور البواخر لساعات وصولا الى المنع الشامل للحركة البحرية في المضيق اذا لم يحصلوا على اي تجاوب او حلول لهذه المشكلة التي تهددهم بالفناء والهلاك وكل مايطلبه هؤلاء الضحايا من منظمات المجتمع المدني ومؤسسات حقوق الانسان في الداخل والخارج ان يعملوا على المشاركة في التحضير والتنسيق لهذه الفعالية الكبرى والحضور الرمزي فيها واشعار المؤسسات الحية حول العالم باقامتها وتامين التغطية الاعلامية المناسبة لها لعل العالم يلتفت الى هذه الحالة الانسانية ويصحو الضمير الانساني من هذا السبات العميق!


لم يكن بمقدوري ان اقدم شيئا للصيادين سوى وعد قطعته بالعمل على ايصال هذه الرسالة وهذا المقترح الى الراي العام عبر عمودي في هذه الصحيفة الغراء وهاانا انجز الوعد وكلي امل في المؤسسات الرسمية والمدنية التعاطي الايجابي مع مقترح الصيادين فعساهم ان يفلحوا في لفت انتباه العالم اليهم والى معاناتهم التي طال امدها واستفحلت في ظل عنجهية وكبر وغرور العدوان السعودي الغاشم.


*نقلاً عن صحيفة الثورة

حول الموقع

سام برس