بقلم / معاذ حمود الخميسي
– هو الموت حق على كل البشر..ولن ينجو منه أحد..ولكنه الألم حين يباغتك فجأة ويسقطك أرضاً دون أن تستوعب ما تسمع..أو تصدق أن ذلك الإنسان البهي..النقي..الوفي..المحب..الودود..قد غادر الحياة ولن تحظى برؤيته مرة ثانية..!

– تعطلت لغة الكلام..ولم أعد أسمع سوى ذلك النحيب المتقطع لابن أخيه..أخذني الذهول في لحظات قاسية إلى أن أستحضر وجهه وابتسامته وتلك النظارة التي لم تفارقه منذ أن عرفته وأنا صغير السن..واللقاءات التي كانت تجمعني به في التلفزيون عندما كان مسؤوله الأول أو المؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون التي كان نائب الوزير فيها..أو في أي فرح في ديارنا يكون فيه أول الحاضرين..أو أي حزن يواجهنا وهو إلى جانبنا مواسياً ومعزياً..واتصالاته الدائمة يسأل ويطمئن..ورسائل الموبايل..وحضوره الدافئ..ووفاؤه النادر..وحميمية علاقاته مع الجميع.

– لقد مات المسؤول البسيط..والرجل الأنيق..والوجه البشوش..والقلب المحب..علي أحمد إسحاق..مات ولم نعرف أن المرض داهمه في أيام قليلة..وأغمض عينيه إلى الأبد..وارتاح من هم الدنيا..ومتاعب الحياة..وقسوة حالنا وأحوالنا.

– منذ عرفته..وإلى آخر يوم التقيته في وفاة (صهري) قبل أربعة أشهر..وهو ذلك الإنسان الذي لم يتغير..ولم تبدله السنين..وكم كنت أفخر به نموذجاً في الهدوء والإتزان والفهم والود والاحترام والحرص والتواضع والوفاء..على عكس بعض زملاء له كانوا في يوم من الأيام وزراء أو وكلاء وغادروا كراسيهم واللعنات تلاحقهم..لا إنسان يعيش بداخلهم..ولا قيم حب وخير تحكيهم..ولا فهم ولا حرص ولا إخلاص يقدمهم..ولا ذكرى طيبة تركوها سوى ما اشتهروا به من العجرفة والتكبر والشخيط والنخيط..وما تسببوا فيه من أوجاع للآخرين..!
– ها أنا على امتداد النظر أحلق بعيداً ولا أكاد ألمح جنازته..وهذه الأمة التي حضرت لتشيعه من أين أتت..وكل هذا الحب والوفاء..صورة نادرة جداً لا نجدها إلا مع من أحبهم الله..فأحبهم عباده..!
– ليت كل من مر أو سيمر على كرسي المسؤولية وحضر أو عرف أي تشييع عظيم ناله علي أحمد إسحاق يتعظ ويفهم ما الذي يتبقى للإنسان في الدنيا بعد أن يغادر..الدعوة بالرحمة..رحمة الله عليه ومغفرته ورضوانه..والذكرى الطيبة..كان فاضلاً..وودوداً..ومحباً..ومنفقاً..ونقياً..وتقياً..وكان إنساناً رائعاً ورجلاً وفياً..فما الذي سيبقى في الدنيا لمن لا تتبعه دعوة بالرحمة..ولا ذكرى طيبة..!!
– دمعت عيناي وأنا أفجع بوفاته..وحزنت وتألمت لأن النبلاء..والرجال الأوفياء..يغادرون..يتركوننا نعاني حين نخسرهم..وعندما لانجد آخرين في مستوى نبلهم وتعاملهم وصدقهم وصفاء نفوسهم ونقاء سريرتهم..!
– سيظل وجع رحيلك يسافر في أزمنة الروح أستاذ النبل والحب والود..والنقاء والوفاء علي أحمد إسحاق..تغشاك الله بواسع الرحمة والمغفرة..وأسكنك الجنة.

*نقلاً عن صحيفة الثورة
ا

حول الموقع

سام برس