سام برس
مقال رائع للكاتب والصحفي الكبير نبيل الصوفي وتحليل منطقي من أرض المعركة وتقرير حقيقي ونقد بناء ورؤية واقعية واختزال عظيم لمايدور في جبهات رجال الرجال في المخا وذوباب ونهم وصرواح وغيرها  من جبهات الشرف والعزة والصمود والكرامة والفخر واستغلال تجار الحروب والخونة للبلد لمعاناة الناس البسطاء  ولاهمية الموضوع.. تتشرف هيئة تحرير  " سام برس " بنقل هذه الصورة المشرفة والقلم الامين والمشهد العظيم الذي عايشه الاستاذ نبيل الصوفي من ارض معركة الكرامة والتحرير   ،  

صنعاء تخمد في الواحد أي حماس من الميدان، سواء كان حماسا للحديث عن الايجابيات او حماسا لكشف السلبيات..
صنعاء لها أجندة مختلفة، كأن هذه المدينة تقول لنا جميعا: كل واحد يوبه لنفسه، ماحد يقدر "يرد السيل مطلع"، أوبه لنفسك لما يجف السيل، وبعدها تلاقي الوقت والقوة لاعادة البناء..

كتبت منشور واحد عن قليل من السلبيات في جبهة، والباقي أكثر بكثير..

بكل بساطة، قلتها من قبل في بوستات سابقة، أن البطولات الاسطورية هي وحدها التي تنتصر في المخا، أما مارأيته في ميدي ونهم وصرواح، من تنظيم ومن صفاء في ادارة الجبهات، لاوجود له في المخا..

وللعلم، هذه أول جبهة أزورها في "تعز"، وقت اشتعالها، زرتها المرة السابقة وهي هادئة، العدوان جعلها في وضع "صامت"، فانشغل رجالنا بمصالح وصراعات، ودخلوا في منافسات حتى المهربين الذين كان لهم الدور الأكبر في ادارة الميدان طيلة سنة وصولا الى دورهم في تسيير جبهة السلفية الجنوبية وصولا الى المخا.

نعم، البوست الذي كتبته تحول اخبارا سلبية، لدى العدوان، ولكن العدوان بكله غارق اصلا في الهوشليات والاكاذيب واللصوصية، هو يستخدم اي شيئ ليغطي عن سوئه، ولايهمنا هذا..

الذي يؤسف له، هو أن جبهة المخا الى اليوم لاتزال بذات الوضع.. لم يتغير شيئ.
ليلة الجمعة قبل الماضية، كان عبدالملك الحوثي، يتحدث عبر التلفزيون، بما حوله العدوان أيضا أخبارا عن الهزيمة، وتناولته كل وسائل العدوان الاعلامية.

الشليمي حلل للعربية، وعكاظ عملت تقرير خاص عن خطاب الانهزام..

التقرير الذي بثته قناة يمن شباب، عن هذا الخطاب ذكرني باذاعة "عدن" وهي تخطب قبيل هزيمة مشروع الانفصال وهرب الرئيس علي سالم البيض، ضد "عصابة ال الاحمر". لغة جوفاء فارغة تشفي غليل مهزومين بالحديث عن النصر.

ومع حدة ذلك الخطاب، لاتزال جبهة المخا، حتى اليوم، تتكئ فقط على ارواح الرجال الذين يخوضونها كمعارك كرامة شخصية..

المخا هي آخر ميادين المنطقة العسكرية الرابعة، وبعدها بعشرين كيلو، تبدأ حدود المنطقة العسكرية الخامسة. ولا ادري هل هذا يبقيها معلقة بين الجميع، كلهم يدفعون الثمن ويجاهدون ويستشهدون، ولكن لا احد قادر أن يكون الادارة العليا.

فيها ثلاثة قادة عسكريين وعدد اكبر من قيادات لجان شعبية وأمنيات، كل واحد يقدم مايقدر عليه، ولكن المشكلة أنه هو الذي يقرر ان هذا يقدر عليه او هذا أكبر من قدرته.

المخا، ساحل يتبع قطاع الدفاع الساحل، الذي تشتكي قياداته من الاهمال والتهميش، ومع ان مدفعيتها هي التي ظلت المخا تسمعها ليل نهار في مقاومة العدوان، لكن حين تزور مواقعها ترى كأنها تقوم بعملها تطوعا، بجهد ذاتي، يقاتل افرادها ثلاث مرات، مرة ضد العدوان ومرتين ضد الاهمال والتهميش الداخلي.

والمخا، بحر، يتبع القوات البحرية، التي يقودها نائبها، ورأيت قائدها مرة واحدة لم اعتقد أنه "القائد" أبدا.. ربما هو بنفسه يتخفف من الحديث عن التراتبية الادارية، كانه يقول: الان حرب وعدوان، مابنتضاربش من يكون القائد، المهم قوموا بالواجب، وسأدعمكم بصمتي.

لم اسمع اسمه في طول الجبهة وعرضها اطلاقا.. كلهم لجان وجيشا، برية وبحرية يتحدثون عن المعين كنائب لقائد القوات البحرية.

من الانصاف الحديث عن أن هذا النائب، يبذل جهدا جبارا، وميدانه أكثر الميادين انضباطا ويجمع الكثير من كوادر الجيش الى جانب اللجان الشعبية، ولكنه اصبح قائدا أكبر من القائد العسكري، هو أشبه بكونه الرجل الاول في الحديدة كلها.. وهي مهام كثيرة على رجل واحد في ميدان شديد التعقيد وعليه كل هذه الحرب الكونية ليل نهار..

جبهة المخا، بقت صامتة، وليست صامدة، صامتة لمدة عام تقريبا، منذ ان تم ردع العدوان الاول الذي كان وصل حينها الى مفرق العمري..

ابقاها العدو صامتة، حتى تمكن من مفاتيح العمل هناك.. وهم تجار البحر، الذين جروا كثير من رجالنا الى ميادينهم التجارية، ثم بعدها تركونا وانضموا للجبهة الأخرى، مرة متعذرين بالتضييق عليهم ومنافستهم من رجال يعملون باسم مقاومة العدوان، ومرة بحجة أن العمل "الأمني"، صار أجدى من العمل التجاري، وبدلا من "تهريب البضائع واللاجئين"، صاروا يعملون ضمن خطط ومخططات العدوان. وللان ارى واسمع وأقرأ شكاوى الاهالي من سوء الادارة الامنية لعلاقتنا بالمواطنين الصامدين، وبالمهربين على حد سواء.

في زيارتي الاولى قبل قرابة العام، كانت الخطط تقضي باستعادة السيطرة الادارية على "ذوباب"، بل وقطع طرق الامداد على العدوان من داخل البريقة.
ولكن كل شيئ بقي على حاله واكتفينا بالسيطرة النارية.
سأتوقف عند هذا الحد..

وليت ان من ينشغلون بالحديث عن نوايا كاتب هذه السطور، والحملات ضده، ينشغلون بدعم جهد الرجال وجهادهم.. كل بمايقدر عليه لدعم ضبط واعادة ترتيب واحدة من أهم جبهاتنا الاستراتيجية.

الحديث عني، غير مجدي ولا مفيد، وحتى لو صح أني "مندس اعمل لصالح العدوان"، فاذا هي فرصة ترون جبهتكم بعين "عدو"، تصلحون شأنها وتقوون ادائها..

اما الرأى العام، فنحن لسنا في معركة انتخابية، والانتصارات والهزائم في مواقع الاخبار لاتودي ولا تجيب.. فماعلى الميدان، وحده يكتب الحقائق..

وهذه مقتطفات من خطاب عبدالملك الحوثي، بعد اسبوعين من بدئ الحرب على المخا، وقبل اسبوعين من اليوم.. هي محاضرة تتبعت كل التفاصيل، من تجاهل المبادئة الى ضعف في الادارة، وان كان، الرجل اتكئ بعدها، على الأهم وهو عزيمة وصبر ووعي المجاهد الفرد، فقي النهاية القيادات قد تدخل الخطاب من اذن وتخرجه من الاخرى، ولكن الصامدين وحدهم يتصرفون كان كل واحد منهم معني بتنفيذ الخطاب لوحده، اتحدث عن رجال لاتساوي عندهم المكاسب والمصالح شيئا، ربما لايطالبون باكثر من قوت اليوم، وهو قوت لو تعملون قليل، ملعقتين رز ونصف حبة بطاط، والباقي سلاح لـ"تفعيله":

* كان بالإمكان أن يكون مستوى الصمود ومستوى الثبات ومستوى التصدي ومستوى الموقف بأفضل مما هو عليه بالنسبة لنا في هذا الشعب، كان بالإمكان أن يكون الموقف بأكثر من مجرد الصمود.

* الناس الكسلون الناس الخاملون الناس الذين يفقدون الروحية العملية والطموح والهدف العظيم والدافع القوي، الناس الذين تغلب عليهم الوهن والكسل والفتور لا يمكن أن يتحقق على أيديهم خيرٌ أبداً.

* بعضهم قد يصل إلى الجبهة ويجلس في طرفها ليلة ومابلا بايسمع أصوات القوارح يسمع أصوات القرح وما يتحمل إلا إلى الصباح ويغادر، يعني هذا إنسان ماعنده ولا نسبه 1% من التحمل ماعنده عزم ماعنده إرادة ماعنده قوة نفس، خامد على حسب التعبير المحلي بماتعنيه الكلمة، ماقد بلا يسمع القارح ويكون في خارج الجبهة ومايصبح على الصبح وعاد يتحمل إلى ثاني يوم، أو تتأخر عنه الوجبه يوم من الأيام وجبة طعام أو كذلك يتأخر عنه الماء وجبة الغداء أو وجبه فطور أو غير ذلك مايطيق البقاء، هذا (مهتبط) لا به هدف كبير ولا به موقف عظيم ولا به توجه واعٍ ولا أي شي.
رحله وعجال على رحلته يعود منها.

* الذي لا يمتلك الإرادة القوية ولا العزم ولا الهمة ولا الوعي اللازم ولا القناعة الكافية، إذا رأى أي عمل مهما كان عظيماً مهما كان مفيداً مهما كان مثمراً مهما كان منتجاً يرى فيه شيئاً من التعب يتهرب، يعني عنده خوف فظيع من التعب، تهرب شديد من التعب أي شيئ فيه تعب ما يشتيه أبداً، لو يمكن يدخل القدس ويفتحها ويطرد الصهاينة منها ولكن به تعب في الموضوع مايشتي أبداً.
* الناس عليهم أن يحذروا الضعف النفسي، أو الانخفاض في منسوب الوعي ومنسوب العزم، ومنسوب الهمة ومنسوب القناعة الإيمانية والفهم.

* الله يريد منا أن نتحرك بفاعلية، ليس أن نتحرك دعممة، كيف ما جاء، ولا نتحرك بضعف ووهن، خامدين، أو تالفين، ما نشتي نتحمل شيء، ولا نشتي نتحمل متاعب، لا، نتحرك بمعنوية عالية، بطاقة وقوة تحمل في الميدان، وبرؤية عملية عن الواقع عن الأحداث، عن التدابير العملية اللازمة في الميدان.
* أمامك خيارات كثيرة وجملة من التدابير، (في مواجهة التفاف العدو) أن تمتلك في الجبهة قوة احتياط، أن تتصدى بها لأي حالة التفاف.

أحيانا يعتمد العدو على أسلوب الاختراق بدلا من الالتفاف، هذا يعني أنه يبحث عن نقطة ضعف، ويلقي بثقله العسكري في الضغط عليها، تستطيع في مثل هذه الحالة أن تدعم موقفك في نقطة الضعف تلك أن تعمل التفافات وأن تشتغل ضمن خيارات كثيرة، كثير منها كتب عنه وأعد عنه في الدورات والتعليمات العسكرية، يعتمد على المعلومات بشكل كبير وأساسي، أن يعرف الجبهة أن يعرف الميدان، أن يعرف نقاط الضعف نقاط الخلل، أن يعرف الانتشار للسلاح، للعتاد ثم يعمل على استهدافه حتى يشل قدرتك النارية، ثم يعمل على التقدم، أمامك خيارات كثيرة وتدابير كثيرة في مواجهة هذا، أمامك الإجراءات الوقائية، إجراءات التمويه، إجراءات كثيرة تستفيد منها في مواجهة الرصد والنشاط المعلوماتي.

* الاستراتيجية القرآنية تعتمد على الفعالية العالية في المواجهة، والتصدي للعدو لأنها لا تفترض منك أن تكون راكدا في الميدان وجامدا، ومنتظرا للعدو لينفذ خطواته خطوة إثر خطوة، ويشتغل مرتاح، لا، الاستراتيجية القرآنية تحركك بفعالية للتصدي لعدوك، ابتغاء القوم، الاستهداف لهم، الاستهداف والملاحقة على طول، على طول، على طول، بدون وهن، بفعالية عالية، بصلابة وقوة، ولا تهنوا في ابتغاء القوم، على طول استهدفوهم، كونوا فعالين في ملاحقتهم.

* إذا كانت جهتك أنت أو جبهتك أنت أو ميدانك أنت في حالة سكون وركود وجمود، ليس ميدانا ساخنا على العدو، فاعلا في مواجهته، هذا يطمعه، هذا يعطيه الفرصة، ليشتغل كما يحلو له ويخطط كما يرغب، ويتخذ خيارات ويصنع خيارات ويصنع فرصا في مواجهتك، لكن إذا كنت أنت في حالة مبادرة دائمة تستهدفه على طول، وتستغل كل الفرص، وتعمل على صناعة الفرص.
* من صفحة الكاتب النبيل

حول الموقع

سام برس