بقلم / عبد الرحمن بجاش
محمد ولد عمره لا يتجاوز الثانية عشره , امه مريم , ومريم فتاة بسيطه , لعلكم تتذكرون انني كتبتها هنا باحرف من دمي , والكاتب حين يقول من او بدمي فلا يقصد الدماء الحمراء التي تسيل في شعابنا للانسان اليمني المقهور , هو الحبر الذي به راس القلم , ويؤرخ للحظه , البرتو مورافيا ذلك المؤرخ الايطالي الشهير , هو من قال : (( الصحفي مؤرخ اللحظه )) وهو قول سديد لو تعلمون !!! .

مريم الطيبه وهي من المحويت انجبت محمدا , والى جانبه تاج , التي اسمتها على اسم ابنتي , تعبيرا عن التماهي القائم بين بيتنا وهذه التي اصبحت امراه , هي وتاج ابنتها ايضا تنحت الصخر وراء اللقمة الشريفه , وعلى ذكر اللقمة الشريفه فقد احسست وصديق العمر المهندس ياسين مهيوب بالنار تاكل احشاءنا عندما قبل لحظات من نهار امس لم نستطع ان نمد بايدينا شيئا لفتاة شابه تمد يدها في الشارع جوعا !!! , قلت لها : ماذا نفعل , نحن بلا مرتبات , بكل ادب وهدوء قالت : ربنا يفتح علينا جميعا , لحقتها بكلمتين : لا احد يسمعك , فقد قال من قال ان من يطالب بمرتبه (( طرطور )) !!!.

محمد او كما نناديه (( حمًادي )) , نشيط , ذكي , يحرث الشارع حرثا بدراجته الهوائيه , سمعته قبل ايام ولفت نظري , وسألته , سمعته يقول لواحد من الاولاد : انا شنجح وانت اهديني لوح طاقه شمسيه .

الحمادي شعله من النشاط , جريئ , لا يخاف الطائره عندما تمر فوق الرؤوس , بل تراه يبتسم حين اساله : الا تخاف ؟ يرد : لا , تراه يهب الى المخبز ليجلب الخبز , يعود الى عند البهارات , الى البقاله , ينادونه من بيت الجيران , فلا يتردد من ان يذهب الى اين يريدون , يصر على ان يجلس للغداء وحده , نناديه نحن ان يجلس الى جانبنا , يابى ذلك , ربما له خصوصية ما , نحن نحترمها , والحمادي لا ياكل كثيرا , وعندما اوقفته بعد غداء امس الاول , سالته : ماذا طلبت من هشام اذا نجحت ؟ , قال : لوح طاقه , قلت : ماذا ستفعل به ؟ , قال : اضوي البيت لابي وامي , قلت في سري وجِدتك , بدى الحمادي بحلمه البسيط مرتاحا , فقد ايقن ان هناك من يسانده , انا ساسعى لان يتوفر للحمادي لوح الطاقه يستضيئ بنور الشمس كلمات واحرف كتبه .

حلم بسيط , يعكس احلام البسطاء بالمجمل , من يريدون فقط ان ينامو بلقمة تسكن بطونهم , لا يريدون ولا يستطيعون للفلل والعمارات وسيارات ابو مائة الف دولار , احلامهم بسيطه كحلم مجنون حجه (( ربطه وخبزه ))وان تنتهي الحرب , احلام لا يحس بها سوى من يسكن اعماقهم الانسان .
لله الامر من قبل ومن بعد .
* من صفحة الكاتب بالفيسبوك

حول الموقع

سام برس